حصان طروادة

تتواصل حرب كسر العظام بالخطوط الملكية المغربية التي يقودها قائدو طائرات وربابنة، بمختلف درجاتهم، يطالبون بزيادات "شبه خيالية" في رواتبهم تتراوح بين 15 ألف درهم و30 ألفا، علما أن أصغر ربان بالشركة يتقاضى أجرا يفوق أجر رئيس حكومة! منذ تأسيسها قبل 18 سنة، لم تتردد "الصباح" في الانحياز إلى المطالب الاجتماعية المشروعة للشغيلة المغربية في القطاعين العام والخاص وفي جميع المؤسسات العمومية وشبه العمومية. وقد واكبنا، على مدى سنوات، جميع الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات، وشكلنا صوتا للموظفين والمستخدمين والمظلومين والفئات الهشة في الصحة والتعليم والعدل والتجهيز والجماعات المحلية، وفي عدد كبير من الشركات، ضمنها الخطوط الملكية الجوية نفسها (معارك الربابنة والمضيفين والمضيفات). لكن، لأول مرة نشعر بأننا إزاء مطالب مستفزة تتجاوز سقف الحق المشروع في تحسين وضعية اجتماعية ما، إلى التماهي مع سلوك الابتزاز والجشع والرغبة في لي الأذرع، والتلويح بتهديد غير لائق (حتى لا نقول شيئا آخر) مفاده: "إما تزيدونا في الصالير، أو الطوفان". فما حملته بيانات الجمعية المغربية للربابنة و"مرافعات" بعض أعضاء مكتبها المسير، خلال الأسبوع الماضي، لا يمكن وصفه سوى بـ"العار" على جبين نخبة من الأطر ظلت محط احترام وتقدير من قبل جميع المغاربة لما تضطلع به من مهام ومسؤوليات جسام في تأمين سلامة المسافرين جوا، وصون صورة الشركة والمغرب في مجال دولي حيوي، ونظرا للكفاءات المهنية العالية التي يتمتع بها هؤلاء، ما يجعلهم قدوة لأجيال لاحقة من المتخرجين. وبسبب هذا التقدير، لم تتردد الدولة (عبر "رام") في التعبير عن سخاء كبير تجاه قائدي الطائرات والربابنة واستعداد دائم لتحسين وضعيتهم المادية والاجتماعية، إذ تصل رواتبهم، حاليا، بالنسبة إلى الفئة الأولى 150 ألف درهم، والثانية 100 ألف درهم، دون الحديث عن التعويضات والامتيازات الأخرى، ما يجعل هذه التركيبة الأجرية الأعلى، مقارنة مع دول مثل مصر والجزائر وتونس، وحتى اليونان وتركيا وإسبانيا! لكن، هذا "التقدير" لا ينبغي أن يتحول إلى "حصان طروادة" يختبئ داخله الربابنة لاقتحام أسوار الشركة في جنح الظلام، ثم الخروج من أجل التنكيل بها وفرض شروط تعجيزية والتهديد بتقديم استقالات جماعية والهجرة إلى شركات أجنبية منافسة. ففي جميع المفاوضات الاجتماعية وأدبيات الحوار بين الفرقاء، هناك مبدأ عام يحفظه النقابيون "المتمرسون" عن ظهر قلب اسمه السياق العام للمؤسسة الإنتاجية حيث يشتغلون، مع أخذ هذا المبدأ بعين الاعتبار خلال صياغة العرائض والمطالب واقتراح صيغ للاحتجاج. لا نعتقد أن الربابنة يجهلون الوضعية الحالية للخطوط الملكية المغربية والأزمة المالية الخانقة التي تمر منها، إذ نرتاب بأن الحركة الاحتجاجية غير بريئة، وهناك مخطط، ليس فقط لإرباك الحركة الجوية (عبر تقنية الشهادات الطبية)، بل توقيع صك إفلاس وشيك لشركة وطنية، لأهداف غير واضحة. نتمنى أن يكون تخميننا في غير محله، وإلا.. فلن نسامح.

المصباحي: الفكر الداعشي تغلغل فينا

الغرفة الجنحية وبطلان البحث والتحقيق

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات