“الحريك”… يطور أساليبه

رغم تشديد المراقبة على السواحل المغربية من قبل عناصر الدرك الملكي، والبحرية الملكية، فإن مافيا الهجرة السرية تواصل عمليات "الحريك" بطرق غريبة ومتطورة، من أجل تفادي المواجهة المباشرة مع العناصر الأمنية.واستغلت شبكات الهجرة السرية استقرار الوضع البحري خلال الآونة الأخيرة، وأعادت تنظيم رحلات نحو الضفة الأخرى، كان أبرزها التحريض على "حريك" جماعي إلى سبتة، تم بثه على قنوات التواصل الاجتماعي. إنجاز: أحمد سكاب (الجديدة) عادت شبكات الهجرة السرية إلى تكثيف أنشطتها، بعد فترة كانت فيها أحوال الطقس غير مناسبة للعبور إلى الضفة الأخرى، إذ شهدت السواحل المتوسطية والأطلسية، على حد سواء، حركية كبيرة للهجرة هذه الأيام، ووثقت مجموعة من الفيديوهات وصول قوارب إلى الضفة الأخرى. أطفال وقاصرون أظهر مقطع فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، وصول ما يفوق 60 مهاجرا إلى الأراضي الإسبانية، قادمين من سواحل الجديدة عبر قاربين تقليديين، بينهم أطفال صغار ونساء وعدد من القاصرين، إضافة إلى عشرات الشباب، قبل أن يسقطوا في يد البحرية الإسبانية. وتظهر المشاهد ذاتها، موظفي البحرية الملكية وعناصر "الكوارديا سيفيل"، ينقلون أطفالا صغارا وقاصرين من قارب البحرية الإسبانية، ووزعوا عليهم بطانيات تقيهم من البرد، وتم نقل الرضع إلى مراكز طبية خوفا من إصابتهم بالأمراض، علما أنهم وصلوا في الليل وفي درجات حرارة منخفضة. وأجرت عناصر الصليب الأحمر الإسباني، فحوصا روتينية للمهاجرين، الذين استقلوا قاربا صغيرا للصيد، وقضوا حوالي 24 ساعة قبل الوصول إلى "غرانادا" بالجنوب الإسباني، وتأكدت من أنهم بحالة جيدة. حملات صارمة في المقابل، شنت السلطات الأمنية المغربية في الأيام القليلة الماضية، عددا من الحملات لإيقاف عناصر تنتمي إلى شبكات الهجرة السرية، بسواحل إقليم الجديدة، الممتدة من البئر الجديد إلى أولاد غانم، حيث أطاحت بشبكات كبيرة تخصصت في التهجير السري عبر قوارب الموت. وأضحت سواحل إقليم الجديدة قبلة لشبكات الهجرة السرية، التي تستعمل منصة للوصول إلى جزر الكناري، إذ أوقفت السلطات الأمنية بالجديدة أخيرا شبكة بتراب جماعة مولاي عبد الله كانت تحضر لعملية الهجرة السرية، وأجهضت مخططها، إذ كانت تنوي الدفع بعدد من الشباب نحو المحيط الأطلسي، رغم المخاطرة الكبيرة التي تنطوي عليها تلك المغامرة، إذ أن جل الذين يقصدون جزر الكناري يتيهون في الطريق ولا يصلون إلى وجهتهم. تحدي الموت رغم تكرار مآسي الهجرة السرية، والتحذيرات المتكررة من ركوب أمواج البحر للهجرة غير القانونية، فإن شبكات "الحريك" ما تزال تجد زبائن يدفعون لها أموالا كثيرة، رغم أن المغامرة يمكن أن تكلفهم حياتهم، نتيجة الأوهام التي تسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأحالت عناصر الدرك الملكي التابعة للقيادة الجهوية بالجديدة، أخيرا، على أنظار الوكيل العام باستئنافية الجديدة عشرة مرشحين، من بينهم قاصرون في حالة اعتقال، بعدما تمكنت عناصر الضابطة القضائية من إيقافهم، الاثنين الماضي، في حدود الساعة الرابعة صباحا، بتراب جماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة، حيث مكنت هذه العملية من حجز زورق مطاطي ومحرك كانا مخبأين بإحدى المناطق الشوكية قرب شاطئ دوار أولا عبو. وجاء إيقاف هذه العناصر إثر معلومات دقيقة توصلت بها عناصر الدرك الملكي بالجديدة، وبعد عملية الترصد تمت مباغتة الموقوفين العشرة، وبعد إشعار النيابة العامة، أعطت تعليماتها بوضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية، وفتح بحث في الموضوع. تشديد المراقبة بالشمال تمكنت، أخيرا، عناصر الشرطة بالأمن الجهوي بالحسيمة، على ضوء معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إيقاف ثلاثة منظمين تتراوح أعمارهم بين 29 سنة و46 ، من ذوي السوابق، يشتبه في ارتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم عمليات الهجرة غير القانونية والاتجار بالبشر. وعلمت "الصباح" من مصدر مطلع أن إيقاف المنظمين الثلاثة، تم وهم بصدد الإعداد لتنفيذ عملية للهجرة غير الشرعية عبر المسالك البحرية الشمالية، وبرفقتهم ستة "حراكة"، تم تحصيل مبالغ مالية تتراوح بين 20 ألف درهم و50 ألفا من كل واحد منهم، مقابل المشاركة في هذه العملية. وحسب المصدر ذاته، مكنت عمليات التفتيش التي واكبت هذه العملية الأمنية من ضبط قارب مطاطي مزود بمحرك بحري بمنطقة إمزورن، فضلا عن ضبط مجموعة من سترات النجاة والمعدات المستعملة في الملاحة البحرية. وتم الاحتفاظ بالمنظمين الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية، فيما تم إخضاع المرشحين للبحث القضائي الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، قصد تحديد كافة الامتدادات المحتملة وباقي المتورطين في هذا النشاط الإجرامي. الهجرة الجماعية كان هذا الموضوع الحدث الأبرز، نهاية الأسبوع الماضي، حيث أحبطت السلطات الأمنية بعمالة الفنيدق خطة "حريك" جماعي لمجموعة من القاصرين في اتجاه سبتة المحتلة. وتمكنت خلال هذه العملية العناصر الأمنية من إيقاف العشرات من القاصرين وإعادتهم إلى مدنهم.وتعاملت المصالح الأمنية مع خبر "حريك" جماعي، يوم 15 شتنبر الجاري تم بثه على قنوات التواصل الاجتماعي، بشكل جدي واستباقي، حيث أرسلت تعزيزات أمنية إلى المناطق الشمالية المحاذية لمدينة سبتة المحتلة، وبالأخص بالفنيدق، حيث سيجت السلطات شواطئها لمنع أي محاولة للهجرة غير المشروعة عن طريق السباحة. كما قامت السلطات الأمنية بفرض رقابة على جميع وسائل النقل العمومية والخاصة المتوجهة نحو الفنيدق. ونجحت الأجهزة الأمنية بمختلف تلويناتها في إحباط تلك العملية، وتعاملت معها باحترافية كبيرة. قوانين تحتاج إلى التحيين أكد رشيد وهابي، أن أحداث الفنيدق الأخيرة أظهرت نوعا آخر من الأفعال، التي يمكن أن يكون لها طابع إجرامي منظم وخطير، إذ أن الدعوة للهجرة، يمكن أن تكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبشكل علني ومنظم، مع إشعار السلطات بتاريخ القيام بها، والهدف استدراج الآلاف من القاصرين والشباب، ما قد يحرك جيوشا من مختلف السلطات للتصدي لها، وتكبيد الدولة خسائر مالية وأحيانا بشرية. وأضاف وهابي أن الأخطر هو المس بسمعة البلاد أمام مختلف القنوات الإخبارية الصديقة والعدوة، وأن هذه الأحداث قد يستغلها البعض لتأجيج الوضع الاجتماعي، متسائلا هل توجد نصوص قانونية تجرم الفعل وتحدد عقوبته، مهما كانت النتائج التي تترتب عنه، سواء نجحت الهجرة غير المشروعة العلنية أو فشلت، وهل يمكن أن تقع هذه الأفعال التي شاهدناها تحت مقتضيات الاتجار في البشر، أم تحت مقتضى قانوني آخر، وهل أصبحنا في حاجة لتحيين جديد للقانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، لتشديد العقاب على المحرضين. ويؤكد وهابي، أن الفعل الداعي إلى التحريض على الهجرة العلنية الجماعية خارج التراب المغربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكن أن ينطبق عليه وصف جريمة الاتجار في البشر، لأنه يغيب عنه أهم عنصر في هذه الجريمة، وهو عنصر الاستغلال، لأن المحرض لا يعرف من سيستجيب له ومن سيشارك في الهجرة العلنية، كما أنه لا تتوفر فيه العناصر الأخرى المحددة في الفصل 541 من القانون الجنائي كاستدراج الضحية أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله، أو الوساطة، وحتى لو أردنا أن نفترض أن الدعوة والتحريض على هذا الشكل من الهجرة يسعه فعل التجنيد المحدد في الفصل 541 من ق ج، فإن غياب عنصر الاستغلال، ومعرفة المحرض بمن استجاب لتحريضه، يبعد عنه هذه التهمة. واعتبر رشيد وهابي أن الفعل الذي ارتكبه المحرضون، يمكن أن يقع تحت طائلة الفصل 299 من القانون الجنائي، الذي يعاقب على التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح، بجميع الوسائل، بما فيها مواقع التوصل الاجتماعي، ولكن العقوبة ليست بالردع الذي يمكن أن يثني الأشخاص عن اقترافها أو معاودة اقترافها، لأن العقوبة هي بين ثلاثة أشهر حبسا نافذا وسنة، وليست هناك أي عقوبة مشددة في حالة العود إلى ارتكابها من جديد، ويمكن كذلك أن تتم متابعة المحرضين على هذه الهجرة الجماعية بمقتضيات المادة 52 من القانون رقم 02.03، التي تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم كل من نظم أو سهل دخول أشخاص مغاربة كانوا أو أجانب بصفة سرية إلى التراب المغربي أو أخرجوهم. واعتقد وهابي أن الفصل 299 من القانون الجنائي، هو الفصل الوحيد في القانون المغربي الذي يعاقب على فعل التحريض على الهجرة العلنية غير المشروعة، وهو فصل لا يفي بالردع والعقاب الكافي لمثل هذه الأفعال الخطيرة، لذلك وجب أن يتدخل المشرع المغربي، ليجرم فعل التحريض على الهجرة السرية أو العلنية بجميع الوسائل، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، ويحدد عقابا مشددا في حالة اقترافها، لأنها تمس باستقرار البلاد وسمعتها الدولية، وتسيل لعاب بعض الدول الشريرة، التي تستغل الفرصة لبث الأكاذيب والإشاعات المغرضة لتأجيج الوضع الاجتماعي، وجعل العقاب مشددا بحسب النتيجة التي تؤول إليها دعوة هذا التحريض، والنص صراحة على مسؤولية الآباء في أداء الغرامات والتعويضات المدنية على أفعال أبنائهم القاصرين، ويكون التجريم محددا في القانون رقم 02.03. التحريض الرقمي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة بخبر هجرة جماعية معلنة من قبل عدد من الشباب، يوم 15 شتنبر الجاري، ولم تعرف هويات الجهات المحرضة للشباب على هذه الهجرة السرية والمغامرة في اتجاه المجهول. واعتبر عدد من رواد الفضاء الأزرق أن التهريب الرقمي أصبح يشكل أحد التهديدات الأمنية على شباب المجتمع من خلال تشجيعهم على ركوب المغامرات في اتجاه المجهول، ومنهم على وجه الخصوص قاصرون لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات. وانتقد عدد من المهتمين الوسائط الرقمية بصفة عامة، ووسائل التواصل الاجتماعي بصفة خاصة، والتي باتت تشكل خطورة، حيث كان لها دور كبير في تهييج وتسهيل ترويج عدد من الأنشطة غير القانونية، ومنها ما تم بالفعل بترويج مسبق ومعلن والتحريض على الهجرة السرية، وهو ما يشكل تحديا كبيرا للسلطات الأمنية، إذ يستوجب الأمر التدخل بشكل استباقي في مثل هذه الأمور، والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التغرير بقاصرين وتحريضهم على ارتكاب أفعال إجرامية. وباتت شبكات التهريب والهجرة السرية تستعين بشكل متزايد بالخدمات الإلكترونية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف المحمول للتجنيد والتواصل وتحويل الأموال والتقاط وتسليم المهاجرين، وتوفير إرشادات الطريق، ومشاركة الصور ومقاطع فيديو، حيث غيرت هذه الشبكات من طريقة عملها التقليدية، واستغلت التطبيقات الرقمية تفاديا لإحباط عملياتها المنظمة، واستخدمت تطبيقات التراسل الفوري للترويج لخدماتها غير الشرعية عبر نشر مقاطع لعمليات العبور الناجحة، فضلا عن استغلالها للتفاعل وتبادل المعلومات وتسهيل الرحلات والتخطيط لها.

“الحريك”… يطور أساليبه

نشاطه في تزايد رغم تضحيات البحرية والدرك ووصل قمته بالفنيدق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وازيزي... الضابط الفنان والرياضي

السكن الاجتماعي... الكذبة الكبرى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات