إمارة المؤمنين …طابو كسره ورش إصلاح الدستور

الفصل 19 شبيه بالفصل الخامس من الدستور الفرنسي لكن بصلاحيات واسعة للملك فتح النقاش الدائر حول الإصلاحات الدستورية، موضوعا كان إلى وقت قريب من الطابوهات، إذ لم يكن من الممكن التجرؤ على إمارة المؤمنين ومعها مضامين الفصل 19 إلا من قلة قليلة من الذين حملوا الفكر المعارض للنظام السياسي. الآن، وبعد أن قدمت الأحزاب تصوراتها بشأن موقفها من الإصلاحات الدستورية، تبين أن موضوع إمارة المؤمنين يحتاج إلى نقاش مستفيض من أجل بلورة تصور يقع عله إجماع الطبقة السياسية. في هذا الصدد، لاحظ خالد سموني الشرقاوي، المتخصص في القانون الدستوري والحاصل على دكتوراه الدولة حول موضوع المجلس الدستوري، أنه من "الخطأ المطالبة بإلغاء الفصل 19، ثم إن أغلب الذين يطرحون ذلك ليست لهم الدراية الكافية بالقانون الدستوري، لأن قول ذلك يعني تقزيم المؤسسة الملكية، علما بأن المغاربة ليس في صالحهم التفريط في مؤسسة ضحوا من أجلها قرونا، ويقع حولها إجماع وطني ولها مشروعية تاريخية منذ الملك إدريس الأول، ولذلك أنا أقترح تعديل الفصل 19". إن الفصل 19، يضيف الشرقاوي، يخول سلطات مهمة للملك وهو شبيه إلى حد ما بالفصل الخامس من الدستور الفرنسي، الفرق هو أن الملك بالمغرب له صلاحيات واسعة، مقارنة بصلاحيات رئيس الجمهورية الفرنسية، ثم إن التشريع بمقتضى ظهائر شريفة يتم بناء على الفصل 19، وهذا فيه إقصاء لدور البرلمان في التشريع، الذي ينبغي أن يكون وحده مصدرا للتشريع في مجال القانون، بمعنى أنه لم يبق ذا جدوى التعامل بعبارة ظهير، بل الاقتصار على منطق القانون، ما سيمنح للبرلمان وحده سن هذا القانون، ويصبح المصدر الوحيد للسلطة التشريعية. وأوضح الشرقاوي في ما يتعلق بعبارة أمير المؤمنين، أنه يجب تبقى، لأنها مؤسسة في ملك المغاربة أجمعين، ولا تهم فقط الملك وحده ودورها في حماية الدين حمية الدين الرسمي للبلاد. فالإبقاء على إمارة المؤمنين، «لا تطرح أي إشكال للوصول إلى دستور ديمقراطي، لأنها رمزية بدرجة أولى، بل إن بقاء هذا الأمر سيعطي القوة للملك لحماية الدين والوقوف في وجه تعدد الديانات في البلاد، مقابل إعطاء سلطات واسعة للوزير الأول، أما الملك، فسيتكلف بالحفاظ على الدفاع الوطني وعلى السياسة الخارجية والأمنية وكذا الدينية». ومن هذا المنظور، يرى الشرقاوي من الضروري إعطاء الفرصة للفقهاء والعلماء، أما مسألة الممثل الأسمى للأمة، فيجب استبدالها ليصبح ممثلا للدولة. من جانبه، لاحظ محمد حنين، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن هناك اهتماما خاصا في إطار النقاش الدائر حول الإصلاحات الدستورية بإمارة المؤمنين. وأوضح حنين أن الحمولة الدستورية والسياسية والدلالات الرمزية لهذه الصفة هي التي تساهم في تزايد الاهتمام بهذا الموضوع من لدن مختلف الفاعلين والمهتمين، «فإذا كان الفصل 19 في الدستور الحالي يسند إلى الملك إمارة المؤمنين وحماية حمى الدين، وهي سلطة دينية تستمد شرعيتها التاريخية من أن الإسلام هو دين الدولة لأكثر من 14 قرن الماضية، فإن هذه السلطة لا يوجد لها مثيل في عدد من الدول الغربية. ويرجع السبب في ذلك إلى أن أنظمة هذه الدول علمانية، لكن ينبغي الانتباه إلى أنه رغم ذلك، يقول حنين «تذهب دساتير بعض الدول ذات الأنظمة الديمقراطية العريقة كالدستور الدنماركي إلى اشتراط ضرورة انتماء الملك للكنيسة الإنجيلية اللوثرية (الفصل السادس)، كما أن الدستور النرويجي يفرض في فصله الرابع على الملك ضرورة ممارسة الديانة الإنجيلية اللوثرية بكيفية دائمة والالتزام بصيانتها و حمايتها «.وبخصوص مقترحات مختلف الأحزاب حول الإصلاحات الدستورية، قال حنين إنها « تجمع على تكريس إمارة المؤمنين، فبعضها فضل عدم الخوض في الفصل 19 واقتصر على تقديم اقتراحات تهم جوانب أخرى من الدستور والبعض الآخر من المقترحات، ذهب إلى المطالبة باقتصار الفصل 19 على إمارة المؤمنين، وحصر السلطات التشريعية للملك على الحقل الديني، بينما ذهب طيف من الأحزاب إلى ضرورة بناء نظام الحكم على أساس ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية مبنية على إمارة المؤمنين».وحسب حنين، فإن ما يمكن استنتاجه، هو أن هناك شبه إجماع على إمارة المؤمنين لما تنطوي عليه من ضمانات لحماية الدين وحماية ممارسة الشعائر الدينية، ولا يمكن تصور سلطة أخرى للقيام بهذه الوظيفة غير الملك للعلاقة بين المواطنين والملك تستند على رابطة البيعة، وهي تستمد جذورها ومرتكزاتها من النظام الإسلامي. أما المخاوف المعبر عنها من طرف البعض، فترجع، حسب حنين، إما إلى إدماج إمارة المؤمنين ضمن الفصل 19 الذي يسند صلاحيات أخرى للملك، وهو ما يعطي الانطباع على أن الملك يستأثر بسلطات واسعة تؤدي إلى تقليص سلطات المؤسسات الأخرى، وإما ترجع إلى إصدار ظهائر بناء على الفصل 19 حول مسائل تندرج بطبيعتها ضمن مجال القانون، وهو ما يؤدي إلى الالتباس حول ماذا كانت هذه الظهائر يصدرها الملك باعتباره أمير المؤمنين أو باعتباره رئيسا للدولة . وأكد الباحث أن «المطالبة بإلغاء إمارة المؤمنين لا تستند على أساس سليم وتنطوي على مخاطر وخيمة، فالمطلوب على خلاف ذلك تكريس السلطة الدينية للملك بكيفية أكثر وضوحا لإعطائها بعدا حقيقيا ومدلولا متميزا يضمن استئثار الملك بالسلطة الدينية، بما يكفل سلطة التشريع في الحقل الديني. ومن المؤكد أن رفع الالتباس السلف الذكر يتطلب فصل إمارة المؤمنين في الدستور عن الصلاحيات الأخرى للملك، وهو ما يضمن لهذه السلطة قوتها ويقوي قيمتها الاعتبارية ويبعدها عن الجدل العقيم». نادية البوكيلي

إمارة المؤمنين …طابو كسره ورش إصلاح الدستور

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شباط: لا وجود لملك يسود ولا يحكم

الغالي: جوهر نظرية الحكم اليوم "مشروعية الإنجاز"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات