قتل وترويع في خمسينية “بوليساريو”

انتشار الأسلحة وتفشي الإجرام وتناسل المليشيات القبلية الممولة من تجارة المخدرات بقلم: الفاضل الرقيبي في ذكراها الواحدة والخمسين، تجد "بوليساريو" نفسها أمام اختبار صعب، لن تخرج منه على المدى القريب. فبعد أن حولت سياسات وتصرفات عصابة إبراهيم غالي المخيمات إلى مرتع آمن للجماعات المسلحة، وتجار المخدرات، وشتى أنواع المجرمين الفارين من دول الجوار، ها هي جرائم القتل والاتجار في المخدرات الصلبة والسلاح تنتشر على أطراف تلك المخيمات، وبطرق مروعة تجرها إلى اقتتال قبلي دام، ليس من اليسير على مليشيات التنظيم و"السكتور" العسكري الجزائري أن يمتصوها، ولو حشدوا لها من العدة والأجهزة ما استطاعوا، إليه سبيلا، فهذه المخيمات لم يعد من السهل التحكم فيها، بسبب انتشار قطع مختلفة من الأسلحة، وتطور كبير لمستويات الإجرام العابر للحدود هناك، وتناسل المليشيات القبلية التي يديرها قياديون في الجبهة، ويمولونها من الاتجار في المخدرات، من أجل ضمان مواقعهم في المعادلة السياسية بالرابوني. ورغم الحذر المضروب على تناول هذا الموضوع، انتشرت شرارة الاحتجاجات في جميع أنحاء المخيمات، بعد أن استيقظ سكان مخيم أوسرد، على بعد أمتار قليلة من مسكن زعيم "بوليساريو"، على جريمة قتل مروعة راح ضحيتها قاصر لم يتجاوز عمره سبعة عشر ربيعا، إذ تم تقطيع جثته ورميها بطريقة وحشية، ولاذت العصابة بالفرار، دون أن تحرك "بوليساريو" ومليشياتها المسلحة أي ساكن. واكتشفت الجريمة، ظهيرة اليوم الموالي، حين وجدت جثة الهالك، ما أشعل جملة من الأحداث التي تنبئ بانفجار الوضع الأمني بين القبائل التي طالب شيوخها زعيم "بوليساريو" والجزائر بالتدخل لعلها تحقن الدماء، وتوقف شلال الدم الذي سينفجر لا محالة في إطار ردة الفعل على هذه الجريمة، التي جاءت بالتزامن مع الذكرى الواحدة والخمسين لتأسيس جبهة "بوليساريو"، وكأنها رسالة قدرية لكل سكان المخيمات، مفادها أن هذا هو مصير كل من بقي في المخيمات، فمن لم يمت برصاص الجيش الجزائري فإنه لا محالة ميت برصاص وسكاكين العصابات، التي تجول في المخيمات بدون حسيب ولا رقيب. وتأتي هذه الجريمة لتعزيز ما ظل الشباب المعارض بالمخيمات يردده طيلة السنوات الماضية، من أن إغراق المخيمات بالعصابات التي تشرف على الأنشطة المشبوهة لقيادات "بوليساريو" في الساحل والصحراء، سيحول لحمادة إلى حلبة صراع مفتوحة أمام كل المجرمين الراغبين في تصفية الحسابات، بعيدا عن القانون، مع خصومهم في مجال نقل المخدرات والاتجار بها، خصوصا بعد 2017، إذ أصبح قياديو "بوليساريو" يستقبلون بشكل عاد بمنازلهم في المخيمات، وبمدينة تندوف، تحت أنظار أجهزة الأمن الجزائرية، أعتى زعماء عصابات تهريب المخدرات الصلبة وتجار الأسلحة من الأزواد وليبيا، والذين طوروا معهم علاقاتهم التجارية لتمتد إلى تسويق كميات الذهب التي تحصل عليها عصابة الرابوني من أنشطتها المتعلقة بالتنقيب بالمنطقة العازلة وشمال موريتانيا، عن هذا المعدن النفيس الذي ينقل تحت حراسة مليشياتهم عبر الساحل ليباع بمالي والسودان لمجموعات تعمل تحت حماية مليشيات فاغنر الروسية. وقد حول انغماس قيادة "بوليساريو" في الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود، بالتواطؤ مع المخابرات الجزائرية التي تدير المشهد من وراء ستار، إلى تحويل المخيمات إلى جيوب لتلك المجموعات الإجرامية، التي وجدت الملاذ الآمن واليد العاملة الوفيرة التي حولتها إلى آلة قتل توظفها عصابة غالي والمخابرات الجزائرية لتنفيذ عمليات اغتيال ضد خصومها من مخبرين وتجار المخدرات والمحروقات، الذين يدخلون في خلافات معهم، كما وقع لأقطاب الإجرام الذين كانوا يشتغلون كذلك لجمع المعلومات وارتكاب المجازر في مالي، كمحمد علي البرناوي، الذي أعدم ببئر مقرين، والناجم أحمد العسري، من قبيلة السواعد، وسيدي سالم اصلوح، الذي تمت تصفيته قرب بئر لحلو.

قتل وترويع في خمسينية “بوليساريو”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عملات تاريخية مغربية في مزادات مشبوهة

التنافي بمحكمة النقض

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات