جرائم التواصل الاجتماعي…”الحزم”

سلوكات طائشة ومخططات تخريبية انتهت بأصحابها خلف القضبان بعد المس بالأمن والنظام العامين تحولت مواقع التواصل الاجتماعي من فضاءات للتعارف والدردشة وتداول الأخبار والتفاعل مع الأحداث المحلية والوطنية والدولية ونشر الصور والفيديوهات والشهرة، إلى وسيلة لتهديد الأمن والنظام العامين وإثارة القلاقل والفوضى والمس بحقوق الضحايا، دون استحضار عواقب الأمور. وأضحت مواقع التواصل الاجتماعي فضاء لاحتضان مختلف الجرائم التي تتوزع ما بين بث جرائم مفبركة وبث أخبار زائفة لاستقطاب المشاهدات واللايكات وتحقيق الأرباح المالية، وإشهار لأنشطة بيع أدوية دون رخص والقرقوبي والمفرقعات والشهب النارية والعصي الكهربائية والأسلحة البيضاء والتحريض على الهجرة السرية وتهديد الأمن العام أو وسيلة للانتقام والابتزاز والمس بأعراض الناس. وفي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي يبقي صاحبه خارج الاعتقال والمساءلة القضائية، باعتبار أن "فيسبوك" و"يوتوب" وغيرهما من المنصات عالم افتراضي يجعل الشخص محصنا من الفضيحة في حال عمد إلى إخفاء هويته، تفشل مخططات المتورطين بعد التعرض للاعتقال والمساءلة القضائية. وعكس قراءة عامة الناس لجرائم مواقع التواصل الاجتماعي، فإن رجال القانون يرون أن المشرع نص على عقوبات حبسية في حق كل من اختلق جرائم وهمية وإن لم ينشرها، أما ناشرها فيواجه عقوبات أشد، حسب الأضرار النفسية التي تركتها هذه المنشورات على المواطن وأجهزة إنفاذ القانون، وتداعياتها على الاقتصاد الوطني. م. ب الحيـاة الخاصـة خـط أحمـر التسامح مع الجرائم التي ترتكب على مواقع التواصل ساهم في تكاثرها "تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين"، مقولة لم يعد لها مكان في ظل ما يعاش بشكل يومي من "صعرة" على مواقع التواصل و"اليوتوب"، بعد أن غابت لغة الحوار وأضحى التشهير والمس بالحياة الخاصة، السبيل الوحيد لتحقيق الشهرة، وتصفية الحسابات. هذا الوضع دفع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، إلى التأكيد أنه لم يعد مسموحا بالتشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، أو متابعة المتهمين في تلك القضايا بقانون النشر والصحافة، وأنه سيتم التعامل بنوع من التشدد مع ظاهرة التشهير عبر المواقع الإلكترونية ووسائط التواصل الحديثة، لأن "كرامة الإنسان وحياته الحميمة مقدسان ولا يجوز المساس بهما". وأشار وهبي إلى أن محكمة النقض أصدرت، حكما اعتبره خطوة إيجابية كبيرة ومهمة في هذا الشق، بعد أن نص في تعليله على أن ما يصدر في وسائل التواصل الاجتماعي لا تنطبق عليه مقتضيات قانون الصحافة والنشر، بل مقتضيات القانون الجنائي. وقال الوزير إنه سيتم "دفع النيابة العامة نحو التوجه لتطبيق القانون الجنائي على وسائل التواصل الاجتماعي"، لافتا الانتباه أيضا إلى أن مشروع القانون الجنائي الذي ستتم إحالته قريبا على المؤسسة التشريعية يتضمن مقتضيات تشدد العقاب على الممارسات التي تمس بحريات الناس، معتبرا بعض ما ينشر على المواقع الاجتماعية "عيبا" ولا يجب السكوت عنه، متعهدا بعقاب شديد تم إقراره في النسخة المعدلة من مشروع القانون الجنائي. ما أشار إليه الوزير يكون إلى حد ما بعيدا عن الواقع في ترتيب الجزاءات وهو م يفسر ارتفاع مثل هذه الجرائم سواء التي تدخل في نطاق التشهير أو المس بالحياة الخاصة أو فبركة الجرائم، لتحقيق الشهرة والبوز، وهو الأمر الذي يؤكد أن تفاقمها يتطلب حلولا جذرية والتطبيق الصارم للقانون. ويرى متتبعون ومختصون أن القاعدة القانونية لا تكفي وحدها لمحاربة الجريمة الالكترونية، إذ أن الحديث عن الأمن المعلوماتي يتطلب وضع إستراتيجية شاملة وواضحة لترسيخ ثقافة المواطنة وحقوق الإنسان، من خلال تنشئة اجتماعية تهدف تربية النشء على احترام الآخر واستعمال وسائل الاتصال الحديثة بطريقة مشروعة وتجنب السلوكات التي تمس حرية وحقوق الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو جماعات. وسبق لمحمد عبد النباوي، عندما كان رئيسا للنيابة العامة أن شدد على ضرورة حماية الحياة الخاصة وعدم المساس بها، من خلال منشور موجه إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، من أجل التطبيق الصارم للمساطر القانونية والقضائية، بخصوص حماية الحياة الخاصة للمغاربة. وحدد المنشور الذي أصدره عبد النباوي الحياة الخاصة المعنية بالحماية، وتضم منع التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص، أو سري، دون موافقة أصحابها، ومنع تثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء وجوده في مكان خاص دون موافقته. ويدخل ضمن الحياة الخاصة، أيضا، بث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته أو بث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، من خلال بث أو توزيع شريط فيديو أو شريط صوتي دون موافقة صاحبه، كما يجرم النص القيام ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة. وتصل عقوبات انتهاك الحياة الخاصة للأفراد والأشخاص إلى ثلاث سنوات حبسا، بغض النظر عن جنس الفاعلين أو الضحايا، وكيفما كانت الوسائل المستعملة في الاعتداء، كالهاتف أو آلات التسجيل السمعي البصري أو الأنظمة المعلوماتية أو أي أداة أخرى. كريمة مصلي

جرائم التواصل الاجتماعي…”الحزم”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرجاء يتشبث بالمطاردة

انطلاقة قوية للمغاربة بماراثون الرمال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات