نموذج رائد في اشتوكة أيت باها

محطة أمنت تنويع مصادر الماء بأكادير الكبير ودعم النشاط الفلاحي والحفاظ على الفرشة نجحت محطة اشتوكة أيت باها لتحلية مياه البحر في تحقيق أهدافها الطموحة في تأمين وتنويع مصادر مائية لمدينة أكادير الكبير وسهل اشتوكة، ودعم النشاط الفلاحي، والحفاظ على الفرشة المائية، ومواجهة تحديات التغير المناخي. ويعد مشروع تحلية مياه البحر بدلاً من المياه الجوفية إنجازًا رائدًا في مجال إدارة الموارد المائية في جهة سوس ماسة، ويمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الأمن المائي المستدام، بعدما تمت برمجة أزيد من 24 محطة تحلية بجهة سوس ماسة. إعداد: عبد الجليل شاهي (أكادير) تأثير إيجابي ساهم مشروع محطة اشتوكة أيت باها لتحلية مياه البحر بشكل كبير في الحفاظ على النشاط الفلاحي بسهل اشتوكة، الذي تم تدشينه من قبل جلالة الملك محمد السادس في 2020، في إنقاذ زراعة الحوامض بحوض الكردان، حيث ساهم في المحافظة على 11 ألف منصب عمل دائم وعشرة آلاف منصب عمل موسمي، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الحوامض بنحو 40 ألف طن، ليصل إلى 255 ألف طن، وزيادة حجم صادرات الحوامض بنسبة 35 في المائة، كما أسهم المشروع في الحفاظ على 5000 منصب عمل دائم مرتبط بالأنشطة الفلاحية في المنطقة، مع الحفاظ على إنتاج المنطقة من البواكر والذي يبلغ مليونا و400 ألف طن، منها مليون طن موجهة للتصدير و400 ألف طن للاستهلاك الداخلي، مما يشكل 85 في المائة من الصادرات الوطنية من الطماطم. ويتمتع المشروع بقدرة إنتاجية هائلة تصل إلى 400 ألف متر مكعب يوميًا من المياه المحلاة، ويتم توزيع هذه الكمية بالتساوي بين مياه الشرب ومياه الري، مما يعزز النشاط الفلاحي في المنطقة، خاصة المزروعات ذات القيمة المضافة العالية، كما يعتمد المشروع على أحدث التقنيات في مجال تحلية مياه البحر، بما في ذلك تقنية التناضح العكسي. تم تجهيز المحطة بمعدات متقدمة لتحلية وتوزيع المياه، مما يضمن كفاءة عالية في الأداء. تشمل البنية التحتية للمشروع قناتين لأخذ مياه البحر، يبلغ طول كل واحدة منهما 1100 متر، بالإضافة إلى قناة لتصريف المحاليل بطول 600 متر. كما تشمل محطة التحلية خزانا كبيرا و5 محطات للضخ وشبكة توزيع تمتد لـ 489 كيلومترا. تحديات بيئية أوضح محمد التفراوتي، الناشط البيئي، أن تحلية المياه هي عملية إزالة الأملاح والمعادن من مياه البحر وتحويلها إلى مصدر صالح للشرب، وهذا الحل يعتبر مفيدًا للغاية في المناطق التي تعاني ندرة المياه والجفاف وزيادة عدد السكان، ومع تغطية المحيط لمعظم سطح الأرض، توفر مياه البحر حلاً مستداما وطويل الأمد لمشكلة لن تتبدد قريبا، ورغم ذلك فإن عملية تحلية المياه لها مخاطرها البيئية الخاصة، وتعتمد الاستدامة المستقبلية لهذه التكنولوجيا على كيفية معالجة هذه المخاطر والتكيف معها، مضيفا خلال عملية التحلية، ينتهي الأمر بنصف المياه المجمعة كمياه عذبة، في حين يكون النصف المتبقي عبارة عن محلول ملحي عالي التركيز يحتوي على خليط من المواد الكيميائية السامة، يمكن أن يكون التخلص من هذا المحلول مكلفًا، وإذا تم رميه في المحيط، فقد يكون مميتًا للحياة البحرية، لكن هذه الانتكاسة يمكن أن تتحول إلى فرص اقتصادية جديدة، عندما يكون تصريف المياه المالحة مصدرًا للمعادن الثمينة مثل الملح واليورانيوم، حيث يمكن إعادة بيع اليورانيوم لتقليل تكاليف التشغيل الإجمالية. استهلاك الطاقة كشف محمد التفراوتي، الناشط البيئي، أن استخدام الطاقة يشكل مصدر قلق رئيسي في صناعة تحلية المياه، حيث تشكل تكاليف الطاقة حوالي 55 في المائة من تكاليف تشغيل محطة تحلية المياه، مما يجعلها عرضة لزيادات الأسعار. وتشهد محطات التناضح العكسي انخفاضًا كبيرًا في استخدام الطاقة، لكن يتطلب البحث العلمي إيجاد طرق أرخص وأكثر صداقة للبيئة لمعالجة مياه البحر. وتعتبر الطاقة الشمسية أحد الحلول المستدامة لتحسين عملية التحلية الحرارية، كما أن التقدم التكنولوجي يلعب دورا حيويا في تقليل كمية المحلول الملحي المتبقي باستعمال أكثر طرق التحلية كفاءة. وأضاف التفراوتي، أن تكنولوجيا التناضح العكسي الحديثة تعتبر أرخص وتتطلب طاقة أقل، وتنتج كمية أقل من المحلول الملحي مقارنة بالتقنيات القديمة مثل التحلية الحرارية. وتعتمد ممارسات تحلية المياه المستدامة على التحول من الأساليب القديمة التي تمتص مياه البحر وتسخنها إلى بخار ثم تعيد المياه المالحة إلى البحر. مشيرا إلا أن مصدر قلق آخر في صناعة تحلية المياه هو الاصطدام والسحب، حيث يتم امتصاص الحياة البحرية الصغيرة أثناء عملية السحب من المحيط. إحدى الطرق لتقليل هذا التهديد هي التحول من عملية السحب السطحية إلى عملية السحب تحت السطح، مما يقلل من الحاجة إلى المواد الكيميائية واستهلاك الطاقة أثناء عملية المعالجة. مبادرات إستراتيجية أوضح يوسف بروزيين، الممثل الإقليمي للمعهد الدولي لإدارة المياه في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أن الوضع المائي المعقد في سوس ماسة يشترك مع معظم الأحواض والمناطق القاحلة الإستراتيجية في المنطقة من منظور اجتماعي واقتصادي. وأشار المتحدث إلى أن أوجه التشابه الرئيسية والقواسم المشتركة تتجلى في الموقع الجغرافي، حيث يقع حوض سوس ماسة في مناخات قاحلة وشبه قاحلة تتميز بمحدودية هطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر، مما يؤدي إلى ندرة الموارد المائية وتفاقم المشاكل المرتبطة بالمناخ، بالإضافة إلى النمو السكاني السريع الذي يفرض ضغوطا إضافية على الموارد المائية، وزيادة التوسع الحضري والتصنيع الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على المياه، مما يزيد من حدة المنافسة على الموارد المحدودة. وأعرب بروزيين عن ارتياحه للخطوات التي اتخذتها المملكة المغربية، بتعليمات من جلالة الملك، بوضع الماء ضمن صلب العمل التنموي والمناخي بالمملكة، وذكر أن الدعوة الملكية لتعزيز التعبئة لضمان الأمن المائي والاستثمارات الكبيرة في مجالات المياه (مثل تحلية مياه البحر بأكادير )، والطاقة (كالطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر)، والزراعة (كالزراعة المحافظة على الموارد والري بالتنقيط)، تتماشى مع توصيات المعهد لتحقيق تنمية مرنة ومزدهرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أعرب عن سعادته بزيادة جهود المغرب في معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، موضحا أن المملكة يمكنها بذل المزيد من الجهد لسد الفجوة في توازن أنظمة المياه، ويتوقع المغرب إعادة استخدام حوالي 100 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة سنويا، اعتبارا من 2027 في ري ملاعب الغولف والمساحات العامة وبعض المحاصيل، وأكد بروزيين أن العديد من أنظمة المحاصيل يمكن أن تستفيد بأمان من مياه الصرف الصحي المعالجة، مما سيساهم في تخفيف الضغط عن موارد المياه العذبة وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة، كما أعرب عن استعداد المعهد لدعم المغرب في هذا الصدد دائما.

نموذج رائد في اشتوكة أيت باها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سانت إيتيان يراقب موهوب

"100 في المائة رقمي" على "الأولى"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات