أجمعت ردود الأفعال الدولية على وصف إعلان حكومة الوفاق الوطني، بحر الأسبوع الماضي من الصخيرات، بأنه آخر فرصة أمام ليبيا لتجاوز تعنت فرقائها السياسيين، الذي يضع البلاد أمام سيناريو المعقل الجديد لـ"داعش" أو فرضية التدخل العسكري، بعدما شرعت العواصم الدولية في تدارس خيار التغلغل البري، خوفا من تمدد سيطرة مقاتلي التنظيم الإرهابي خارج مدينة سرت وسيطرته على كامل الحقول النفطية.وأمام الصعوبات التي يواجهها الحل السياسي لم يجد المنتظم الدولي غير الخضوع لأنصار الحرب، إذ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها تدرس خيارات عسكرية في ليبيا لمواجهة تصاعد قوة تنظيم "الدولة الإسلامية"، قبل ذلك بأيام ذهب الجيش الإيطالي في الاتجاه نفسه وأكدت روما أنها ستعمل إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على دراسة خيار التدخل العسكري درءا لتداعيات الفوضى السياسية والأمنية منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في 2011.وفي الوقت الذي ما زال فيه الغموض يلف تفاصيل الخيار العسكري، يرجح الخبراء الضربات الجوية باعتبارها السيناريو الأكثر احتمالا، والدليل على ذلك أن طائرات استطلاع تجوب سماء ليبيا من أجل تشكيل بنك أهداف للقضاء على البنية التحتية لـ "داعش"، مسجلين أنه إضافة إلى الانقسامات السياسية والعسكرية، تواجه البلاد شبح تمدد التنظيم من جهة وتدفق غير مسبوق للهجرة غير الشرعية بعد ما انهارت مؤسسات الدولة بشكل كامل، ولم تعد هناك مراقبة على حدود تمتد على أربعة آلاف كيلومتر.وينتظر أن يحدث أي تعثر للمسار السياسي الهادف إلى توحيد مؤسسات ليبيا فراغا يتمدد فيه تنظيم "الدولة الإسلامية"، إذ سبق لرئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر أن عبر عن قلقه من الوضع العام ومن بطء العملية السياسية، مشددا على أن المسار العسكري أسرع من المسار السياسي ومن التوسع الميداني لـ"داعش"، موضحا أن القوى السياسية تناقش مواد اتفاق السلام الليبي، لكن داعش والقوى الإرهابية الأخرى لا تناقش أي مسائل، بل تتحرك وتقوم بسرقة الأراضي. من جهتها تسعى الأمم المتحدة لتوحيد الفرقاء الليبيين في حكومة وفاق وطني بموجب اتفاق سلام وقعه برلمانيون وشخصيات سياسية وممثلون عن المجتمع المدني منتصف دجنبر الماضي بالصخيرات، لكن البرلمان رفض تشكيلة وزارية لحكومة الوفاق تضم 32 حقيبة وزارية، وأمهل فايز السراج، رجل الأعمال الذي اختير بمباركة دولية لتشكيل الحكومة، عشرة أيام لتقديم تشكيلة حكومية جديدة مصغرة.في الجانب الآخر بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" يستعد لسيناريو المواجهة العسكرية، إذ أكدت تقارير سرية من سرت، معقل "داعش" في ليبيا، بدء دورة تدريبية "إجبارية" لرجال الجيش والشرطة في المدينة بمشاركة أكثر من 210 ضباط وضباط صف كانوا يعملون مع النظام السابق وفي الحكومات الانتقالية. وكشفت المصادر ذاتها أن الدورة التدريبية تقام بمجمع قاعات طواغدوغو" وأن عناصر قيادية في التنظيم من البحرين وتونس والعراق تلقي محاضرات تتعلق بـ "الجهاد وعقيدة التنظيم، في انتظار وصول تعزيزات يرجح أنها عبارة عن كتائب من دول الجوار الإفريقي للمساعدة في مد دائرة النفوذ إلى منطقة الهلال النفطي. ياسين قٌطيب