محمد عبد العزيز… نهاية صنم

الموت يدرك زعيم بوليساريو قبل تلبية نداء "الوطن غفور رحيم" أبى الموت إلا أن يدرك محمد عبد العزيز زعيم بوليساريو قبل أن يلبي نداء "الوطن غفور رحيم" الذي أطلقه الملك الراحل الحسن الثاني. وكما فعلت به الجزائر وهو حي أصرت أن تستعمله في حربها ضد بلده الأصلي، إذ بدأت تعد العدة قبل وفاته لتجعل من قبره أصلا تجاريا في سوق الابتزاز باسم الدفاع عن الحق في تقرير المصير. ورفضت الجارة الشرقية مقترحا من قيادة بوليساريو المؤقتة بدفن محمد عبد العزيز في فناء ما يسمى "المقر العام للجبهة" بالرابوني، وذلك حتى يستعمل قبر الزعيم رمزا للسيادة يقف عنده كبار الزوار، لكن جنرالات الجارة أمروا بالتخلص من جثمانه خارج الحدود بدفنه في المنطقة العازلة. صقور الجزائر في سباق الخلافة رئيس المجلس الوطني يقود المرحلة الانتقالية والحسم بعد أربعين يوما فتحت موت محمد عبد العزيز، زعيم جبهة بوليساريو أول أمس (الثلاثاء) بأحد المستشفيات بالولايات المتحدة الأمريكية، باب الصراع حول الخلافة في الجبهة وقيادة جمهورية الوهم، أمام العديد من الصقور المرتبطة بجهاز المخابرات والجيش الجزائريين.وأعلنت جبهة بوليساريو أول أمس (الثلاثاء) وفاة زعيمها محمد عبد العزيز عن عمر ناهز 68 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.وقالت الأمانة الوطنية للجبهة في بيان لها، إن الجبهة أعلنت الحداد لمدة 40 يوما على وفاة عبد العزيز الذي تولى زعامة الحركة في 1976.وأوضح بلاغ الأمانة، أنه حسب المادة 49 من القانون الأساسي للجبهة، يتولى رئيس المجلس الوطني، منصب الأمين العام حتى انتخاب خلف له في مؤتمر استثنائي، يعقد في ظرف 40 يوما من وفاة الرئيس، وهو المسمى خطري ادوه.وفتحت وفاة عبد العزيز الباب أمام التقاطب بين أكثر من مجموعة تقودها وجوه قيادية تتحمل مسؤوليات في الأجهزة التنظيمية للجبهة وقواتها العسكرية.وساهم تفويض عبدالعزيز قبل وفاته، القيادي عمر الطالب، بترؤس اجتماعات الأمانة العامة، في غيابه، في إذكاء الصراع بين العديد من الوجوه حول خلافة الزعيم الراحل، الذي استمر على رأس الجبهة منذ 1976. وبرأي المتتبعين لأوضاع الجبهة الانفصالية، فإن طموح عمر الطالب للظفر بالقيادة، سيصطدم بعائق قانوني وأخلاقي، ذلن أن دستور الجبهة يمنع كل من لم يتحمل مسؤوليات عسكرية في قوات بوليساريو من تولي منصب رئيس الجبهة، ناهيك عن أنه ليس من قبيلة الركيبات.ويرى المتتبعون للنسيج القبلي في صفوف الجبهة، أن الجزائر تراهن من خلال لعب ورقة الطالب على ابتزاز الركيبات، والسعي إلى خلق توازن مع أولاد دليم، باعتبارهم سكان إقليم وادي الذهب، الذي تسعى الجزائر إلى استغلاله احتياطا إستراتيجيا لتدبير النزاع مستقبلا مع المغرب.ومن بين الوجوه التي تطمح في الخلافة، المدعو ولد البوهالي، وزير الدفاع الأسبق، والوزير في حكومة الطالب، والذي يعتبر رجل الاستخبارات الجزائرية، وأحد رموز القبيلة التي يتشكل منها العمود الفقري لقوات بوليساريو.وتتحدث مصادر صحراوية عن وجوه أخرى مرشحة للخلافة، مثل البشير ولد الصغير، الملقب بـ"كيسينجر"، وهو جزائري متحدر من تندوف، احتضنت أسرته لقاءات عناصر بوليساريو القادمين من المغرب، وعلى علم بالكثير من أسرار العلاقات الصحراوية الجزائرية، ومحل ثقة السلطات العسكرية الجزائرية. ويوجد ضمن القائمة محمد خداد، منسق بوليساريو المكلف بالعلاقات مع مينورسو، وهو صحراوي موريتاني من مدينة أطار، ويعتبر رجل ثقة لدى الجزائر وشغل مهمة مدير للأمن بمخيمات بوليساريو، وتحسب له العائلات في المخيمات أنه قام بالعفو النهائي على من تبقى حيا من مئات الصحراويين المختطفين في السجون السرية لقيادة بوليساريو. ومن بين المرشحين أيضا، إبراهيم غالي، الذي شغل سفيرا للجبهة لدى الجزائر، يحسن الولاء للجزائر من الرعيل القديم لبوليساريو، شغل مهمة أول أمين عام للجبهة، بعد المؤتمر الأول يتحدر من السمارة في جنوب المغرب، له سند قبلي ضعيف يسهل التخلص منه، قد يكون محل إجماع، لأن الجلادين والفاسدين الذين كانوا يعيشون في حماية محمد عبد العزيز، يستطيعون العيش في ظل إبراهيم غالي، ولن يجد معارضة إلا من قبل وزير الدفاع الجديد، عبد الله ولد البلال، الذي لا يطيقه وكان هو أول من أسماه وزير دفاع النساء، لما كان غالي وزيرا للدفاع في الثمانينات.بالمقابل، يبرز اسم خديجة حمدي، واحدة من أقوى المرشحات لخلافة زوجها عبد العزيز، وهي جزائرية من أصل صحراوي، كان والدها عمدة تندوف في السبعينات، وتقوى نفوذها داخل مخيمات بوليساريو بالنظر إلى شبكة علاقاتها مع مخابرات بلادها الجزائر، فأصبحت "الرجل القوي" في بوليساريو، إذ تعرف كل أسرار الجبهة وأموالها وممتلكاتها بالجزائر وبالخارج، وتتحكم فيها بتوجيهات ومساعدة المخابرات الجزائرية والسلطات العسكرية، ترى فيها الجزائر جاهزة للتسويق الخارجي بوصفها أول امرأة حاكمة في المنطقة.ويحذو البشير مصطفى السيد، وزير الخارجية السابق، وشقيق الزعيم المؤسس لبوليساريو، هو الآخر الطموح إلى الزعامة، والاستفادة من الرصيد المعنوي والسياسي، لشقيقه، خاصة بعد سنوات من الغضب عليه، حيث سمح له، لأول مرة، بقيادة وفود الجبهة في مهام خارجية بموريتانيا والاتحاد الأوربي.برحو بوزياني

مات "الزعيم" وبقي "الوهم"

البحث عن سلفيين دعوا إلى شل أسواق البيضاء

مقالات ذات صلة