بقلم: صلاح الدين شنقيط * في كل مناسبة وطنية أو دينية، يدخل جلالة الملك، السرور والفرح، عبر بوابة العفو، على العديد من الأسر والعائلات، التي ترى فيه "فرجا" و"حدا" لمعاناتها، و"فرصة" لأبنائها وذويها لإعادة الاندماج، والانخراط في سير الحياة العادية الطبيعية... بالأمس القريب، بمناسبة عيد العرش، سحب البساط من المتربصين بالمملكة، تجار الحقوق، بإقدام جلالته على العفو عن مجموعة من الصحافيين والمدونين، عربونا على قوة الدولة، التي تسير بخطاها، وبزمنها، وبأجندتها...التي تحتضن أبناءها من جديد، رغم ما صدر عنهم في حق المجتمع، وفي حق الضحايا المكفولة حقوقهم بنص ظهير العفو نفسه... واليوم، في استمرار للحس التوقعي، وبعد النظر الذي ميز أسلوب جلالة الملك، ولإعطاء دفعة جديدة للمجال والإنسان بالعديد من أقاليم المملكة الشمالية، يصدر جلالته عفوا عن قرابة خمسة آلاف من المواطنات والمواطنين...الذين استقبلوا النبأ/الفرح، بفجائيته، وبرمزيته، وبآثاره الصغيرة والكبيرة...لكي يضمد جراح الماضي، ماضي المتابعات والاعتقالات، وليصالح هؤلاء المواطنين مع ما عرفته بلادنا من تغيير في ثقافة نخبها السياسية والحزبية لهذا الإشكال، وما شهدته بلادنا من تغيير في ترسانتها القانونية والمؤسساتية للانتقال إلى "الزراعة المشروعة"، وفق ضوابط قانونية محددة، ولغايات اقتصادية بديلة. صوت الفرح يعلو، وصوت التقدير للمبادرة يصدح...ولا تجد صدى لبوق العدمية الصادر عن الأشخاص والدكاكين ذاتها...الذين لم يروا في المبادرة، ما يخدم أجندتهم، وما يطلق العنان لألسنة البطولة الوهمية...يتحدثون عن الحقوق، لكن حقوق "أصدقائهم"، و"حواريهم" و"المنتسبين للحلف نفسه"...لكن حقوق المواطنين لا تهمهم في شيء، وتنميتها ليست في مفكرتهم، والمصالحة مع المجالات الترابية التي لا زالت تعاني الهشاشة وجعلها تواكب نمو الوطن، تقلقهم، لأنها تجفف منابع التجييش والتعبئة، وتقدم بديلا صداحا بأن الدولة موجودة، وسياساتها منتجة، وانخراط المواطنين فيها حاصل... هؤلاء المواطنات والمواطنون غادروا غياهب السجن، ولا أحد من الحقوقيين استقبلهم، أو حملهم على الأكتاف، أو أصدر بلاغا في حقهم...لماذا يا ترى؟ لأن المعنيين بالعفو شكروا ملكهم لحسن صنيعه، وشكروا التحولات، التي تعرفها بلادهم، والتي تمكنهم من الاندماج، وعانقوا عوائلهم، وتوجهوا مباشرة إلى بيت العائلة وحضنها دون ضجيج، ودون استقواء بأحد، ودون مطالبة بإعادة المحاكمات، ولا تنكر لحقوق الضحايا، ولا دعوة، وبكل وقاحة، إلى تغيير النظام... عفو ذكرى 20 غشت، هو امتداد طبيعي وزمني لعفو ذكرى عيد العرش، منطق ناظم يحكم الحدثين، يتمثل في إنسانية ملك، بمساواة بين جميع المواطنات والمواطنين، وبامتداد للحقوق من الإنسان إلى المجال...الذين لا يريدون أن يروا فيه ذلك، لم يستطيعوا سوى الهروب إلى الأمام، بنشر الإشاعة عن "عفو" آخر مرتقب، يخدم أجندتهم...لقد خسرتم الرهان، وفضحتكم مواقفكم...فرجاء ابتعدوا عن الحقوق والتعبير عنها، فلا شرف لكم للقيام بذلك. فالعفو، عفو كله...لا انتقائية فيه، ولا معنى له سوى ما اتفق عليه الجميع أنه باب من أبواب المغفرة والصفح، والمراجعة...وإذا أراد البعض أن يصحح به أحكاما قضائية، أو أن يكون تعويضا عن خطأ قضائي...فما عليه إلا أن يراجع نفسه...فإن عدتم عدنا... *عضو مجلس النواب