بكائيات الجنرالات تستبق المأتم بليلة

بقلم: الفاضل الرقيبي خرج علينا قصر المرادية، في مشهد عبثي جديد، تسكنه روح الهزيمة، ليعيد أسطوانة التباكي التي عودنا عليها، منذ مطلع 2020، ليعبر من جديد عن استيائه مما ورد عليه من قصر الإليزي، عن نيته الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه. فقد طلعت علينا وزارة الخارجية الجزائرية ببلاغ يتحدث بحال الانكسار الذي بات يعيشه عسكر الجزائر، بعد أن اكتشفوا متأخرين، أن صنيعتهم "بوليساريو" تتبخر، أمام سلسلة الاعترافات التي يجنيها المغرب في علاقته مع جيرانه الأوربيين وآخرها ما ورد في بلاغ الخارجية الجزائرية، التي استبقت مأتم موت "بوليساريو" بليلة، وراحت تنحب نهايتها، بعد أن أبلغها الإليزي بقراره الذي يعتبر آخر مسمار سيدق في نعش عصابة الرابوني. وما يعكس حالة التخبط التي يعيشها شنقريحة ومن حوله، وهم لا يكادون يخرجون من صدمة فشل، إلا ودخلوا في أخرى، هي الارتجالية وعدم المهنية اللذان طالا أيضا ردود الفعل غير المحسومة تجاه هذا التطور، الذي له ما بعده. فبلاغهم الأخير لم يلبث طويلا حتى تم سحبه، وكأن توبيخا جاء على عجل من باريس للجزائر، التي لا تحترم سرية تداولاتها الدبلوماسية مع البلدان، لأن ردود فعلها تخضع لموازين القوة التي تصنعها التطاحنات بين مراكز الثقل المؤثرة في المؤسسات الحاكمة في الجزائر. غير أن بكائيات عسكر الجزائر لا تعكس بالضرورة اكتراثا بحال الصحراويين بالمخيمات، الذين تلفح أجسادهم حرارة لحمادة الملتهبة، بل هي مؤشر على انزعاج شنقريحة من قرب نهاية مشروع بوخروبة الانفصالي في عهده، وهو ما يعني بالضرورة كذلك نهاية أطروحة كان يشرعن بها عسكر الجزائر سلوكاتهم الرعناء تجاه المغرب، وقمعهم الممنهج للقوى المدنية الحية بالجزائر تحت ذريعة "الخطر الداهم الذي يشكله المغرب على سيادة البلاد وقرب اجتياحه لتندوف على غرار استعماره للصحراء". لن يكون الاعتراف الفرنسي إلا تتويجا لمسار من الهزائم التي تعيشها "بوليساريو"، فميليشياتها تمردت ضدها، وقياداتها في تطاحن مستمر، والمخيمات أصبحت ساحة للاقتتال بين عصابات تهريب المخدرات النشطة في منطقة الساحل، أما بلاغاتها العسكرية التي تعد بالمئات فقد باتت محط تفكه وتندر عند الصحراويين، الذين أصبحوا، قبل غيرهم، على قناعة بأن "بوليساريو" إلى زوال، خصوصا أن حكام الجزائر لا يجدون في رصيدهم من نجاحات، إلا ما يردده أبواق دعايتهم المفضوحة، التي لا تجعلهم ينتبهون إلى ركام حصادهم الأخير منذ 2020. فلا هم حققوا لأنفسهم مكانة ترضيهم داخل محيطهم العربي، منذ قمة جامعة الدول العربية، التي فشلوا في استعمالها ضد المغرب، ولا هم وجدوا دعما عند من يعتبرونهم حلفاء، ليضمنوا لهم عضوية رخيصة داخل منظمة "بريكس"، ولا هم ضمنوا لأنفسهم حضورا إفريقيا، حتى أصبحت كل حدودهم الجنوبية الملتهبة توصد أبواب أي تعاون معهم، ولا هم نجحوا في التأسيس للطوق المغاربي الموهوم ضد المغرب، ولا هم ضمنوا استقرارا داخليا يفتح بلدهم على العالم، ولا هم طوعوا الأوربيين في اتجاه مصالحهم مهما مارسوا من ضغط الغاز وسحب السفراء، ولا هم تمكنوا من أن يُخرجوا المغرب عن صمته وحِلمه، منذ أن خرج رمطان لعمامرة معلنا لقطع العلاقات، وصولا إلى معركتهم الأخيرة ضد القميص، والمحصلة في الأخير، معارك كلها خاسرة.

بكائيات الجنرالات تستبق المأتم بليلة

البلاغات العسكرية لـ "بوليساريو" باتت محط تفكه وتندر عند الصحراويين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المريزق: ملك الإنصاف والتضامن

الحكم الرشيد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات