تظاهرات تضمن مردودية بـ 17 مرة المبالغ المستثمرة لتنظيمها ارتفع، خلال السنوات الأخيرة، عدد التظاهرات الثقافية والفنية التي تنظم في مختلف الجهات والمدن، وأصبحت السلطات المحلية تخصص ميزانية مهمة لهذا الغرض، بالنظر إلى انعكاسات هذه الفعاليات على الوضع الاقتصادي والتجاري والتنمية المحلية. وإذا كانت هناك تجاوزات في تنظيم بعض التظاهرات وانتقادات توجه لبعض الجماعات، التي تنظم مهرجات وهي تفتقر إلى ضروريات أساسية، فإن دراسة أنجزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول "اقتصاد الثقافة" أبانت أهمية مثل هذه التظاهرات، بالنسبة إلى الاقتصادات المحلية. وأكدت الدراسة أن التظاهرات الثقافية عرفت ارتفاعا، خلال السنوات الأخيرة، وكانت لها انعكاسات ملموسة، في ما يتعلق بإسهامها في إشعاع المنطقة وجذب السياح إليها وإنعاش الحركة التجارية بها. وأشارت معدو الدراسة، بناء على المعطيات المتوفرة، إلى أن أي درهم يتم استثماره في تنظيم مهرجان موسيقة "كناوة" بالصويرة، يضمن مردودية بـ 17 درهما، أي أن المردودية الاقتصادية والمالية لهذه المهرجانات تصل إلى 17 مرة المبالغ المستثمرة لتنظيم هذه التظاهرة، إذ أن كل الحركة التجارية تنتعش، ليس فقط بالمنطقة، بل تمتد إلى كل المناطق المجاورة للمدينة. وأطلق المغرب، خلال السنوات الأخيرة، عددا من المهرجانات والتظاهرات الثقافية، بفعل انعكاساتها على التنمية المحلية، إذ هناك بعض التظاهرات الدينية والموسيقية والثقافية أصبحت تجلب، ليس فقط زوارا من المغرب، بل أصبح لها عشاق من خارج المغرب، مثل موسم الزاوية البودشيشية بمداغ نواحي بركان، التي يقصدها زوار من الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وبعض البلدان الأسيوية، وتحول إلى مصدر إشعاع ليس للمنطقة فحسب، بل للمغرب، كما أن مهرجان الموسيقى الروحية بفاس، يجذب سنويا عشرات الآلاف من السياح الذين يعشقون هذا الصنف من الموسيقى، ما ينعكس إيجابا على الحركة التجارية والسياحية داخل المدينة، ويمثل مهرجان السينما بمراكش فرصة سانحة للفاعلين في القطاع السياحي بالمدينة، إذ تمتلئ الفنادق عن آخرها، طيلة أيام المهرجان، بل إن عددا من الشخصيات المعروفة، أصبحت وفية لهذه الوجهة، بعدما شاركت في هذه التظاهرة. وساهمت التظاهرات الموسيقية، مثل "موازين" بالرباط و"تيميتار" بأكادير في تعزيز إشعاع هاتين المدينتين. بالموازاة مع هذه المهرجانات الكبرى التي تجذب زوارا من الخارج، هناك مواسم أخرى تساهم في إنعاش السياحة الداخلية، مثل معرض الفرس بالجديدة، وموسم مولاي عبد الله أمغار بالقرب من عاصمة دكالة، إذ تعرف هاتان التظاهرتان إقبالا كبيرا. وتحولت هذه المهرجانات والمواسم إلى رافعات للتنمية المحلية، ما دفع السلطات على المستويين الجهوي والمحلي إلى إيلائها أهمية خاصة وتخصيص ميزانيات لتنظيم تظاهرات داخل نفوذها الترابي، للمساهمة في إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية بهذه المناطق. لكن هناك بعض الحالات التي تتحول فيها هذه المهرجانات إلى وسيلة لاختلاس وتبديد المال العام، لكن عدد كبير من التظاهرات الأخرى ساهمت في التعريف بالمنطقة التي تقام بها. عبد الواحد كنفاوي