قال إن المسودة جاءت بتصور ينطوي على نظرة موضوعاتية وترقيعية يرى عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، أن خطوة إعادة النظر في التشريع الجنائي المغربي مهمة جدا، بالنظر إلى أن هذا القانون لم تطرأ عليه أي تعديلات جوهرية منذ 1962 أي بداية الاستقلال إلى الآن، على اعتبار أن التطور الذي حصل في المغرب على مستوى المجتمع انسانيا و عمرانيا ساهم في تطور نمط التفكير وأساليب الفعل الجرمي، وغير ذلك مما هو مرتبط بالمادة.واعتبر الشنتوف أن مسودة مشروع القانون الجنائي حملت في طياتها عددا من المستجدات الإيجابية التي لا يمكن نكرانها، من بينها تجريم الامتناع غير المشروع عن تنفيذ الأحكام الذي يمكن اعتباره مستجدا أساسيا ومهم بغرض المساهمة في تسريع وتيرة التنفيذ وإضفاء المصداقية والفعالية على تنفيذ الأحكام لزجر كل الممارسات التي تحقر الأحكام القضائية سواء أكانت صادرة عن الأشخاص أو الإدارات العمومية. تنضاف إليها مسألة الإقرار بتجنيح تشريعي للعديد من الجرائم، التي كانت في السابق إما غير مجرمة أو تحمل تكييفا جنائيا، وتبني العقوبات البديلة عن العقوبات الحبسية كالشغل لفائدة المنفعة العامة والغرامة اليومية وتقييد بعض الحقوق، وذلك لتفادي بعض الإشكاليات الناجمة عن تهديد الحرية بالاعتقال الاحتياطي، كما وسعت من نطاق الصلح وجعلت جل الجرائم المالية التي تهم المصالح الخاصة موقوفة على الشكاية. وهذا منحى حسب الشنتوف من شأنه تكريس ثقافة الصلح. كما أن هناك تقدما في بعض المواضيع التي همت تكريس حقوق الإنسان كالاعتقال التعسفي والتمييز، و جمع مقتضيات متفرقة في قانون واحد، وفي هذا السياق يمكن كذلك إدراج بعض الجرائم المتعلقة بالهوية و هذه مسائل متقدمة تراعي أمرين حماية المقومات الهوياتية من جهة والاستجابة للمقتضيات الدولية. الإيجابيات الني حملتها المسودة لا تعني أنها لا تتضمن بعض النقائص التي يجملها رئيس النادي في الاضطراب في تصور الأحكام المتعلقة بالعقاب، من قبيل سن مجموعة من المقتضيات لا تتلاءم و الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطن من قبيل الغرامة اليومية وغيرها، زيادة على "أن المسودة في الوقت الذي كان منتظرا منها أن تنحو في اتجاه الالتزام بالشرعية الجنائية نجدها تمعن في إهدارها عن طريق اللجوء إلى تعويم المصطلحات والنحو بالقانون الجنائي منحى الشريعة العامة، وهو أمر من شأنه جعل المغاربة مشاريع مجرمين"، فضلا عن أن هناك مشكل منهجية العمل، لأن المسودة لم تأت من تصور مندمج ومتكامل، ولكن وفق نظرة موضوعاتية وفي بعض الأحيان ترقيعية. ولم يخف الشنتوف أن المسودة بشكلها الحالي تتطلب إعادة الدراسة والتقويم للوصول إلى قانون جنائي يخدم البيئة المغربية بالأساس و"عندما أقول هذا الكلام فإنني أطالب بالقطع مع ثقافة استيراد القوانين من الخارج وإعمال الجهد في إنتاج قوانين محلية لا تأخذ من الخارج إلا المبادئ الكونية التي يشترك فيها الجميع"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يجب في اطار المقاربة التشاركية التي أصبحت مبدأ دستوريا أن تنظم أيام دراسية من قبل وزارة العدل والبرلمان لتسليط الضوء على هذه المسودة حتى تكون منتوجا تشريعا في المستوى. ك. م
