مدونـة الأسرة… الجدل الكبير

يستأثر ورش مراجعة مدونة الأسرة بقدر وافر من الاهتمام الوطني والدولي، بالنظر إلى الأبعاد التي يكتسيها على جميع الأصعدة، خاصة من الناحية الاجتماعية والدينية والفردية والجماعية للمجتمع المغربي. واتفق جميع المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن الديني بالمغرب، على أن الأشواط التي قطعها ورش مراجعة المدونة، جاءت في خضم الجدل الذي يرافق التعديلات في بعض النقط الخلافية بين مختلف شرائح المجتمع المغربي، ومرورها من الهيأة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، وتقديمها التعديلات المقترحة إلى جلالة الملك محمد السادس، باعتباره أمير المؤمنين، وحامي الحمى والدين، كما ينص على ذلك دستور 2011، والذي أحالها بدوره على المجلس العلمي الأعلى، لإصداره الفتوى قبل إصدار التعديلات في صيغتها النهائية، تطبيقا للفصل 41 من الدستور، الذي يؤكد أن المجلس الأعلى الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا، حسب نص بلاغ الديوان الملكي. ويستفاد من خلال بلاغ الديوان الملكي، أن جلالته راسل عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، داعيا إلى اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح البناء، في ظل الضابط الذي طالما عبر عنه جلالته، من عدم السماح بتحليل حرام أو تحريم حلال، إذ سبق لجلالته أن ركز عليه في خطبه السابقة بالمناسبة، الشيء الذي سيضع الحكومة أمام مسؤولياتها، مع بداية الموسم السياسي الجديد، والمنتظر أن يكشف فيه عن التعديلات الجوهرية في مدونة الأسرة. وما يزيد من صعوبة الوضع، أن التعديلات المقترحة ظلت طي الكتمان، ولم يكشف عنها بشكل مفصل، باستثناء ورود تسريبات لم يصدر بشأنها تأكيد أو نفي، الشيء الذي سيطرح جدلا وسعا، في حال إفتاء المجلس العلمي بتعديلات، تخالف توجهات التيارات التي لم يأخذ بمقترحاتها، سيما أن الأمر اتخذ خلافا إيديولوجيا بين العلمانيين وغيرهم من المنادين بتطبيق الشريعة، والنصوص القرآنية بشكل حرفي دون تأويل، خاصة بالنسبة إلى الإرث والزواج والطلاق. وينتظر الجميع بفارغ الصبر، ما ستؤول إليه فتوى المجلس العلمي الأعلى، باعتبارها المقياس الحقيقي، الذي سيختبرون من خلاله، مدى تشبث المغاربة بتطبيق الدين الإسلامي على مذهب الإمام مالك، وكشف درجة الاعتدال، الذي نص عليه جلالته في رسالته الأخيرة إلى أخنوش والمجلس الأعلى، سيما أن المكانة التي يحظى بها المغرب على المستوى العربي والإسلامي تبقى محط تقدير، رغم محاولة البعض ربطها بالتطبيع مع إسرائيل. ويستعد المغرب لدخول قوي مع صدور فتوى المجلس العلمي الأعلى، قد يجر إلى وقفات احتجاجية ومظاهرات، في حال لم يكن في مستوى تطلعات إحدى الفئات المجتمعية، بالنظر إلى الانفتاح الذي يعرفه المغرب على جميع التوجهات الإيديولوجية، وإن كان التوجه الديني الغالب، رغم الفهم الخاطئ لبعض الشرائح المجتمعية لمضامين ومقاصد الدين من بعض التشريعات السماوية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الفهم الخاطئ لبعض مدعي الحداثة لها. ومن أبرز النقاط التي تؤكد خطورة المرحلة المقبلة، أن إعلان الصيغة النهائية لمدونة الأسرة، يجب أن يطبعه الكثير من الحذر، لتجنب وقوع الفتنة، سيما أن للأمر أهمية بالغة على مستقبل الشعب المغربي، الذي سيكون عليه الالتزام بتطبيق مقتضيات المدونة والتقيد بها، وأن الأمر يتعدى أن يصل مرحلة الشغب، على شاكلة ما يعرفه عالم كرة القدم، إن تم إقرار تعديلات قد يراها بعض المتشددين أنها تخالف شرع الله، الشيء الذي يؤكد أن التوجيهات الملكية جاءت في سياق توضيح الأمور، بالدعوة إلى الاعتدال لتجنب الفتنة، والتأويل الخاطئ لشرع الله. صلاح الدين محسن

مدونـة الأسرة… الجدل الكبير

توجيهات ملكية لرسم معالم خارطة طريق لتفادي الفتنة وتجنب الخلافات الإيديولوجية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الأحرار يستعيد مقعده بالفقيه بن صالح

احتقان بين المحامين ووهبي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات