الاستثمـار الرقمـي… المصيـدة

القاسم المشترك بين محترفي النصب الرقمي، تطبيقهم الفعلي لمقولة "الطماع يقضي عليه الكذاب" للنصب على ضحاياهم، عبر إغرائهم بالمساهمة في مشاريع رقمية، من قبيل التداول بالعملة الافتراضية أو التجارة الإلكترونية، وآخر الابتكارات في عالم النصب، الاشتراك في قنوات على موقع "يوتوب" مع وضع زر إعجاب، مقابل عمولة أسبوعية عن كل عملية، وبعد كسب ثقة الضحايا والرفع من نسبة مساهماتهم المالية لمضاعفة الأرباح، يختفي المتهمون ويتبخر الحلم. المثير في مثل هذه القضايا، أن الطمع يعمي البصيرة، إذ رغم إثارة ملفات كبرى للنصب الإلكتروني، يتزايد عدد الضحايا كل سنة، فالربح السريع ودون مجهود، يوهمهم أن هذه المرة سيكون حقيقيا، ويساهم في ترسيخ هذا الوهم، أقارب وأصدقاء وجدوا أنفسهم متورطين، وسارعوا لاستقطاب المزيد من الضحايا مقابل امتيازات وفي الوقت نفسه مواساة لأنفسهم في حال وقوعهم في فخ النصب، مرددين عبارة "إذا عمت هانت". م. ل غسـل الدمـاغ المستقطبون يتلقون دروسا ويثقون في إغراءات ما يمنع تخليصهم من الشرك تتكرر عمليات النصب والاحتيال على العشرات بل المئات من المبحرين في الأنترنيت، بطعم الاستثمار المريح والربح السريع، رغم تعرض الآلاف من المواطنين للاحتيال عليهم في أموالهم، بدءا من قضية النجاة الإماراتية ومرورا بملف لورن أند أورن، الذي حصد الضحايا من مختلف المدن، إذ تتكرر المآسي نفسها وفي كل مرة يظهر ضحايا كانوا يبحثون في السر عن ربح سريع ووظفوا أموالا بل واستقطبوا ضحايا آخرين بعد إقناعهم بالمشروع والإيقاع بهم في الفخ. وتطور النصب بتوريط المؤسسين لأشخاص في مختلف المدن، إذ تحولت المتابعات إلى ما يشبه التوريط الهرمي بعد أن يختفي المدبرون الرئيسيون للشبكة ويتركون وراءهم من أوهموهم أنهم مديرون حسب عدد من جلبوهم من الزبناء المنخرطين وبما دفعوا من أموال. تكرر السيناريو في أكادير وتطوان وطنجة وظهر محتالون رقميون يجيدون التعريف بالمشروع ويفلحون في غسل أدمغة المستهدفين لدفعهم لضخ الأموال. عمليات غسل الدماغ التي يتعرض لها المحتال عليهم، تمنع استيقاظهم من الحلم، بل لا تجدي المحاولات التي قد يبديها أقارب، لثنيهم عن الاستثمار أو المشاركة في العملية غير معروفة النتائج، بل إن المؤسسين ينهجون أسلوبا تكتيكيا في البداية وينفقون أموالا كبيرة، لإقناع من يختارونهم لبدء حملة جمع الأموال بوهم الاستثمار المربح والسريع، فيقدمون لهم دروسا في البيع والشراء والماركوتينغ، كما يعرضون عليهم أشرطة لأشخاص يدعون أنهم تحولوا إلى مليارديرات بعد أن كانوا لا يملكون شيئا، وهي دروس في واقع الأمر لا تعدو أن تكون عمليات غسل الدماغ لتحصين المستهدفين من محاولات تنويرهم وإشعارهم بالخطر الذي انغمسوا فيه. ويحرص المنظمون في البداية على السرية في عقد اللقاءات، إذ يختارون فندقا مصنفا يكترون قاعة به، ويدعون لمنخرطيهم أن المقاعد محدودة وأن عليهم أن لا يأتوا مرافقين بغير المنخرطين، لتبدأ عمليات الإبهار والإقناع، ويشاهد الضحايا المدير وحاشيته بلباس أنيق، ويتلقون خطابات الإغراء، كما يروجون بين ضحاياهم أن الاستثمار نوع جديد، لا يتقنه العامة، وأن الناس سينتقدون ويشككون، لسبب بسيط هو جهلهم بالآليات الجديدة للاستثمار التي لم تعد تعتمد على الطرق الكلاسيكية وغير ذلك من الادعاءات. ولحبك السيناريو، فإن المنخرطين الأوائل، يتلقون مقابل ما ساهموا به أرباحا أولية، ويشعرون بأنها دخلت في رأس مالهم الذي سيتضاعف وفق السلسلة الهرمية، ما يشعرهم بأنهم يدخرون أموالا تتنامى مع الوقت وأنه بمقدروهم سحبها في أي وقت، ويحثهم النصابون على المزيد من استقطاب المنخرطين الآخرين للترقي في سلالم التسيير الإداري والتحول من مدير إلى مدير مديرين، إلخ، في شبكة هرمية تزداد مداخيلها كلما ازداد عدد المنضوين تحت لواء المدير الواحد وبحجم مساهماتهم. وفي إحدى الحالات التي أسقطت العديد من الضحايا، ظل العديد من الذين أغراهم الاستثمار، ودفعوا في البداية 20 ألف درهم، يحلمون بالوصول إلى ما سماه المؤسسون للتنظيم الهرمي، بـ "القلادة العجيبة"، التي تجعل صاحبها يوفر دخلا شهريا كبيرا دون عناء، حتى إن توقف عن استقطاب المنخرطين الجدد، قبل أن يكتشف من دفعوا أموالهم أن المسألة عبارة عن حيلة عجيبة أسقطتهم في النصب والاحتيال، بعد أن واجههم من استقطبوهم إلى الاستثمار الوهمي، بشكايات أمام القضاء، وأصبحوا مسؤولين عن وقائع الاحتيال، ليجدوا أنفسهم يجهلون الهويات الحقيقية لمن جندوهم و يدفعون ثمن تهورهم وطمعهم غاليا. المصطفى صفر

الاستثمـار الرقمـي… المصيـدة

محتالون سطوا على أموال بالملايير بإغراء الضحايا بأرباح في مشاريع وهمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كيلاني ضمن "فن وتجربة"

اعتقـال جنـود مهربيـن

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات