شبح المحاسبة يوحد التنظيمات السياسية الكبيرة والصغيرة في الهجوم على آلية الدعم العمومي لم تتوحد الأحزاب يوما كما وحدتها الانتقادات الموجهة للدعم العمومي. قللت من شأنه الأحزاب الكبرى، معتبرة أنه يشكل عائقا أمام طموح بلوغ التغطية الكاملة، فيما رفضت الأحزاب الصغيرة أن يتم التعامل معها بمنطق الصدقة، التي تخفي نية في تهميشها وإقصائها، من دائرة التأثير في الرأي العام، لكن ذلك لم يمنعها من دخول متاهات الحساب الذي يسبق الحملة، وذلك منذ أن بدأت الحكومة ترسم ملامح أجندة الاستحقاقات المحلية والجهوية المرتقبة بداية الخريف المقبل. الكبار يستصغرون دعم الدولة يعتبرون أن التمويل العمومي ضعيف ويفسح المجال ل" موالين شكاير" للولوج إلى المؤسسات لا تعتبر الأحزاب الممثلة في البرلمان، التي توصف تداوليا في الإعلام، بأنها أحزاب كبرى، التمويل العمومي للدولة كافيا لتغطية مصاريفها السنوية في تأطير المواطنين في كل الأقاليم والمداشر، وعقد أنشطة إشعاعية لتوعيتهم، كما تظل ضعيفة في مجال التحضير الجيد للانتخابات عبر التواصل الدائم مع المواطنين، في المكان عينه.واعتبر ممثلو الأحزاب السياسية أن الاتهامات التي تكال للأحزاب بأنها تلتهم المال العام، وتوظف مناضليها في المؤسسات العمومية، وتساهم في تسهيل عملية استفادة أطرها من المناصب التي توفرها المجالس الوطنية، والمؤسسات شبه عمومية، كلام كثير، يراد به باطلا، لأن تلك الأموال لا تنفق في ذلك.وقال عبد القادر الكيحل، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، إن التمويل العمومي، يعد ضعيفا مقارنة بحاجيات الأحزاب المطلوب منها القيام بواجبها الدستوري، في تأطير المواطنين والدفاع عن حقوقهم، ومساعدتهم كي يؤدوا واجباتهم تجاه البلاد.وأكد الكيحل أن حزبه يصرف سنويا قرابة مليار سنتيم، في هذا المجال في ما لا يصل الدعم العام السنوي المقدم من قبل الدولة، لحزبه 7 ملايين درهم، ما يعني عجزا ماليا يساوي 3 ملايين درهم، مضيفا أن الإشكالية تكمن في الاعتقاد السائد أن الأحزاب هي مؤسسات تسعى إلى تحقيق الربح، وهذا يروج في مخيلة العموم.وأوضح الكيحل أنه خلاف ذلك، فإن الأحزاب السياسية لها وظيفة التأطير، المنصوص عليها دستوريا، وهذا أمر معمول به في أمريكا وأوربا، إذ يعتبر التمويل المالي أداة مسهلة للعملية الديمقراطية، متسائلا كيف لمناضلي الحزب الانتقال في ربوع الأقاليم الوطنية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، من مالهم الخاص في الغالب الأعم. ومن جهته، أكد أنس الدكالي، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، مسؤول مالية الحزب، أن حزبه يعاني دائما العجز المالي لأنه وإن كان يشتغل بجزء ضئيل من التمويل العمومي، ومن مساهمات مناضلي الحزب، فإنه لن يتوقف عن القيام بعمله التأطيري للمواطنين في كل الأقاليم.وأوضح الدكالي أن تمويل الدولة عموما لا يغطي سوى 10 في المائة إلى 20 من حاجيات الحزب، مضيفا أنه اقترح توفير ثلاثة ملايير سنتيم حدا أدنى للتحضير للانتخابات، بشأن طباعة البرنامج الحزبي، وتوزيع الملصقات وصور المرشحين، وعقد التجمعات، مؤكدا أن حزبه ساهم من مال المناضلين في الحملة الأخيرة لتشجيع المواطنين على التسجيل في اللوائح الانتخابية، لأن صوت الناخب له قيمة لذاته، في اختيار من يشاء من المرشحين.واستغرب الكيحل لمطالب البعض بحذف الدعم العمومي عن الأحزاب، مشيرا إلى أنهم ضخموا من عملية المساعدة المالية الضعيفة، إذ قارن بين ما يقدم للأحزاب وما يقدم لفريق في كرة القدم يلعب في الدرجة الثانية، إذ يتجاوز الأحزاب بخمس مرات أو أكثر.مقارنة الكيحل، ساندها الدكالي بشكل مغاير حينما ألمح إلى أن شبيبة الحزب تعاني كثيرا جراء غياب الوسائل المادية التي تحتاج إليها كي تتحرك وتقنع المواطنين بوجاهة الانتماء الحزبي، وبأهمية المشاركة وعدم ترك الكرسي فارغا، مضيفا أن شبيبة الحزب تدخل في مفاوضات مع وزارة الشباب والرياضة كي تحصل على مساعدة لعقد تجمع أو مؤتمر أو ندوة موضوعاتية لمناقشة قضايا الشباب، فيما أندية رياضية تحصل على دعم كبير، علما أن الحزب يضم شبابا مثله مثل الأندية الرياضية.وسجل الكيحل أن من تداعيات ضعف التمويل العمومي للأحزاب، تمهيد الطريق ل" مالين شكاير" كي يغزوا الأحزاب ويتحكموا فيها، ويهمشوا أطرها، حاثا الدولة على وضع معايير جديدة تقيم للأحزاب وزنها في تأطير المواطنين، واستعمال المال المخصص للانتخابات في ما يخص هذا الجانب الحيوي للبلاد، الذي يسمح للمواطنين باختيار الأجود من البرامج، وأحسن المرشحين، من ذوي الكفاءة .لكن الدكالي اعتبر أن الدعم المالي لا يمكن قياسه بالوزن الانتخابي، ولكن بقدرة الحزب على إنتاج الحلول والأفكار، مقترحا أن تتم مساعدة الأحزاب في كل مناطق المغرب خاصة الصعبة الولوج، وعبر إنشاء صندوق تأطير المواطنين، على شاكلة صندوق دعم مشاركة الشباب والنساء، حاثا جميع الأحزاب على الوضوح والشفافية في إنفاق المال العام، بإلزامية وضع تصميم محاسباتي، وإعلان الممتلكات الحزبية للعلن، ومعرفة تكاليف بنائها وعدد فروعها، وأنظمتها المحاسباتية، حتى يطلع عليها المواطنون قبل قضاة المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية.لكن الكيحل يرى أن ميزانية حزبه الضئيلة لا يمكن مقارنتها بميزانية الأحزاب الناشئة غير الممثلة في البرلمان، لأن فرعا من حزبه في إقليم يحتاج إلى إمكانيات تضاهي ما يحصل عليه المقر المركزي لحزب صغير. العمل السياسي ليس تجارة قال أنس الدكالي القيادي في التقدم والاشتراكية، إن على الجميع أن يعرف أن التحضير للانتخابات يتم بشكل عقلاني ببرنامج متكامل، وبميزانية واضحة مدققة كي يقوم الحزب بواجبه، على أساس وجود محاسب مالي ينشر ثقافة أن كل ما يصرف يتضمن وثيقة دالة عليه، كما أكد عبد القادر الكيحل، القيادي الاستقلالي، أن التدبير الانتخابي يحتاج إلى ميزانية، لضمان نزاهة الانتخابات عبر إبعاد أصحاب المال، الذين يعتبرون أن الفعل السياسي تجارة. أحمد الأرقام