السعودي الخبير الأمني والإستراتيجي قال إن قوة الاستخبارات المغربية تكمن في تعاون أجهزتها كشف حسن السعودي، المستشار والخبير الأمني والاستراتيجي، أن "المدرسة" المغربية تفوقت في محاربتها للإرهاب، وذلك لأنها لم ترتكب الخطأ الذي ارتكبته دول أوربا وأمريكا التي اعتمدت الاستعلامات الرقمية في حين اعتمد المغرب على المقاربة الإنسانية... يتحدث الجميع اليوم عن قوة الاستخبارات المغربية في محاربة الإرهاب، باعتباركم خبيرا في المجال أين تكمن هذه القوة؟ بعد أحداث 16 ماي الأليمة بالبيضاء تبنى المغرب مقاربة عرضانية تعتمد على تداخل وتعاون الجميع من أجل الحصول على المعلومة ومحاربة الإرهاب، فبعد 2003 تبنى المغرب مقاربة شمولية وأصبح هناك تداخل وتعاون بين الفاعلين في المجال لمحاربة الظاهرة سواء على الميدان أو تتبع خيوطها على الشبكة العنكبوتية.إسبانيا وشحت عبد اللطيف الحموشي مدير"ديستي" وفرنسا ستقوم بالفعل مثله، وهذا فيه اعتراف بقوة المخابرات في التعامل مع الظاهرة الإرهابية "المدرسة" المغربية تفوقت في محاربتها للإرهاب، وذلك لأنها لم ترتكب الخطأ الذي ارتكبته دول أوربا وأمريكا التي اعتمدت الاستعلامات الرقمية المبنية على التكنولوجيا، في حين اعتمد المغرب على المقاربة الإنسانية، فالقوة في الموارد البشرية العاملة في الجهاز والتي يشترط فيها أن تتوفر على مؤهلات كبيرة، كما أن المواطن المغربي أصبح بعد 2003 متدخلا رئيسيا في أمن البلاد، إذ تغيرت رؤيته للعمل الأمني والاستخباراتي وأصبح يظهر تعاونا أكبر مع هذه الأجهزة، بل إن بعض المواطنين، خاصة في أحداث 2007 بحي الفرح، تجندوا وعملوا يدا في يد رفقة رجال الأمن من أجل إيقاف بعض المتهمين الحاملين لأحزمة ناسفة، دون أن يراودهم إحساس بالخوف من الموت.فالأمن بالنسبة إلى المواطن أصبح أساسيا ومهما وضروريا، والمغاربة قد يضحون ببعض الحريات إذا كان الهدف هو تحقيق الأمن، لأنهم يؤمنون بأنه بدون أمن لا يمكن ممارسة مجموعة من الحريات ولنا مثال بما يقع في ليبيا وسوريا والعراق. المغرب يسير في تبني التوجه الأنكلوساكسوني الذي يعتبر العمل الاستخباراتي عملا نبيلا، عكس المنظور الفرنسي الذي يحقر هذا العمل بالنظر إلى تواطؤ بعض رجاله في الحرب ضد ألمانيا. علاوة على دور المواطن الذي برز في السنوات الأخيرة فقوة المخابرات المغربية تكمن في تكامل عمل المجموعة الاستعلاماتية وعرضانيتها، وأقصد هناك مديرية مراقبة التراب الوطني (ديستي) ومديرية حفظ المستندات (لادجيد) والمخابرات العسكرية بالإضافة إلى باقي العاملين بوزارة الداخلية، دون أن ننسى وزارة العدل والحريات والسلطة التشريعية التي تشرع لقوانين تساعد وتسهل عمل المجموعات سالفة الذكر. كما أن المغرب اتبع مقاربة مؤسساتية ودستورية وصادق على جميع المعاهدات المتعلقة بالإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة، كما عبر عن انخراطه في افريقيا والعالم العربي والغربي. هناك من يرى بأن القوة الحقيقية للاستخبارات المغربية تتجلى في الضربات الاستباقية؟ العديد من الدول تعترف اليوم بقوة المخابرات المغربية، وهذه القوة اكتسبتها بالفعل من خلال تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية خلال العشر سنوات الأخيرة والتي قاربت في المجموع 100 خلية، وهو ما جنب المغرب حمامات من الدم وانعدام الأمن، وهي نقطة أساسية في عمل أي استخبارات، على اعتبار أنه إذا لم توجه ضربات استباقية ويقع عمل إرهابي ما، فإن الجهاز ومعه البلد ينتقل إلى مرحلة تدبير الأزمة التي أحدثها العمل الإرهابي ما يجعل الجهاز في موقع ضعف.فقوة الاستخبارات تكمن ليس فقط في الحصول على المعلومة بل تحليلها وتقييمها وبلورة استراتيجية للحفاظ على المصالح العليا للبلد. واعتراف فرنسا ولجوؤها إلى طلب المعونة الاستخباراتية من المغرب في مواجهة الظاهرة الإرهابية راجع إلى ما أظهرته الاستخبارات المغربية من عمل على أرض الميدان، ففرنسا لم تقصدنا "من أجل سواد عيوننا" ولكنها اكتشفت أن الإرهاب يتطلب تعاونا بين جميع الدول، خاصة التي تتوفر أجهزتها على خبرة مثل المغرب، لذا فهي رأت أنه شريك أساسي وأن تبادل المعلومات والخبرات مهم لمحاربة الظاهرة.وعلى هامش هذا الموضوع فقد أظهر المغرب تعاملا ذكيا في معالجته للأزمة التي كانت بسبب تعامل فرنسا مع الحموشي ومزوار، ومنذ اليوم سوف لن تلجأ فرنسا إلى تعامل سيء مثل ذاك الذي حدث في الواقعتين السابقتين.وخلاصة القول إن المغرب اعتمد مقاربة عرضانية مفتوحة على الخارج لإيمانه بأنه لا يمكن محاربة الإرهاب دون تعاون دولي، حسب ما تنص على ذلك معاهدة محاربة الإرهاب التي تعتبر تبادل الخبرات والمعلومات أساسيا في هذا المجال. المنظور المغربي للتعاون يصطدم بمنظور الجارة الجزائر المخالف، إلى أي حد ينعكس ذلك على أداء الاستخبارات المغربية؟ الجزائر لها منظور خاص في التعامل مع الظاهرة الإرهابية، قائم على رفض التعاون مع المغرب، بل إنها تضرب عرض الحائط الاتفاقية الدولية لمحاربة الإرهاب التي وقعت عليها، والتي تحث على التعاون بين جميع الدول، فوزير خارجيتها صرح أخيرا بأن بلده لا يمكن أن يقدم السجل الخاص ببعض مواطنيه المتورطين أو المنتمين إلى جماعات إرهابية، والذي يتضمن جميع المعلومات الخاصة بهم، إلى دولة أخرى، بل اعتبر أن القضية سيادية، وهذا المنظور لن يخدمها وقد يضر بجيرانها على اعتبار أن الإرهاب يتطلب مقاربة شمولية وتعاونا دوليا. أجرى الحوار: الصديق بوكزول في سطور- مستشار وخبير أمني مدير "سيكوري كونسلتين"- حاصل على دبلوم المعهد الوطني للدراسات العليا للأمن والعدل بباريس ودبلوم المعهد العالي للدفاع الوطني بباريس.