طالت في الأيام الأخيرة طوابير إدخال السيولة المكتنزة في البيوت إلى البنوك، كيف تقيمون نجاح الإجراء الخاص بالمساهمة الإبرائية في تحقيق أهدافه؟ نجاح هذا الإجراء يمكن قراءته من زوايا مختلفة ومتداخلة، فمن الناحية المالية الأرقام المعلنة تظهر إقبالا كبيرا، حيث تم جمع أكثر من 2 مليار درهم خلال 72 ساعة فقط، وهذه المؤشرات تعكس جدوى الإجراء في تعبئة موارد مالية كبيرة خلال فترة وجيزة. التحدي الأكبر يكمن في استثمار هذا النجاح المرحلي لتعزيز الثقة بين الطرفين، إذ يجب أن تكون هناك متابعة دقيقة لضمان استمرار الالتزام الجبائي، مع تحويل هذه المبادرة إلى رافعة لإصلاحات جبائية أعمق وأكثر شمولية، وتحقيق ذلك يتطلب اعتماد إجراءات طويلة المدى، تشمل تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتوجيه العائدات إلى مشاريع تنموية ملموسة تشعر المواطن بالأثر الإيجابي المباشر لإسهاماته الضريبية. هل يمكن اعتبار هذا التفاعل الكبير مؤشرا على رغبة المواطنين في تسوية أوضاعهم الضريبية بشكل دائم، أم هو استجابة لظرف استثنائي؟ التفاعل الكبير مع المساهمة الإبرائية يعكس ظاهرة مركبة يمكن قراءتها من منظورين رئيسيين، فمن جهة يمكن اعتباره مؤشرا إيجابيا على وجود رغبة حقيقية لدى شريحة واسعة من المواطنين لتسوية أوضاعهم الجبائية، وهو ما يعكس إدراكا متزايدا لأهمية الالتزام الضريبي، خاصة أن هذه المساهمة تقدم فرصة لتسوية الوضعية بأقل كلفة، مقارنة بالعقوبات والغرامات التي قد تفرض في حالات التهرب الضريبي. ولا يمكن إغفال العامل الظرفي الذي لعب دورا مهما في حصول هذا التفاعل، إذ جاء الإجراء مصحوبا بمهلة زمنية محدودة وضغوط نفسية وقانونية لتحفيز المواطنين على الانخراط فيه. ما هي التداعيات المحتملة لهذه المساهمة على النظام الاقتصادي بشكل عام؟ اقتصاديا، تعد المساهمة الإبرائية إجراء يمكن أن يكون له تأثير إيجابي مباشر على ميزانية الدولة من خلال تعزيز السيولة في الخزينة العامة، ما قد يمكن الحكومة من توسيع استثماراتها في مشاريع تنموية إستراتيجية، أو المساهمة في تقليص عجز الميزانية العامة، مما يعزز الاستقرار المالي والاقتصادي، كما أن تدفق هذه السيولة في وقت قصير قد يساهم في تحسين التصنيف الائتماني للمغرب. أما على المستوى الاجتماعي، فإن نجاح المساهمة الإبرائية يمكن أن يشكل نقطة تحول في العلاقة بين المواطن والإدارة الضريبية. أجرى الحوار: ياسين قٌطيب علي الغنبوري رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي