ما يمنع الدولة أن تصدر قرارا بتفكيك الشركة الوطنية للتهيئة الجماعية، المعروفة بـ"صوناداك"، ومعه وضع نقطة نهاية لحقبة من العفن والعشوائية وسوء التدبير والفساد الإداري والمالي؟ وفي حالة العكس، ما جدوى استمرار هذه الشركة في المشهد العام لأكبر مدينة بالمغرب، رغم أن الجميع يعلم (علم اليقين) أنها أضحت مشكلا بنيويا عويصا، بدل أن تكون جزءا من الحل، وهي التي أسست في 1994، من قبل وزارة الداخلية، بأحلام كبرى في إنجاز مشروع ملكي (فتح مسجد الحسن الثاني على محيطه الحيوي/نقل 10 آلاف مواطن مغربي، في ظروف تحفظ الكرامة، إلى مدينة "النسيم"؟ على مدى 30 سنة، لم تبخل الدولة على هذه الشركة المدللة، وعبدت لها جميع الطرق والقوانين والمساطر والموارد البشرية والمالية من أجل ما كلفت به، ووضعت بين أياديها عشرات الهكتارات من أراضي الخواص والجماعة، بمناطق مختلفة بالمدينة، لعل وعسى، تسرع في تنفيذ المشروع. أكثر من ستة مديرين عامين تعاقبوا على الشركة، اختيروا وفق قواعد الكفاءة والتجربة والمراس في الإدارة العمومية والقطاع الخاص، لم يفلح أحد منهم في إخراجها من مستنقع الجشع الذي تحول إلى "برنامج عمل"، ومنهاج من أجل الاغتناء السريع ومراكمة الثروات على حساب آلام القاطنين وأصحاب العقارات المنتزعة، وكثير منهم لم يستلم تعويضاته إلى حد الآن. وعوض أن ينكب مديرو الشركة على الأساسي والمهم، راحوا يبدعون في أساليب التماطل والتعثر وتبرير الفشل وطلب الإسعاف والمساعدة من مؤسسات الدولة التي كانت تتدخل بكرم لحل المشاكل، إداريا وماليا ومسطريا (دخول صندوق الإيداع والتدبير على الخط في 2008). وكلما تنفست الدولة الصعداء، وقالت في نفسها إن الشركة "غادي دير عقلها"، وستنكب على ما كلفت به، كانت "صوناداك" تضع قدما أخرى في الوحل الذي لم تخرج منه إلى اليوم، وتسبب في كوارث كبرى، أصغرها الحجز على ممتلكاتها وعقاراتها ومكاتبها لفائدة الدائنين الذين أصدرت المحاكم قرارات تنفيذ نهائية لفائدتهم. وخلال هذا المسار من العبث (الذي يتواصل بطرق مختلفة)، وجدت الدولة والسلطة المنتخبة نفسها أمام واقع جديد، إذ تحولت المنازل (التي كان من المفروض أن تهدم في وقتها، ويعوض أصحابها وفق الشروط السابقة)، إلى دور آيلة للسقوط، وقنابل موقوتة يمكن أن تنهار في أي لحظة على رؤوس قاطنيها. وشئنا أم أبينا (ورغم الاختلاف في وجهات النظر)، هناك، اليوم، واقع جديد في المحج الملكي، عنوانه الأكبر: حياة الناس التي يجب أن تنقذ بأي وسيلة، مع جميع الأضرار المحتملة التي تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والتاريخية شركة، ينبغي أن ترحل الآن قبل الغد. ربما بعد الرحيل، يحمل المستقبل أشياء جميلة.. للجميع. يوسف الساكت للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma