خيانة

يحق لشعوب سبع دول عربية أن تعلن الحداد حزنا على موقف قادتها من المغرب... كما يحق لها الترحم على شعارات التضامن العربي والوحدة العربية والمصير المشترك. شكرا على خيانتكم، ففي الليلة الظلماء (يوم التصويت على ترشيح المغرب لاحتضان كأس العالم 2026)، افتقدنا لحكماء آل سعود، وبني هاشم، وآل نهيان، وآل خليفة، وآل الصباح، وقادة لبنان، والعراق، الذين عشقوا المغرب، فبادلهم الاحترام والإخلاص في محطات تاريخية صعبة. شكرا للسعودية على الخيانة... فقد اكتشفنا، يوم التصويت، أن "الشقيقة" في القاموس ترادف الخذلان، والتمر والحليب الذي نستقبلكم بهما يقابل بخناجر الطعن من الخلف، والحشود التي ترفع صوركم في طرقاتنا وتحزن لمصائبكم تستحق أن يداس على كرامتها وأحلامها.. فشكرا جزيلا لكم. اكتشف المغرب أن "لعبة" المصالح أقوى بكثير من رابطة الانتماء والدين. طبعا من حق السعودية اختيار حلفائها، لكن الحفاظ على شعرة معاوية يفرض عليها موقف الحياد، لا أن توزع الأموال وتقيم الموائد لحشد الأنصار لترامب ضد المغرب، وتسليط شخص يدعى تركي آل الشيخ يغرد نهارا في "تويتر" ضد المغرب، وينام في أحضان الصفقات ليلا. من حق آل سعود التصويت على ترامب، فذاك شأنهم. لكن الاستخفاف بالمغرب يستحق الرد، وإلا كيف نفسر عقد مؤتمر عربي في بلاد الحرمين، ويقسم الحاضرون فيه بالكعبة على مساندة المغرب، ثم يحمل السعوديون خنجرا لوأد كل الالتزامات العربية؟ ... أي ازدواجية في الخطاب واستهتار بالقيم، بل قل: أي انفصام في شخصية دولة كان المغرب يعتقد أنها أقرب إليه من حبل الوريد. لم نعهد فيهم الغدر، فاكتشفناه في كرة القدم، ولم نصدق الخبر، فجاءنا النبأ اليقين أن أصدقاءنا وحلفاءنا يعقدون الصفقات ويجيشون دولا ضد المغرب، فكيف نأمن لهم بعد كل هذا؟.... أبدا، فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، والحمد لله أن المغرب أدرك خبث الأصدقاء ومكرهم وجبنهم. ولأن ذاكرة المغاربة لا تموت ولا يصيبها التلف، فسنظل نتذكر خطيئتهم، كما نتذكر مواقف قادتهم التاريخيين النبيلة، وستردد الأجيال أن السعودية خانت "شقيقتها" رهبة من رئيس بلاد العم سام، وطعنتها بخنجر، ثم ابتهجت فرحا بدماء المحبة وهي تسيل. عزاؤنا في دول عربية كشفت عن معدنها النفيس، قاومت تهديدات ترامب، ولم تأبه بتغريداته، ورفضت الانسياق إلى حلف "خائني" المغرب... شكرا للجزائر، رغم خلافاتنا، وتونس الخضراء، وليبيا الجريحة، ومصر قلب العرب، واليمن وسوريا والسودان وجيبوتي والصومال وموريتانيا وسلطنة عمان وقطر وفلسطين الحبيبة... وطوبى لـ 65 دولة آمنت بالحق المغربي. درس التصويت لاحتضان كأس العالم كان قاسيا، لكن وراء كل نقمة نعمة، فترتيب العلاقات الدبلوماسية أصبح ضروريا، والرهان على دول كانت شقيقة أصبح من الماضي، فالوقت حان لبناء مفهوم جديد للعلاقات الإستراتيجية. إن لحظة التصويت في ليلة الغدر يلخصها الملك الراحل الحسن الثاني في "ذاكرة ملك" حين استشهد بمقولة "وليام شكسبير" حول علاقته بالجنرال الدليمي، قائلا:" اعصفي يا رياح وكوني عاتية، فلن تكوني أكثر قساوة من صديق خائن"... أما نحن فقد طعننا الأشقاء والأصدقاء.

خيانة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البراءة لمعلم بفاس

محاصرة "مافيا" القمح المدعم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات