انطلاق فعاليات المنتدى الوطني 16 للإعاقة بسلا

انطلقت، اليوم الثلاثاء بسلا، فعاليات المنتدى الوطني الـ 16 للإعاقة الذي ينظمه المركز الوطني محمد السادس للمعاقين (من 8 إلى 11 أبريل الجاري) تحت شعار “الإعلام والإعاقة: الواقع والتحديات”.
ويهدف المنتدى، الذي ي نظم تحت رعاية الملك محمد السادس، وبمناسبة اليوم الوطني للإعاقة (30 مارس من كل سنة)، على الخصوص، إلى تحسين فهم وتناول الإعلام لقضايا الإعاقة وتغيير الصور النمطية السائدة، بما يسهم في بناء مجتمع دامج يتيح فرصا متساوية ويعزز الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية إعاقة، بما فيه تيسير الولوج إلى الإعلام والتواصل.
وبالمناسبة، أكد رئيس مجلس إدارة تسيير المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، محمد فكرات، أن الملك، منذ اعتلاء عرش أسلافه الميامين، لم يدخر جهدا في إطلاق أوراش اجتماعية لمحاربة الفقر والهشاشة وتشجيع المبادرات الرامية إلى حفظ الكرامة.
وأبرز أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن دأبت على النهوض بالجانب الاجتماعي ومحاربة كل أشكال الفقر والتهميش عن طريق اعتماد برامج للدعم الاجتماعي والاقتصادي، ضمنها فئة الأشخاص في وضعية إعاقة التي ما فتئت تحظى بعناية خاصة من جلالة الملك.
وشدد على أن المركز الوطني محمد السادس للمعاقين يشكل أداة فعالة لتعزيز الجهود المبذولة من قبل مكونات المجتمع المدني وبدعم متميز من المؤسسات الحكومية في مجال الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية إعاقة، منوها بالدور البارز الذي تضطلع به الجماعات الترابية والقطاع الخاص الذي يوفر الدعم للنهوض بهذه الفئة من المجتمع.
واعتبر فكرات أن المركز يشكل مرجعية وطنية في مجال الاهتمام بالإعاقة من خلال مواكبة الأشخاص في وضعية إعاقة، وتقوية البحث العلمي وتبادل الخبرات الناجحة ونمذجتها وطنيا ودوليا، وتحقيق الالتقائية بين البرامج المعتمدة.
من جهتها، أكدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذا المنتدى يعتبر محطة أساسية سنوية لتدارس قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالأشخاص في وضعية إعاقة.
وأضافت بوعياش أن اختيار موضوع المنتدى لم يكن اعتباطيا، بل إنه يلخص قناعة بأنه يمكن للإعلام، بمفهومه الواسع، أن يضطلع بأدوار تروم ترسيخ قيم المساواة والكرامة وتعزيز مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة في مختلف مجالات الحياة العامة.
وأبرزت أن إثارة القضايا الراهنة التي تهم هذه الفئة ليس من باب التذكير الرمزي فقط، بل لتقديم تقييم شامل لمدى إدماج حقوق هؤلاء الأشخاص في السياسات العمومية، موضحة أن اليوم الوطني للإعاقة هي بمثابة لحظة لتقييم جماعي لمدى وفاء السياسات العمومية والتزاماها اتجاه الأشخاص في وضعية إعاقة.
وأضافت أن الإعلام يعد من أبرز وسائل توجيه الرأي العام، ومن شأن تسلطيه الضوء على قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة تفكيك الصورة النمطية حولهم، سيما عبر تعزيز الوعي المجتمعي باحتياجاتهم ونشر ثقافة قبول الاختلاف.
ولاحظت بوعياش أن هناك محدودية في رصد ومتابعة الإعلام لقضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، والوصول الى المعلومات في ظل غياب الترجمة النصية لمتابعة المضامين الإعلامية، وكذا غياب إعلام شامل ومندمج، داعية إلى تقديم تمثلات واقعية تعكس تجاربهم واندماجهم وإبداعاتهم.
من جانبه، أكد الكاتب العام لقطاع الشباب بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، مصطفى المسعودي، أن هذا المنتدى يعتبر مناسبة ذات بعد إنساني واجتماعي تروم الوقوف على ما تم إنجازه لدعم حقوق هؤلاء الأشخاص في وضعية إعاقة، مشيرا إلى الدعم الذي تقدمه الوزارة للشباب المغربي، وضمنهم هذه الفئة.
وأضاف المسعودي، في كلمة ألقاها نيابة عن وزير الثقافة والشباب والتواصل، أن دستور المملكة نص على حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وضرورة إدماجهم في الحياة الاجتماعية، وهو ما يعمل المغرب على تحقيقه على أرض الواقع، مضيفا أن الوزارة منخرطة في دعم هؤلاء الأشخاص بالعمل، على الخصوص، على تهيئة بيئة شبابية دامجة تساهم في تعزيز مشاركتهم الثقافية.
وذكر بالتدابير التي تتخذها الوزارة من أجل تشجيع هذه الفئة من المواطنين، لاسيما فتح المؤسسات الثقافية والشبابية في وجه الجمعيات المهتمة بالأشخاص في وضعية إعاقة، واستفادتهم من فعاليات البرنامج الوطني للتخييم ومن الأنشطة الثقافية المتنوعة الدامجة.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى بإلقاء ماري لويس أبومو، المفوضة، رئيسة فريق العمل المعني بحقوق الأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة في إفريقيا، محاضرة بعنوان “نحو استراتيجية إعلامية دامجة: مقترحات عملية لدعم حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة”.
وتطرقت أبومو، وهي عضو اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إلى قضية ضعف تمثيل الأشخاص في وضعية إعاقة في وسائل الإعلام، مع اقتراح استراتيجية شاملة لتعزيز حقوقهم وضمان حضورهم الإعلامي بإنصاف.
واعتبرت أن وسائل الإعلام تلعب دورا محوريا في تشكيل التصورات حول الإعاقة، داعية إلى إعادة التفكير في الخطاب الإعلامي من خلال “مقاربة دامجة، تضمن تمثيلا منصفا وعادلا يعكس واقعهم دون تحريف”.
وشددت على أن مسألة إمكانية وصول الأشخاص في وضعية إعاقة إلى المعلومات تطرح كإحدى التحديات الرئيسية، مبرزة ضرورة أن تكون المضامين الإعلامية مكيفة مع مختلف أنواع الإعاقات، عبر توفير الترجمة إلى لغة الإشارة، والترجمة النصية الفورية، والوصف الصوتي، والصيغ المبسطة للقراءة.
من جهة أخرى، أبرزت أبومو أنه لا ينبغي أن يقتصر إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة على تمثيلهم في المحتوى الإعلامي فحسب، بل تمكينهم من الانخراط في المهن الصحفية والإعلامية، عبر تيسير فرص تكوينهم وتوظيفهم داخل المؤسسات الإعلامية.
ودعت إلى تحسيس الإعلاميين بقضايا الإعاقة، واعتماد ميثاق أخلاقي يضمن تمثيلا عادلا وغير تمييزي، وتعزيز التعاون مع الجمعيات المدافعة عن حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، بغية ضمان تغطية إعلامية عادلة وشاملة، تحترم كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة، وتسهم في إدماجهم الكامل داخل المجتمع.
وجرى خلال هذا اللقاء تكريم عدد من الوجوه الإعلامية المناصرة لقضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، وتوقيع اتفاقية شراكة بين المعهد العالي للإعلام والاتصال والمركز الوطني محمد السادس للمعاقين اتفاقية.
وتهدف هذه الشراكة، التي وقعها مدير المعهد عبد اللطيف بنصفية، ومدير المركز خالد بنحسن، إلى دعم التكوين العادي والمستمر لرجال ونساء الإعلام في مجال الإعاقة، بغية فتح آفاق جديدة للمساعدة في تواجد الأشخاص في وضعية إعاقة داخل وسائل الإعلام بالمغرب.
وتؤكد أرضية المنتدى أن اليوم الوطني للإعاقة مناسبة لتقييم التقدم المحرز في تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، لا سيما في ما يتعلق بحمايتهم وضمان حقوقهم الأساسية، مبرزة أن الدورة الحالية للمنتدى تشكل فرصة لتعبئة مختلف الفاعلين في مجال الإعاقة، من القطاع الحكومي والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية، والخبراء الدوليين، والجامعيين، والمجتمع المدني، والأفراد، بهدف مناقشة القضايا ذات الأولوية التي تهدف إلى تعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب.
وأضافت أن موضوع المنتدى يؤكد الدور المتنامي، بل الجوهري، الذي تضطلع به وسائل الإعلام في تحقيق الإدماج الاجتماعي،سيما في ضوء مقتضيات الدستور المغربي ومبادئ حقوق الإنسان.
وذكرت أن هذا المنتدى الوطني، المنظم بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يعد حدثا علميا وثقافيا ورياضيا، موجها لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة وأسرهم، وكذا الجمعيات والمهنيين العاملين في هذا المجال.
ويناقش المنتدى محاور تهم “تحليل وتقييم واقع تناول الإعلام المغربي لقضايا الإعاقة”، و”تعزيز دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية عن الأشخاص في وضعية إعاقة”، و”آليات تطوير كفايات الإعلاميين في معالجة قضايا الإعاقة”، و”دور الشراكات المتينة والمستدامة بين مؤسسات رعاية الأشخاص في وضعية إعاقة والمؤسسات الإعلامية”، و”سبل تحسين استراتيجيات وسياسات الإعلام لضمان تغطية عادلة لقضايا الإعاقة”، و”استعراض وتقييم النماذج الإعلامية الرائدة في معالجة قضايا الإعاقة محليا وإقليميا في إطار التجارب المقارنة”.