بعد أقل من أربعة أيام على البدء في وضع ترشيحات الراغبين في خوض انتخابات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي ستنطلق في 20 يونيو الجاري، استعرت حمى تلك الانتخابات لتصيب بعضا منهم، خاصة بعدما تقدم قاض بسيدي قاسم إلى رئيس المحكمة الابتدائية، أول أمس (الأربعاء)، من أجل طلب تعيين مفوض قضائي لإجراء معاينة واستجواب.وأفادت مصادر «الصباح» أن طلب المعاينة الذي أشر عليه رئيس المحكمة يخص فطورا جماعيا لقضاة الجهة نظموه أول أمس (الأربعاء)، ويخص بالتحديد استجواب محمد جلال الموساوي عضو المجلس الأعلى للقضاء، الذي اعتبر منظم الإفطار لفائدة 300 قاض، وأن الأمر يدخل في إطار حملة انتخابية سابقة لأوانها بشأن انتخاب ممثلي القضاة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. واستغرب القضاة تصرف زميلهم الذي بخس قيمتهم، واعتبر أن فطورا جماعيا دأبوا على تنظيمه كل سنة من شأنه أن يستميل أصواتهم في الانتخابات، مستغربين الأمر مادام لم يتم بعد الإعلان عن أسماء الراغبين في الترشح، كما أنه لم يقم أي من الحاضرين بتقديم أي برنامج انتخابي له، وأن مثل تلك العادات دأب القضاة على تنظيمها في ما بينهم في إطار أعراف، وتناول قضاة على صفحات التواصل الاجتماعي المسألة إذ شجب أغلبهم ذلك التصرف لأن ذلك يدخل ضمن العادات الرمضانية، وذهبت تدوينة إلى قاضي بالقول إنه جرت العادة في رمضان بإقامة الإفطارات الرمضانية للقضاة في مدن عدة، وأن الإيحاء أو ربط إفطار جماعي في مدينة أو أخرى بانتخابات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فيه استخفاف كبير بعقول القضاة، «وربط آرائهم الانتخابية ببطونهم وهذا لا يليق بمستوى القضاة، احترموا ذكاء القضاة فهم بالتأكيد سيجالسون كل من يدعوهم ثم في الأخير سيصوتون وفق ضمائرهم فاحترموا عقول القضاة يرحمكم الله».واعتبرت تدوينات أخرى أنه عوض أن تنصب النقاشات حول المعايير التي يجب توفرها في المرشحين المحتملين وبرامجهم الانتخابية التي يلتزمون بتنفيذها في حال فوزهم، فإن النقاشات انصبت على أمور ثانوية الشيء الذي يعطي الانطباع ألا فرق بين انتخابات القضاة وباقي الانتخابات، «لكن أقول لكم سيداتي القاضيات سادتي القضاة إنني لا أشك في ذكائكم و فطنتكم في جعل انتخاباتنا في المستوى الذي تحتله السلطة القضائية في كل الدول و عبر كل الأزمنة لعلة واحدة و بسيطة هو أنه لا يمكن أن نتصور انتخابات غير نزيهة ومعيبة من أعضاء سلطة أعطاها الدستور والقانون سلطة متابعة ومعاقبة كل من يفسد ويمس بنزاهة العمليات الانتخابية».ولم تخف المصادر ذاتها أن المغرب سيشهد اليوم ميلاد سلطة قضائية حقيقية، مع فك الارتباط بصفة مطلقة وحاسمة مع مكونات السلطة التنفيذية، سيما الوزارة المكلفة بالعدل ضمانا لحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وبناء دولة الحق والقانون، إلا أن هذا الميلاد يتطلب بالتأكيد حسن تدبير المرحلة الانتقالية، وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة والابتعاد عن التطاحنات التي من شأنها أن تساهم في الولادة المشوهة للسلطة القضائية. كريمة مصلي