زنا المحارم… الطابو المرعب

ضياع حقوق الضحايا بعد التزام الكثير من الأسر الصمت خشية الفضيحة كثرت خلال الآونة الأخيرة ظاهرة زنا المحارم في مجتمعنا، وأصبح من العادي أن نسمع أو نقرأ أبا اغتصب ابنته أو افتض بكارتها، أو أخا مارس الجنس مع أخته، أو شابة راشدة أو فتاة قاصر حملت من خالها أو زوج والدتها أو عمها، أو أحد أقاربها، ما يطرح علامة استفهام حول انتشار هذه الوضعية الشاذة التي انتشرت بقوة بين فئات المجتمع المغربي. تفشي الظاهرة دفعنا إلى البحث عن أسبابها، من خلال فظاعة حالات زنا المحارم، وكذا جرائم الاغتصاب، التي تورط فيها آباء مع بناتهم، عبر ملفات عرضت على القضاء في العديد من المدن المغربية. إنجاز: أحمد سكاب (الجديدة) يعتبر الحديث عن زنا المحارم بالمغرب من "الطابوهات" المسكوت عنها، حيث تلزم كثير من الأسر الصمت خشية الفضيحة، وبذلك تضيع حقوق ضحايا الاغتصاب من أقربائهم. أب وعم في قلب الفضيحة من بين الملفات التي اهتز لها إقليم الجديدة، والمرتبطة بزنا المحارم، الجريمة الأخلاقية التي كان مرتكبها أب وشقيقه، حين عرض الأول ابنته القاصر لهتك العرض، مستغلا بدوره استغلالها جنسيا من قبل شقيقه أمام صمتها وخوفها، حيث وزعت عليهما غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الجديدة، 40 سنة سجنا، إذ حكمت على والد القاصر ب20 سنة سجنا، بجناية هتك عرض قاصر بالعنف من قبل أحد أصولها، وتوبع شقيقه، عم الضحية، بجناية هتك عرض قاصر بالعنف من قبل من له سلطة عليها. وكانت عناصر الدرك الملكي بالمركز الترابي لهشتوكة التابعة لسرية الجديدة، أحالت الأب البالغ من العمر 48 سنة، رفقة شقيقه الأصغر البالغ من العمر 40 سنة، على الوكيل العام باستئنافية الجديدة، في حالة اعتقال، على خلفية اتهامهما بهتك عرض ابنة الأول القاصر البالغة من العمر 15 سنة. وجاء إيقاف الأب وشقيقه من قبل عناصر الدرك الملكي بهشتوكة بإقليم الجديدة، إثر شكاية تقدمت بها جدة الضحية القاصر للضابطة القضائية تفيد فيها أن حفيدتها تعرضت لاعتداء جنسي، منذ مدة على يد والدها وعمها، مستغلين وفاة والدتها. وأضافت المشتكية أن الضحية تقيم رفقتها، وأنها كانت ضحية استغلال جنسي منذ مدة من قبل عمها والذي مارس عليها الجنس أربع مرات، بعدما استغل سذاجتها، وخوفها من انتشار الفضيحة، قبل أن يعمد والدها بعد علمه بخبر استغلالها جنسيا من قبل شقيقه، إلى ممارسة الجنس عليها. وأمام استمرار حالات الاعتداء على الضحية جنسيا لم تجد بدا من البوح بمعاناتها لجدتها، التي توجهت إلى عناصر الدرك الملكي بمركز هشتوكة. وأشعر المحققون النيابة العامة المختصة التي أمرت باستقدام والد الضحية وعمها، وبعد استفسارهما حول المنسوب إليهما حاولا التملص من التهم الموجهة إليهما، وبعد مواجهتهما بتصريحات الضحية لأنهما قاما باستدراجها تباعا وفي مراحل مختلفة والاعتداء عليها جنسيا بطريقة سطحية، تراجع المتهمان عن إنكارهما، واعترفا أنهما قاما بممارسة الجنس عليها برضاها ودون عنف. وخلال أطوار المحاكمة التي تمت عن بعد، من داخل السجن المحلي للجديدة، اعترف الأب أنه اعتدى على ابنته القاصر جنسيا مرارا، وأنه اعتاد ممارسة الجنس عليها بعد تناوله الخمور، كما اعترف عمها بدوره أنه اعتدى عليها جنسيا مرارا، دون أن تبدي أي مقاومة وبرضاها. رعاية "خاصة "لطفلة مريضة واقعة ثانية تتعلق بزنا المحارم، اهتزت لها البيضاء، تتعلق باعتقال مغتصب ابنة شقيقته، الذي تم إيقافه من قبل عناصر الشرطة القضائية للبرنوصي، أخيرا، والبالغ من العمر 30 سنة، وإحالته على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، بعد تورطه في اغتصاب ابنة شقيقته ثلاثية الصبغي. وعلمت "الصباح"، أن المتهم كان يقيم مع شقيقته التي تعيش وضعا اجتماعيا صعبا بسبب الفقر والهشاشة، ومعاناة زوجها جراء مرض جعله طريح الفراش، ما يجبرها على مغادرة المنزل طيلة اليوم، بحثا عن العمل من أجل الإنفاق على أسرتها وتوفير المال لعلاج زوجها. وكانت أم الضحية تراهن على شقيقها لرعاية ابنتها المريضة وزوجها المريض إلى حين عودتها للمنزل، إلا أن الخال ستثيره ابنة شقيقته جنسيا، سيما أنها تبلغ من العمر 20 سنة، وبرزت أنوثتها بشكل أفقده التحكم في نفسه، وما حرضه أكثر للقيام بجريمته، أنها تعاني خللا عقليا، ما اعتبرها لقمة سائغة لتلبية نزواته الجنسية، دون أن يفتضح أمره. وبمجرد أن تغادر شقيقته المنزل للعمل، يستغل المتهم فرصة بقائه وحيدا مع الضحية بالمنزل، إذ يستدرجها إلى غرفة بعيدا عن والدها المريض، ويجردها من ملابسها ويمارس عليها الجنس دون مقاومة، مستغلا مرضها. واعتاد الخال على استغلال الضحية بشكل يومي، إلى أن انتبهت شقيقته في مناسبة بعد عودتها من العمل، إلى سلوكات غير سوية صادرة عن ابنتها، فشكت في الأمر، ولما واجهته، أقرت لها الابنة أن خالها يمارس عليها الجنس، فعرضتها على طبيب مختص، أكد لها أن ابنتها ضحية استغلال جنسي وممارسات جنسية شاذة، وسلمها شهادة طبية تؤكد ذلك. وتقدمت الأم بشكاية إلى الشرطة القضائية للبرنوصي تتهم فيها شقيقها باغتصاب ابنتها المريضة، إذ تم الاستماع إليها في محضر قانوني، معززة تصريحاتها بالشهادة الطبية، وبعد إشعار النيابة العامة بالواقعة تم اعتقال المتهم بمنزل شقيقته. ظاهرة قديمة جريمة زنا المحارم، ليست وليدة اليوم، إذ ساهم تطور وسائل التواصل الاجتماعي في فضحها، بل هي ظاهرة كانت موجودة منذ القدم، ومنتشرة في جميع المجتمعات، إلا أنها كانت خفية، يتم ستر الفضيحة فيها من طرف الأقارب، حتى لا ينتشر خبرها بين العائلة والجيران، وهو ستر كان مطلوبا ومرغوبا حتى ولو كان على حساب ضحية صغيرة لا رضا لها أو أخرى كبيرة أرغمت على المضاجعة أو هتك عرضها بالقوة والعنف أو التهديد والإكراه. الذي تغير الآن في هذا النوع من الجرائم، أن هذه الجرائم صارت متداولة بشكل علني، وفضحها الآن يتم دون رحمة، والأمر وليد ثقافة جديدة للأسر، لا تتردد في فضح كل سلوك غير قويم مس فردا من الأسرة، حتى لو كان مرتكبه أبا أو أخا أو ولدا، ثقافة تقف إلى جانب الضحية وتسند ظهرها وتلجأ للتشكي لكي يلقى مرتكب الفعل جزاءه ويتم إنصاف الضحية. غياب نص قانوني اعتبر رشيد وهابي، محام بهيأة الجديدة، أنه إذا القانون الجنائي لم يخصص مادة لجريمة زنا المحارم، ولم يتكلم عنها، فإن هناك جرائم جنسية معينة، حين يرتكبها قريب، ممن يفترض فيهم الأمان والثقة، تدخل المشرع المغربي فيها، وشدد العقاب حين ترتكب من طرفه، فمثلا نجد أن الفصل 484 من القانون الجنائي، ينص أنه يعاقب على جناية هتك عرض قاصر أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية بدون عنف، بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، ولكن هذا الفعل يتحول إلى جناية ويعاقب عليه من خمس إلى عشر سنوات، إذا ارتكب من طرف أصول الضحية، ولكن الفصل هنا يتكلم عن الأصول فقط، وهذا يعني أن ارتكاب هتك العرض من طرف الأخ أو العم أو الخال بدون عنف سيعاقب عليها فقط بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، كذلك نجد أن 485 من ق.ج، إذا كان يعاقب على هتك العرض باستعمال العنف المقترف ضد من أشير إليهم من قبل، بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات، فإن ارتكابه بالعنف من طرف أحد الأصول، يجعل العقوبة ترتفع لتكون بين عشر وعشرين سنة، وقد تتراوح بين عشرين وثلاثين سنة في حالة ارتكابها ضد طفل يقل سنه عن 18 سنة أو ضد شخص عاجز أو معاق أو معروف بضعف قواه العقلية من طرف أحد أصوله. كذلك نجد أن الفصل 486 من القانون الجنائي، يعاقب على جريمة الاغتصاب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، لكن تصبح العقوبة بين عشر سنوات وعشرين سنة، إذا كان ارتكبت من طرف أصول الضحية. وأشار وهابي أنه مما سبق نصل إلى حقيقة نصية قانونية واضحة، وهي أنه في ارتكاب بعض الجرائم الجنسية من قبل أحد الأقارب، لا تصبح واقعة القرابة معيارا مشددا للعقوبة فيها، إلا إذا كان الفاعل أحد أصول الضحية وهي حقيقة مقصية يجب أن تتحرك آلة التعديل القانوني بسببها، لتجعل هذه الأفعال حين تُرتكب من طرف بعض الأقارب مُشددة العقاب، ولا نتركها جرائم عادية وعقابها عاد، حين ترتكب من قبل العم أو الخال أو الابن. كسر الخوف عجت بشكل واسع مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات وتصريحات تدين بقوة الاعتداءات الجنسية من قبل الأقرباء على الضحايا من الجنسين، خصوصا بعد انتشار خبر اغتصاب أب لابنته ما أدى إلى افتضاض بكارتها، الأسبوع الماضي. واستنكرت العديد من المجموعات في وسائل التواصل الاجتماعي الفعل، وطالبت بتكسير طابو الخوف، وكذا مطالبة الجمعيات الحقوقية والمهتمة بقضايا الطفل والمرأة من أجل التدخل لمساندة الضحايا ومؤازرتهم في محنتهم مع أقاربهم من جراء الاعتداء عليهم جنسيا، لكي لا يبقى هذه النوع من القضايا حبيس الجدران، ولا يخرج للعلن ويبقى طي الكتمان. وأظهر العديد من رواد التواصل الاجتماعي أن بعض القضايا التي عرضت على القضاء كشفت تورط متهمين راشدين أغلبهم متزوجون، وطالبوا في تدويناتهم بضرورة إسناد أبحاث وتحقيقات في مثل هذه القضايا المتعلقة بزنا المحارم لضباط لهم من التجربة والكفاءة لاستجلاء الحقيقة، وأن تكون هذه التحقيقات معمقة تحت إشراف النيابات العامة المختصة، لكي لا يدان أبرياء بجرم لم يرتكبوه. كما طالب عدد من رواد الفضاء الأزرق بتنظيم ندوات ولقاءات تحسيسية، تجمع مهتمين وباحثين في علم النفس والاجتماع، من أجل البحث ورسم صور حول هذه العينة من المجرمين المتخصصين في زنا المحارم، والتي تتسبب في مشاكل عائلية وتدمير الأسر، وتشتيت أفرادها، بسبب نزوات جنسية عابرة. كما شدد عدد من رواد العالم الافتراضي على ضرورة تدريس مادة التربية الجنسية، وإلحاقها بمقررات التربية والتعليم، من أجل الحد من مثل هذه المشاكل الجنسية التي دمرت الأسر، وساهمت في انتشار الجريمة بشتى أنواعها، ولجوء عدد من الشابات ضمنهن قاصرات للخروج إلى الشارع وامتهان الدعارة، بعدما وجدن أنفسهن ضحية الاستغلال الجنسي من الأقرباء.

زنا المحارم… الطابو المرعب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحلم العربي!!

بوابة الاستثمار الإفريقي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات