دم مغربي في الجولان10

اللبنانيون والفلسطينيون يأسرون المغاربة مرت أزيد من 42 سنة على مشاركة القوات المغربية في حرب الجولان في أكتوبر/ رمضان عام 1973 إلى جانب القوات السورية. ما يعاب عن هذه المشاركة هو شح المعلومات وتضاربها حول الظروف والمعارك التي خاضتها القوات المغربية ضد الجيش الإسرائيلي، اللهم النزر القليل منها، التي عجز بعضها عن عد عدد قبور الشهداء المغاربة بسوريا.تسعى هذه السلسلة إلى محاولة إعادة كتابة تاريخ تلك المشاركة البطولية للمغاربة من وجهة نظر شاهد عيان، صحيح أنه كان جنديا بسيطا وقتها، لكن شهادته، أمام صمت الضباط، ورحيل العديد منهم إلى دار البقاء، تجعلها قيمة، فالجنود البسطاء هم حطب المعارك. دامت عملية انسحابنا ثلاثة أيام، لأننا كنا نوقف عملية الانسحاب بالنهار والاختباء إلى حين حلول الليل لننسحب بشكل سري، فأي مغامرة بالمسير نهارا، أو وقوف أحد الجنود، قد تكلف الفرقة المغربية جلها مصائب وكوارث، سترصدنا الطائرات الإسرائيلية وينفضح أمرنا ويتم قصف مواقعنا ومطاردتنا.بالليل كنا نسارع الخطوات للخروج من هذا الحصار، وعندما يطلق الإسرائيليون قنابل مضيئة بحثا عنا، ينبطح الجميع أرضا إلى أن يخفت نور القنبلة، ونواصل السير من جديد.الجميل في عملية الانسحاب هاته، أن الجندي البسيط تساوى مع الضابط، كانا يسيران جنبا إلى جنب ويقدم كل منهما العون للآخر، بعيدا عن قيود الرتبة العسكرية، كان الهم الأكبر هو الخروج من هذا الجحيم في أقرب وقت وبأي ثمن.واصلت الطائرات الإسرائيلية طلعاتها الجوية المكثفة من أجل تحديد موقعنا، دون جدوى، توالت الطلعات الواحدة تلو الأخرى، قام بعض الطيارين الإسرائيليين بالطيران على مستوى منخفض دون خوف من تعرضهم لمضادات أرضية، للمح أي تحرك مشبوه لعناصرنا، ومع ذلك باءت محاولتهم بالفشل.ونحن نراقب الطلعات الجوية الإسرائيلية، أثار انتباهنا غياب المقاتلات السورية عن أجواء الجولان، كما كانت الأمور في الأيام الأولى للمعركة. عزا بعضنا الأمر إلى تفوق الطيار الإسرائيلي في المعارك الجوية، الذي أصبح ملك سماء الجولان، تبرير رفضه اتجاه آخر منا، واعتبر الأمر استمرارا لخيانة بعض الضباط السوريين في حق المغاربة، عبر تركهم تحت رحمة الطيران الإسرائيلي.عندما حل الليل، شرعنا مجددا في الانسحاب، وبحكم أننا غرباء عن المنطقة، ولا وجود لسوريين يساعدوننا في معرفة وتحديد طريق العودة، وقع ما لم يكن في الحسبان، ضل العديد من المغاربة الطريق. بعضهم وجد نفسه بالحدود اللبنانية القريبة من الجولان، قبل أن يسلم نفسه للجيش اللبناني الذي أعاده إلى دمشق، وآخرون وجدوا أنفسهم محاصرين من قبل ميليشيات مسلحة، تبين في ما بعد أنها فلسطينية شاركت الجيوش العربية الحرب. خصص قادة هذه التنظيمات المسلحة احتفاء كبيرا للجنود المغاربة، وفي الغد سلمتهم إلى المسؤولين العسكريين السوريين.بعد مسيرة ثلاثة أيام، صرنا في أمان كبير، ونجحنا في العودة إلى القاعدة العسكرية التي تبعد عن أرض المعركة بـ20 كيلومترا.تكلفت فرق طبية سورية بنقل جثامين الشهداء، التي سحبناها من أرض المعركة، لدفنها بمقبرة خاصة بالعاصمة دمشق، أجريت لنا فحوصات طبية، ونقل المصابون بجروح خطيرة إلى مستشفيات دمشق للعلاج، قبل أن يلتحقوا بنا من جديد بعد تماثلهم للشفاء، بعدها سلم لنا مبلغ 2500 درهم تعويضا عن الجروح التي أصبنا بها. كان آخر الملتحقين بالثكنة العسكرية، جنديان، تخلفا عن مرافقتنا في عمليات الانسحاب. تأخرا بعد أن خططا لتفجير القاعدة العسكرية الإسرائيلية التي كنا نحاصرها بسفوح جبل الشيخ، ببسالة كبيرة، تمكنا من اجتياز الأسلاك الشائكة، وتسللا على طريقة "الكومندو" إلى داخلها من بابها الرئيسي، إذ لم تكن عليه حراسة، اعتقادا من الإسرائيليين أنه يصعب اقتحامه. كما كان الأمر لكل من حاول اقتحام هذه القاعدة. وجد الجنديان نفسيهما في متاهة داخل القاعدة العسكرية، بسبب كثرة الأنفاق والممرات، فجأة أغلق باب القاعدة، فاضطرا للاختباء في مكان منزو، وظلوا على هذا الوضع إلى أن فتح الإسرائيليون باب القاعدة من جديد، خصوصا بعد انسحابنا من المعركة، فغادراها خلسة، ليتفاجآ بانسحابنا فلحقا بنا.مصطفى لطفي

دم مغربي في الجولان10

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عبد الله إسوفغ... كاتم أسرار عبد الكريم الخطيب25

زكاة الفطر... فرض على كل مسلم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات