هكذا أطاحت شبكة “المزيوقات” بدركيين

أرقام هواتف عثر عليها في مفكرة المروج جعلت حماة للقانون محط شبهة في مشهد لا يختلف كثيرا عن شبكة «ولد الهيبولية»، وبعد فترة زمنية وجيزة لم تتعد شهرا واحدا، تسبب مروج مخدرات آخر، يعرف هو وأشقاؤه ب»المزيوقات» في متاعب عدة لرجال درك، بعد أن وجدوا أنفسهم مطالبين بتقديم أجوبة لرؤسائهم في القيادة الجهوية للدرك الملكي حول علاقاتهم المفترضة بتاجر المخدرات.قبل ذلك بسنوات، كان رجال الأمن والدرك الملكي بضاحية عكراش ينظمون حملات شبه يومية لإيقاف هذه العصابة، وإحالتها على العدالة. وفي كل مرة، كانوا يوقعون بعدد من مساعدي المروج، الذي كان يفلت بجلده في آخر لحظة، باعتباره يحصن نفسه بنظام مراقبة شديد الفعالية، ويخص العشرات من المجندين من أصحاب السوابق القضائية وغيرهم، الذين ينتشرون على سفوح جبال منطقة «عكراش» ويرصدون أي حركة «غير بريئة» لتبليغ «الرئيس الكبير» بها، حتى يتخذ احتياطاته اللازمة.وكانت عصابة «المزيوقات» تشرف على تزويد تجار المخدرات بالتقسيط بعدد من أحياء الرباط وسلا وتمارة والخميسات والقنيطرة، وحولت المنطقة إلى ما يشبه أحد أسواق المنطقة الشمالية بالمملكة، حيث تتراكم أكياس الحشيش والكيف، في انتظار الزبائن، إلى درجة ذيوع صيت الشبكة على صعيد الجهة برمتها. وكان كل من يلقى القبض عليه من طرف بعض العناصر الأمنية متلبسا بترويج المخدرات بالتقسيط، على مدى السنوات الخمس الماضية، يصرح بأنه يقتني «البضاعة» من عند أفراد هذه الشبكة.وقامت السلطات الأمنية الولائية بمجموعة من العمليات التمشيطية بالمنطقة، رغم أنها تابعة في الواقع لنفوذ الدرك الملكي، على اعتبار أن نفوذ الأمن الوطني ينتهي عند سوق شعبي، إضافة إلى صعوبة المسالك الجبلية ووعورة الطرق. وفي حال ما إذا رغبت الأجهزة الأمنية في مداهمة وكر من أوكار تجارة المخدرات في المجال القروي، يتوجب عليها، بقوة القانون، إشعار رجال الدرك الملكي.كما أن الموقع الذي تحتله عصابة «المزيوقات»، كان يطرح إشكالا كبيرا بالنسبة إلى الفرقة الولائية للشرطة القضائية، لكونه يكشف أي تحرك للشرطة القضائية، بصرف النظر عن المخبرين، الذين يبلغون تجار المخدرات بقدوم دوريات الأمن.كل هذا كان يحدث، فما الذي حصل حتى أحيل دركيون على البحث، للإجابة على ملابسات الرؤساء بخصوص ملابسات العثور على أرقام هواتفهم بحوزة مروج المخدرات الكبير، وكيف وصلت أرقامهم الهاتفية إلى مفكرته الشخصية. الإجابة كانت سهلة وبسيطة، وهي أن أرقام هواتف الدرك ورجال الأمن منتشرة بشكل كبير لدى عامة الناس، ومن السهل جدا أن تصل إلى «أيدي غير أمينة» قد تنقلها، لنوايا مغرضة، إلى مروجي مخدرات ومطلوبين في ملفات إجرامية، سواء من أجل الاتصال بهم عبر أرقام مخفية، للتفاوض معهم ومساومتهم للتخلي عن ملاحقتهم، أو لتهديدهم، بالانتقام، حتى يوقفوا حملات المداهمة والاعتقال التي ينظمونها ضدهم.وتكلفت بالأبحاث فرقة من الإدارة المركزية للدرك الملكي، نظرا لأن هذه الفرقة هي التي باشرت الأبحاث منذ البداية، ودخلت على الخط قبل أيام بتعليمات من الجنرال دو كور دارمي، حسني بنسليمان، بعد الاشتباه في تورط بعض عناصر الدرك الملكي في تسهيل عمل شبكة «المزيوقات» المكونة من عدة أشقاء، والتستر على أنشطتها.وكانت فرقة الأبحاث الخاصة للدرك الملكي نجحت في تفكيك شبكة «المزيوقات» بمنطقة «عكراش» ضواحي الرباط، الأسبوع الماضي، وأوقفت زعيمها، المطلوب في قضايا الاتجار في المخدرات وارتكاب جريمة قتل ذهب ضحيتها بارون مخدرات قبل أكثر من خمس سنوات، بعد السطو على «بضاعته» التي أحضرها من المنطقة الشمالية، ورميه من أعلى جبل بضواحي العاصمة، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة على الفور. وتحوم الشكوك حول أن يكون بعض رجال الدرك المعنيون بهذه التحقيقات يحصلون على كثير من المال من أجل رفع المراقبة عن الطرق الثانوية التي يسلكها تجار المخدرات، وعدم اعتقالهم تطبيقا للقانون.وكان زعيم شبكة «المزيوقات» موضوع حوالي 90 مذكرة بحث على الصعيد الوطني، لورود اسمه في عشرات الملفات المتعلقة بشبكات الاتجار في المخدرات، وعلى ألسنة عدد من المتهمين الذين وقعوا في قبضة الشرطة والدرك في أوقات سابقة، لكنه كان يعتمد خطة لتضليل الباحثين، ويخفي اسمه الحقيقي تفاديا لتحديد هويته من طرف الأمن وإلقاء القبض عليه، كما ورد اسمه في اعترافات مستهلكين أوقفوا في حملات تطهيرية، دون أن تتمكن أجهزة الأمن من إلقاء القبض عليه. وتبين أن الظنين متورط كذلك في جريمة قتل.وحجزت فرقة الدرك الملكي والمصلحة الولائية للشرطة القضائية بحوزة العصابة كميات ضخمة من المخدرات، عبارة عن شيرا وحبوب مهلوسة، وأسلحة بيضاء، كان يستعملها المتهم ومساعدوه في مهاجمة الشرطة والدرك والاعتداء على الخصوم، إضافة إلى مبالغ مالية، تبين أنها متحصل عليها من تجارة المخدرات، وهي الأشياء التي حجزت كلها لفائدة البحث، تحت إشراف النيابة العامة بمحكمة الاستئناف.ويذكر أن منطقة «عكراش»، التي تقع في ضواحي الرباط وسلا، تعرف حالة تسيب قصوى، وفوضى كبيرة وغيابا تاما للأمن، إلى درجة أن سكان المنطقة غالبا ما يستيقظون على إيقاع تبادل إطلاق النار بين قوات الدرك والأمن من جهة، وبين أفراد شبكة «المزيوقات»، الذين كانوا يتوفرون بدورهم على أسلحة نارية، من جهة ثانية. محمد البودالي

هكذا أطاحت شبكة “المزيوقات” بدركيين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

3 أسئلة: كل المواطنين سواسية أمام القانون

رجال الدولة.. مهام صعبة وأجور متواضعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات