مصر تعبر منطقة المطبات

مطالب الثورة تلاحق بلد أم الدنيا والأوضاع الاقتصادية تضغط على السيسي كانت مصر المحطة الثانية التي انتقلت إليها عدوى احتجاجات ما أطلق عليه آنذاك الربيع العربي، بعدما تمكنت الموجة الأولى من إرغام زين العابدين بن علي التنحي عن السلطة والهروب إلى السعودية، خوفا من القصاص. تكرر السيناريو في مصر، إذ بعد شهور من الاحتجاج بساحة التحرير بوسط القاهرة، اضطر مبارك إلى التنازل عن الحكم، لكنه أصر على المكوث بمصر عكس بنعلي، فكان مصيره السجن، وما زال، حاليا، متابعا من قبل القضاء المصري.انطلقت أولى صرخات احتجاجات الربيع العربي 17 دجنبر 2010 بسيدي بوزيد بتونس، عندما قرر الشاب محمد البوعزيزي إحراق نفسه احتجاجا على مصادرة السلطات البلدية بالمدينة عربة كان يبيع عليها الخضر والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ، فأثارت هذه الواقعة الجانبية وقود انتفاضات الشعوب العربية ضد "الحكرة" والفقر والبطالة والاستبداد والتحكم. كانت الحركات الاحتجاجية على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية متواصلة، منذ سنوات بمصر تؤطرها حركات المجتمع المدني مثل "كفاية" و 6 أبريل، لكن الاحتجاجات أصبحت أكثر زخما عندما تعرض الشاب خالد سعيد للتعذيب من قبل عناصر الشرطة، فبادر وائل غنيم إلى إنشاء صفحة على الفايسبوك أسماها "كلنا خالد سعيد" يطالب من خلالها بالانتفاض ضد النظام والظلم والقهر والفقر. وانطلقت التظاهرات بكل محافظات مصر إلى أن اضطر الرئيس حسني مبارك إلى التخلي عن السلطة وسلم قيادة السفينة إلى الجيش.بعد مرور خمس سنوات على هذه الأحداث، فإن مصر ما تزال حتى الآن تتلمس طريقها للخروج من منطقة الاضطرابات، إذ أن انسحاب مبارك وتولي الإخوان دفة الحكم أدخلا البلاد في متاهات وصراعات أدت إلى اندلاع موجة ثانية من الاحتجاجات تطالب بتنحي الرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي خلف الرئيس المعزول، ما دفع المؤسسة العسكرية برئاسة عبد الفتاح السيسي إلى التدخل من أجل الإعلان عن عزل مرسي وتعليق العمل بالدستور، وتعيين رئيس يقود البلاد، خلال مرحلة انتقالية، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد للبلاد، ما تسبب في اندلاع احتجاجات مناهضة ما تزال متواصلة إلى الآن، خاصة بعد أن أصبح السيسي رئيسا للبلاد. وتعرف البلاد احتجاجات متواصلة، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.عبد الواحد كنفاوي مصريو عتبة الفقر تشير تقديرات بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أن هذه الاحتجاجات كلفت البلاد خسائر مباشرة تجاوزت 7.5 ملايير دولار، وذلك دون احتساب الخسائر البشرية. وتفيد المعطيات إلى انخفاض القدرة الشرائية للأجور بناقص 11 في المائة، بفعل ارتفاع الأسعار بأزيد من 10 في المائة. وأصبح ربع المصريين، أي حوالي 21 مليون نسمة، يعيشون بأقل من دولارين في اليوم. كما أن معدل البطالة، الذي كان في حدود 9 في المائة في المتوسط ما بين 2007 و 2010، تجاوز، حاليا، عتبة 13 في المائة.ويسعى جل المصريين، حاليا، إلى أن تخرج البلاد إلى بر الأمان، وأن تعود الحياة إلى مجراها الطبيعي، خاصة مع غياب أي آفاق واضحة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع مستقبلا، بالنظر إلى الصراعات السياسية والأوضاع الاجتماعية المزرية التي تعيش فيها شرائح واسعة من المجتمع المصري، التي عادت إلى نقطة الانطلاقة لتنادي بالمطالب ذاتها التي شكل محرك ثورة 25 يناير.

ليبيا… الحصاد المر

450 مليارا لإنقاذ الفلاحة ببني ملال

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات