الحكومة تفتقر الإرادة السياسية

صدوق أكد أن الحملات التحسيسية لا معنى لها في غياب خطة كاملة ضد الرشوة يقتنع عبد الصمد صدوق، الكاتب العام لـ"ترانسبارنسي المغرب" (فرع منظمة الشفافية الدولية)، أن المنظومة الوطنية للنزاهة مختلة، والإفلات من العقاب يشجع الرشوة، مؤكدا أن تركيز الحكومات على التحسيس عبر الوصلات التلفزيونية، الغرض منه الاستهلاك الإعلامي، بسبب افتقارها إلى إرادة سياسية حقيقية في إقرار برنامج عمل وطني شامل ومتكامل ضد الرشوة. < لماذا لم تثمر مبادرات الحكومات المتعاقبة ضد الرشوة، نتائج جذرية؟< أولا، لا بد أن أشير، إلا أن المبادرات الرسمية، قليلة ومعدودة على رؤوس الأصابع، إذ يعود تاريخ برنامج العمل الأول ضد الرشوة إلى 2005، والثاني في 2010.وقصور النتائج، يعود إلى أنها برامج للاستهلاك السياسي والإعلامي، إذ لا توجد الإرادة السياسية الملتزمة من أجل إنهاء الرشوة، ولم تستند إلى رؤية واضحة. < قبل فترة، أثبت المقياس الشامل للرشوة أن ما بين 30 إلى 50 في المائة من المغاربة يعتقدون بنجاعتها، هل يمكن القول، إذن، أن الرشوة ثقافة لدى المغاربة؟< يصعب علي الاقتناع بأن الرشوة ثقافة شعبية، لأن الرشوة، تبقى نتيجة لأعطاب الحكامة بالمغرب، وفي أغلب الأحيان يتجاوب المواطنون مع هو مفروض عليهم من قبل المسؤولين، في قضاء أغراضهم. أي أنهم عرضة للابتزاز.إن السبب الرئيسي لانتشار الرشوة، وراءه ضعف الحكامة العامة التي تسير بها بلادنا، وطرق التدبير المعتمدة في الإدارات وفي جميع المجالات. < كثيرا ما تربط المنظمات الدولية الرشوة بعدم استقلالية القضاء، فكيف تفسرون ذلك؟< إنه سبب من الأسباب، فإذا كان المسبب الرئيسي للرشوة الطريقة التي يمارس بها الحكم، فإن ترسيخها وتشجيعها، يساهم فيه بشكل رئيسي الإفلات من العقاب. ذلك أنه عندما تنفجر قضية رشوة أو ابتزاز كبيرة ويتابعها الرأي العام، دون أن تنتهي بالزجر وإنزال العقوبات وتطبيق القانون في حق المتورطين، تتوسع بشكل تلقائي دائرة الرشوة والارتشاء. إن عدم استقلالية القضاء وانعدام الفعالية عن أجهزة الرقابة، من مفتشيات وزارية وغيرها، يوجدان ضمن الأسباب الرئيسية لاختلال المنظومة الوطنية للنزاهة بالمغرب. < لماذا يفضل المستثمرون التوجه إلى آليات التحكيم بدلا من طرق أبواب القضاء؟ < لعدم ثقتهم في القضاء، وذلك من الأسباب التي تدفع الكثيرين إلى عدم الاستثمار في المغرب. < ما الذي جعل الجمعية التي تتولون رئاستها، تتحفظ على تركيز الحكومة على الحملات التحسيسية، سيما حملة «وياكم من الرشوة»؟< في ترانسبارنسي المغرب، عبرنا في 2013، عن تحفظنا على الحملة التحسيسية «وياكم من الرشوة»، لعدة أسباب.أولها، لا يستقيم أن تقوم الدولة بحملة تحسيسية دون أن تضع خطة عمل شاملة لمحاربة الرشوة، إذ لا جدوى من التحسيس، في غياب برنامج عمل ناجع ومتكامل، مدعم بإرادة سياسية حقيقية.وثانيا، لأن الحملة المشار إليها، كان تقديرنا أن مفعولها سيكون عكسيا، وهذا ما يبرز، حتى من شعار «وياكم من الرشوة»، الذي لن يعني، بالنسبة إلى المواطنين، إلا أن الدولة «ماقدراش» على تفعيل آليات لمحاربة الرشوة، وفي كل مرة تتوجه إلى المواطنين.دعونا نكون صريحين، لا يمكن التعويل على تجاوب المواطنين، وهم يعاينون كيف أن الدولة والحكومة والأحزاب، تحمل خطابا ضد الفساد والرشوة منذ سنوات، دون أن تنخرط فعلا في إقرار سياسة ناجعة وتحركات واضحة، ما أعطى للناس إحساسا بأن الفساد واقع لا يعلى عليه، ما يجعلهم يتجاوبون معه. < لماذا تنتشر الرشوة أكثر، في القطاعات الاجتماعية مثل المستشفيات ومرافق الخدمات الإدارية؟< الرشوة في المغرب، تمس كل المجالات والقطاعات، اجتماعية واقتصادية ورقابية، والخطير، على مستوى قطاعات التعاملات الصغرى مع المواطنين، هو أن تأثيرها وكلفتها العامة ووقعها، يكون كبيرا جدا، حينما يحرم، مثلا، مواطن من حقه في العلاج، بسبب انتشار الرشوة.أجرى الحوار: امحمد خيي حق الحصول على المعلومات أداة ضد الرشوة < في المنظمة، تشتغلون أيضا على دفع الحكومة نحو تطبيق منطوق الدستور حول الحق في الحصول على المعلومات، لكن فئات مجتمعية لا تعلم علاقة ذلك بقضايا الشفافية والرشوة؟< إن الحق في الحصول على المعلومات، الذي أقره الدستور، استجابة لنضال طويل للمجتمع المدني، يفرض على الدولة نشر المعلومات الأساسية وكشف المعطيات الكاملة المتعلقة بالإدارة وعملها ومساطرها ووضعها تحت طلب المواطنين.وانطلاقا من ذلك، تتحقق الشفافية في الإدارة، ويصير المواطن والمستثمر عارفين بالمساطر والحقوق ما يجعلهما، آمنين، من الابتزاز، لكن للأسف، نلاحظ أن مسار إعداد القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، يسير في اتجاه إفراغ ذلك المكسب الدستوري من محتواه.

الحكومة تفتقر الإرادة السياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمنيون مرتشون بالصوت والصورة

تشاهدون اليوم

مقالات ذات صلة