كيف تقرؤون تحذير الأمين العام الأممي من مخاطر الدعوة إلى الحرب من قبل بوليساريو، في حال عدم تجاوب مجلس الأمن مع مطالبها بالضغط على المغرب؟أولا، باءت كل محاولات الابتزاز التي مارستها بوليساريو ومن يقف وراءها ضد المنتظم الدولي بالفشل، بخصوص الضغط على المغرب من أجل فرض عودة المكون السياسي لمينورسو، خوفا من سقوط المنطقة تحت ضربات الإرهاب. والواقع أن العالم يشهد اليوم بالدور المحوري الذي يقوم به المغرب، في ضمان الاستقرار والأمن العالميين، وتجربته المشهود بها في محاربة الإرهاب وتفكيك الخلايا الإرهابية.كما شكل تقرير بان كي مون خيبة أمل لبوليساريو والجزائر، التي كانت تسعى إلى انتزاع صيغة لإدانة المغرب أو الضغط عليه، أو استصدار قرار يعاكس مصالحه الوطنية. لم يحمل التقرير، تغييرا في مهمة مينورسو، رغم الحملة المسعورة التي قادتها الجزائر وبوليساريو لتوسيع مهمتها لتشمل حقوق الإنسان. لماذا تحاشى التقرير الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات لحمادة؟التقرير الجديد وعلى غرار تقرير 2015، لم يأت بجديد بخصوص ملف حقوق الإنسان، على الأقل كما كانت تسعى إلى ذلك بوليساريو، فقد استعرض التقرير ما أسماه بتعاون الطرفين من خلال استقبال الفرق والوفود الأممية الخاصة بحقوق الإنسان، رغم أنه لا يمكن المقارنة بين أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء ونشاط المؤسسات الحقوقية، والأوضاع داخل مخيمات لحمادة، التي تعرف انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كانت موضوع احتجاجات وتقارير عديدة. والملاحظ أن التقرير حاول الحديث عن المخيمات في علاقتها بالمساعدات الإنسانية، وتدهور الأوضاع المعيشية بسبب الفيضانات التي ضربت تندوف، ويكفي أن التقرير أشاد بعمل المؤسسات الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مراقبة وتتبع أوضاع ممارسة حقوق الإنسان. وشكل هذا الاعتراف فشلا جديدا لبوليساريو التي ركزت حملتها الدولية على حقوق الإنسان، واستغلال الثروات الطبيعية للصحراء. كما طالب بان كي مون في تقريره بضرورة فهم حقوق الإنسان، وفي هذا فشل لآلة الدعاية الجزائرية، التي حاولت تكييف مهمة البعثة، دون جدوى، بل أشاد التقرير بتعاون المغرب مع مختلف الآليات الأممية لحقوق الإنسان، مستبعدا أي حديث عن توسيع مهام البعثة. ماذا يقصد بان كي مون بالدعوة إلى تدقيق شكل وطبيعة تقرير المصير، الذي يجب أن يتضمنه الحل السياسي المنشود؟الجديد فعلا في تقرير الأمين العام الأممي، عند حديثه عن تقرير مصير سكان الصحراء، في إطار الحل السياسي، هو دعوته إلى تدقيق طبيعة وشكل تقرير المصير، وهو أمر يتجاوب مع موقف المغرب، الذي ظل دوما يعتبر أن مفهوم تقرير المصير، كما تتحدث عنه التقارير الأممية فضفاض وغامض، إذ لا يعني بالضرورة الاستقلال عبر الاستفتاء، علما أن المغرب هو من قبل بإجراء الاستفتاء، نزولا عند رغبة عدد من الدول الصديقة، قبل أن يتأكد المنتظم الدولي، وبشهادة مبعوثين للأمين العام للأمم المتحدة، استحالة إجرائه، بسبب الصعوبات التي واجهت مسلسل تحديد هوية الناخبين.ويبدو أن الجديد هذه المرة في تقرير الأمين العام، هو إعادة تأطير مفهوم تقرير المصير، من خلال تدقيق طبيعته، على اعتبار أن الحكم الذاتي، يشكل في رأي المغرب، أحد أرقى أشكال تقرير المصير.أجرى الحوار: برحو بوزياني (*) ناشط مدني بالعيون وعضو المجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء