الخضراوي: الضغط النفسي وراء استعمال السلاح الوظيفي

رئيس المرصد القضائي للحقوق والحريات أكد ضرورة توفير برامج تدريب ومصاحبة نفسية أكد محمد الخضراوي، رئيس المرصد القضائي لحقوق والحريات، أن الجرائم التي يرتكبها الأمنيون بالسلاح الوظيفي، تتطلب مقاربة شمولية لفهمها باستحضار جميع العناصر. وأضاف في حوار مع "الصباح" أن القضاء الإداري الفرنسي اعتبر في العديد من حالات انتحار رجال الشرطة بواسطة السلاح الوظيفي أن مسؤولية الإدارة قائمة ويتعين تحميلها التبعات القانونية أثير أخيرا، عدد من الجرائم الفاعلون الأصليون فيها هم رجال الأمن والوسيلة المستعملة هي السلاح الوظيفي، في نظركم ما سبب ذلك؟ لا شك أن الحوادث الإجرامية بصفة عامة تثير الكثير من النظريات والتحليلات والمقاربات لانعكاساتها النفسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى.لكن عندما تقع هذه الحوادث داخل الجهاز المكلف بحفظ الأمن العام، أو ترتكب ممن ينتسب إليه، فإن الأمر يصبح قضية رأي عام ويقتضي التعامل الكثير من الدقة بعيدا عن التحليلات الانطباعية أو ردود الفعل غير الموضوعية. وهنا لا بد من التأكيد على منطلق أساسي، أولي وهو أننا لا نتوفر على معطيات إحصائية رسمية حول عدد الحوادث المرتكبة، بواسطة السلاح الوظيفي للشرطة سواء بالنسبة لحالات الانتحار أو قضايا الاعتداء على الغير، ونبقى فقط أمام المعطيات التي تفرزها التغطية الإعلامية التي تسلط الضوء عليها. هذا على عكس عدد من الدول التي تنشر هذه المعطيات والأرقام بدون أي حساسية وتكون موضوع نقاش عام حول الأسباب والتداعيات، وأحيانا تكون موضوع نزاع بين الإدارة ونقابات الشرطة، كما رصدنا الأسبوع الماضي، فقط في بلد فرنسا، إذ سجلت سنة 2014 55 حالة انتحار في وسط الشرطة بواسطة السلاح الوظيفي، ما دفع بوزير الداخلية الفرنسي مع بداية هذه السنة إلى وضع عدد من الإجراءات والتدابير. وقد عرف تحليل هذه الأرقام مواقف متناقضة بين الطرفين، لكن المهم بالنسبة أن حوارا جديا تم فتحه بين مختلف الفاعلين. ولكن الأمر له من الخطورة بمكان على اعتبار أن السلاح الوظيفي لا يمكن استعماله في غير ما حدد له؟ من الثابت أن استخدام الشرطي سلاحه الناري، وهو بصدد أداء وظيفته يكتنفه قدر كبير من الحساسية ويخضع في ذلك للضوابط القانونية والرقابة الإدارية والقضائية، مما يعكس حجم الضغط الكبير والمسؤولية الثقيلة التي تنوء بها كواهل قوات الشرطة، وهو ما يستلزم التأكيد أولا على أهمية التشدد في شروط الانتقاء، والولوج، وظروف التدريب والإعداد، لمواجهة الإكراهات الواقعية المتعددة، التي يتحملها الشرطي وهو يمارس مهمته في السهر على إنفاذ القانون وحماية النظام العام. وفي هذا السياق أشير إلى أن المؤتمر السابع للأمم المتحدة لمنع الجريمة الذي عقد بهافانا سنة 1990، انتبه إلى موضوع خطورة حمل السلاح وشدد على ضرورة إيلاء أجهزة الشرطة عناية خاصة، عند انتقاء العاملين فيها والتكفل بتدريبهم وتوعيتهم بشكل ملائم. وعموما وفي التجارب الدولية المقارنة، فقد تم التنصيص لمواجهة هذه الظاهرة على ضرورة تعزيز صفوف إدارة الشرطة بعدد هام من الأطباء النفسيين لإجراء اختبارات نفسية عند الانتقاء الأولي لولوج صوف الشرطة، ثم ليقوموا ثانيا، وهذا هو المهم، بمصاحبة نفسية وقائية لأفراد الشرطة على اختلاف رتبهم، من خلال جلسات استماع وتقييم محايدة تخفف من الضغط الكبير الذي تفرض عليهم المهام الخطيرة والمتعددة التي يتحملونها يوميا وإيجاد توازن بين ظروفهم المهنية وأعبائهم العائلية. كما اقترحت بعض الإدارات على قوات الشرطة التابعة لها ترك سلاحها بمقرات عملها بصناديق اسمية خاصة، تدبيرا وقائيا تحفظيا. هل تظنون أن ذلك كاف لحد من الجرائم التي ترتكب بالسلاح الوظيفي؟ يبدو أن المهنيين ونقابات الشرطة في تجارب دولية مقارنة لم تتقبل هذه التدابير لوحدها، معتبرة أن الأمر أكبر من ذلك، ويتعلق بخلل في تدبير المرفق، وفي ظروف اشتغال الشرطة، مطالبة بضرورة مراجعة القوانين المنظمة لمهنة لتكون أكثر شفافية وديمقراطية، وهنا لا بد أن نشير إلى أن القضاء الإداري الفرنسي اعتبر في العديد من حالات انتحار رجال الشرطة بواسطة السلاح الوظيفي أن مسؤولية الإدارة قائمة ويتعين تحميلها التبعات القانونية.واعتقادنا في مرصد أنه رغم غياب أرقام محددة رسمية للظاهرة فإنه مبدئيا، يتعين الاهتمام بشكل أكبر بشروط الانتماء لهذا المرفق الحيوي الحساس وتوفير برامج تدريب ومصاحبة نفسية طيلة المسار المهني لقوات الشرطة، مع عناية كبرى بأفرادها وتخويلهم أمنا ماديا واجتماعيا يمكنهم بدورهم من تحقيق الأمن العام للمواطنين.أجرت الحوار: كريمة مصلي في سطور - دكتور في القانون- رئيس المرصد القضائي للحقوق والحريات- رئيس القسم الفني بمحكمة النقض- أستاذ زائر

الخضراوي: الضغط النفسي وراء استعمال السلاح الوظيفي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدويري: الهبات الإلهية أنقذت حكومة بنكيران

الريسوني يحرم قتال "داعش"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات