التطبيق العملي سيطرح إشكالات مسطرية وموضوعية لمشروع القانون (2/2) بقلم: جلال الطاهـر * فالمادة 17 من مشروع قانون المسطرة المدنية، وردت كما يلي: (يمكن للنيابة العامة المختصة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقييد بآجال الطعن، المنصوص عليها في المادة السابقة، أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي، يكون من شأنه مخالفة النظام العام. يتم الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائياً، أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في حال ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا). فهذه المادة شكلت بصفة استثنائية درجة من درجات التقاضي، لها سلطة مطلقة، دون شروط ولا قيود، -لا ابتداء ولا انتهاء - في التشطيب على الحكم، الذي تعتبره مخالفا للنظام العام، أو شكل خطأ جسيما أضر بأحد الأطراف ضررا فادحا. وما على المحكمة، إلا أن تنقاد مستسلمة للطلب كما قدم إليها، وتصرح بقبوله شكلا، والاستجابة لمضمونه موضوعا بصفة آلية ؟؟ ! وإذا كان الأمر كذلك، يطرح التساؤل، عن علة أن تطلب النيابة التصريح بالبطلان، إذا كان القرار محسوما فيه بالنسبة للنيابة العامة، وما دور الجهة القضائية التي قدم لها الطلب، هل فقط، لوضع الختم والتوقيع ؟؟ لأن كلمة (أن تطلب ...) تفيد أن جهة قضائية هي التي يوجه لها طلب التصريح بالبطلان، فإذا لم تكن لها صلاحية النظر في الطلب بالقبول أو الرفض، فما فائدة تقديم الطلب إليها، مادام (الطلب) يحمل نتيجته معه؟ !. أما الطعن في " حال ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا ". فإن المادة 17 من المشروع، قد قررت إمكانية الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، تلقائيا، أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في حال ثبوت، خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا). التساؤل الذي يفرض نفسه، هو أن الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، يكون بعد إعلام، أو علم الوكيل العام، لأنه لا يمكن إصدار الأمر الكتابي، إلا بعد أن يكون الحكم بين يدي الوكيل العام للملك، لدى محكمة النقض، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، باعتبار أن القضاء يصدر آلاف الأحكام يوميا في مختلف المحاكم، فكيف لهاتين الجهتين القضائيتين، أن تعلما بصدور حكم مخالف للنظام العام، أو ثبوت خطأ جسيم فيه، أضر بحقوق أحد الأطراف، ضررا فادحا، خصــوصا أن أجل الطعن غير محدد، وممتد في الزمن الماضي؟ !. تلك بعض الأسئلة التي تطرحها القراءة الأولية النظرية، للمادة 17 بصفة خاصة، وللمشروع بصفة عامة، والأكيد أن التطبيق العملي سيطرح إشكالات مسطرية وموضوعية، من خلال ما تنذر به القراءات المتعددة للمشروع برمته، والأمل معقود على تدارك العواقب السلبية، التي يتضمنها المشروع كما هو اليوم. * محام بهيأة الدار البيضاء