تقديم وثيقة الاستقلال … اتصالات سرية بين محمد الخامس والوطنيين

أعادت شهادات وتأملات كثير من القادة التارخيين ودراسات الباحثين، رسم صورة أخرى عن مخاض حصول المغرب على استقلاله، والتفاصيل الدقيقة لعلاقات متشعبة بين القصر الملكي والوطنيين منذ تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. ترى الباحثة آسية بنعدادة، في دراسة نشرتها وزارة الثقافة، حول العلاقة بين الملك الراحل محمد الخامس والوطنيين في فترة تقديم وثيقة الاستقلال، أن أهم محدد لهذه العلاقة تمثل في "التحام السلطان بالشعب الذي لم يكن وليد سنة 1944 حيث قام محمد بن يوسف قبل هذا التاريخ بعدة محاولات للحد من سيطرة فرنسا، واستعمل عدة وسائل للوصول إلى هدفه، ذلك ما يؤكده تقرير وضعته مديرية الشؤون السياسية في 23 مارس 1945، وهو عبارة عن ملف سري يوجد في أرشيف إلكي دورسي بباريس". يشير الملف السري للأمن الفرنسي، حسب الباحثة نفسها، إلى أن الإقامة العامة الفرنسية ظنت أنها اختارت محمد بن يوسف لصغر سنه ومكنته من العرش، بدل أخيه إدريس، حتى تتمكن من فرض سيطرتها عليه، وتسخره حسب إرادتها، وذلك رغم معارضة بعض الشخصيات الفرنسية وعلى رأسها مارك مستشار الجهاز المخزني آنذاك، والذي تنبأ بالدور الذي سيقوم به هذا الملك، إذ يقول: "لاشك أننا سنتعب من تصرفات هذا الأمير رغم صغر سنه". لقد كان محمد بن يوسف، حسب الباحثة، واعيا بسيطرة فرنسا لذلك كان يحاول الحد من نفوذها بشتى الوسائل، إذ يذكر التقرير أنه أصبح ينتقد تجاوزات إدارة الحماية، ويناقش التعيينات، ويحتج على أساليب الطرد التي كان يتعرض لها الموظفون المغاربة، كما كان يلجأ إلى اتخاذ أسلوب المماطلة في التوقيعات، وذلك من أجل عرقلة السير العادي لإدارة الحماية. كانت زيارة محمد الخامس لفاس في 1934، حسب الباحثة نفسها، وحفاوة الاستقبال التي نظمتها الحركة الوطنية مع الشعب، البذرة الأولى في اتصال الملك بزعماء الحركة الوطنية، واستمر هذا الاتصال وتوطد مع الأيام بواسطة المذكرات والمطالب التي كان الحزب يقدمها للملك في عدة مناسبات، وكان السلطان يتلقى أخبار تحركات الحزب الوطني عن طريق أحد الموظفين الذين كانوا يدرسون بالمدرسة الخاصة لتعليم أبناء الملك وهو محمد الفاسي، وعن طريقه كان يرسل للحزب أخبار محادثاته مع الإقامة العامة في شأن إدارة البلاد. وتطورت هذه العلاقات إلى أن انتهت باتصال سري مباشر مع الهيأة المسيرة للحزب في 1943 حيث استقبلهم الملك في مخبأ خاص داخل القصر الملكي. وفي هذا اللقاء أقسم الطرفان على الإخلاص في خدمة الوطن، واتفقا على أن يستشير كل منهما الآخر قبل أي عمل وطني يقوم به. واستمرت الاتصالات ليلا في القصر بين الملك وأعضاء الحزب. وأسفرت عن بلورة مشروع المطالبة بالاستقلال وتحرير الوثيقة المشهورة التي أدت إلى إحداث حزب الاستقلال، وهذا التحالف الذي حصل بين الوطنيين الذين تزعموا التوقيع على الوثيقة. تم الاتفاق بين الملك محمد الخامس وزعماء الحركة الوطنية على الطريقة واليوم والساعة التي تقدم فيها العريضة، واعتبر يوم 11 يناير وهو اليوم الذي يستقبل فيه الملك المستشار الفرنسي المكلف بربط الاتصال بين الإقامة العامة والقصر الملكي، واقترح السلطان أن يستقبل الوفد الذي سيقدم له الوثيقة، قبل موعد المستشار بنصف ساعة ليطلعه على محتوى الوثيقة قبل أن تصل إلى الإقامة العامة. خالد العطاوي

تقديم وثيقة الاستقلال … اتصالات سرية بين محمد الخامس والوطنيين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك عصابة الشيكات والفواتير المزورة

أمني يحتجز ضابطا في "بسيج"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات