اليمين يستعد للعودة إلى الإليزيه

أخطاء اليسار وصعود اليمين المتطرف الأوربي تهدد قيم التعايش بفرنسا بات المجتمع الفرنسي ومعه كل النخب السياسية، يعيش تحت خوف صعود اليمين المتطرف، في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأصبحت ماري لوبين، زعيمة الجبهة الوطنية حاضرة في متخيل جميع الفرنسيين، مع وصولها إلى الدور الثاني من الانتخابات التمهيدية. ويتخوف المتتبعون للمشهد السياسي الفرنسي، من أن يساهم الوضع الذي آل إليه اليسار الفرنسي، في ضوء التجربة المريرة لفرانسوا هولاند في الحكم، والتي تميزت بتقديمه العديد من التنازلات ذات الطابع اليميني المتطرف، من قبيل قانون نزع الجنسية من ذوي الأصول الأجنبية، الذي أفقده تعاطف اليساريين وأصواتهم، من أن يستثمر اليمين المتطرف هذا الوضع، ليصل إلى رئاسة الجمهورية. وبرأي المتتبعين، فإن وصول لوبين إلى الحكم، سيضع حزب الجبهة الوطنية في مواجهة قضايا الفرنسيين برصيد يمين متطرف مبني فقط على التخويف من الآخر، في غياب رؤى اقتصادية واجتماعية قادرة على رفع التحديات التي باتت تواجه الفرنسيين، بل أكثر من ذلك أن الحزب لا يتوفر إلا على أطر معدودة على رؤوس الأصابع، وبالتالي لن تجد من يساعدها على تدبير شؤون الحكم. والأكثر من ذلك، يتخوف الفرنسيون من أن يصل تيار إيديولوجي متطرف يحظى بتعاطف قوي داخل فئات أدت ثمن الإصلاحات الهيكلية التي عرفتها فرنسا، وأصبحت تعيش أوضاعا مزرية، تجعلها لا ترى الحل إلا في خروج البلاد من الاتحاد الأوربي، وطرد الأجانب، والعودة إلى سياسات الانكماش على الذات. وتواجه فرنسا اليوم خطر عودة اليمين إلى الحكم بعد تجربة فرانسوا هولاند، ، الذي شكل صعوده إلى الحكم، أملا لجبهة عريضة صوتت لصالحه ضد منافسه ساركوزي، إذ انخرطت الكنفدرالية العامة للشغل، أعرق المركزيات النقابية والتي لها أكثر من قرن ونصف من الوجود في الساحة الفرنسية، ولأول مرة في معركة دعم مرشح اليسار فرانسوا هولاند، لكن هذا المد اليساري، لم يعمر طويلا، إذ دخل هولاند قصر الإليزيه بأغلبية غير منسجمة إيديولوجيا، تتكون من تيارات متصارعة داخل الحزب الاشتراكي، ليجد الرأي العام الفرنسي نفسه أمام توافقات هشة غير قادرة على الصمود في سدة الحكم لمدة خمس سنوات، بين مونبورغ ورامون وفالس وفابيوس، وهي شخصيات لا يجمعها غير الانتماء إلى الحزب، بدون مرجعية مشتركة. وأمام هذه الوضعية، تنبأ المختصون في الشؤون الفرنسية أن هذه الخلطة لن تستطيع الصمود طويلا، نظرا لتباعد وجهات النظر في العديد من القضايا الحساسة اقتصاديا واجتماعيا. وفي المقابل، استغل اليمين بمختلف مكوناته، وضعية الضعف التي أصابت معسكر اليسار وغياب الانسجام بين مكوناته، وإخلاله بالتعاقدات مع الجناح الاجتماعي المتمثل في النقابات، والتي اعتبرت أن الإصلاحات المعلن عنها تخدم بالدرجة الأولى مصالح الباطرونا على حساب الفئات المتوسطة والدنيا، ليعلن نفسه بديلا في الساحة. ويرى المختصون أن زحف اليمين في فرنسا يتزامن مع انتصارات يمينية متطرفة في العديد من العواصم الأروبية، إذ أصبحت كل الأجوبة السهلة لدى النخب الأروبية هي السائدة، مثل الدعوة إلى الانسحاب من الاتحاد الأوربي، والعودة إلى الدولة الوطنية بحدودها التقليدية، والابتعاد عن كل التعقيدات الموجودة في العالم، أو التدخل فيها، لأنها تؤدي إلى إفلاس صناديق المالية العمومية، والعجز عن مواجهة المشاكل الداخلية. برحو بوزياني

اليمين يستعد للعودة إلى الإليزيه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السعودية تدعو إيران إلى مناقشة عودة حجاجها إلى أداء المناسك

جماعة المعاشات على صفيح ساخن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات