قطار التعديل يستعجل الاستقلال

جبهات داخلية تعرقل لحاق حزب "الميزان" بركب النسخة الثانية من حكومة أخنوش تسببت معركة مؤتمر حزب الاستقلال في عرقلة تعديل حكومي، بعدما تأخر في انعقاد مؤتمره العام 18، بشكل يوضح عدم تحكم نزار بركة، الأمين العام، في مفاصل كل هيآت الحزب وقادته ومناضليه، الذين دخلوا في " مندبة جماعية" عبر تبادل الاتهامات ذات البعد الأخلاقي والفساد المالي، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبلاغات رسمية، وإن بدا أنهم قلة لكنهم أحدثوا الضجيج، فقد تحول حزب علال الفاسي، إلى فضاء مفتوح لحرب التحطيم الذاتي والجماعي ونشر الغسيل. حرب غنائم الولاية الثانية مناورات لتلغيم طريق نزار بركة إلى ولاية ثانية على رأس الحزب وفي الحكومة يبدو أن حرب "الصحون الطائرة" في المؤتمر 17، لم تتوقف ارتداداتها، وهي نتيجة لمخرجات المؤتمر 16، الذي اعتمد طرق المناورة، ما يؤكد أن الحزب لم يعد يحسن تدبير خلافاته بأساليب راقية ارتكازا على مبدأ التداول الديمقراطي في انتخاب من يراه الاستقلاليون مؤهلا للقيادة، والاستوزار، بعيدا عن الدسائس و"تنوعير" وشحذ كل أنواع الأسلحة للطعن في بعضهم البعض واختيار الوقت المناسب للإجهاز على بعضهم البعض. وانتقل الحزب إلى مرحلة الصفع، ونشر غسيل الفساد الأخلاقي والطعن في الشرف، والعار، والفساد المالي بين بعض القياديين وتبادل الاتهامات، ما جعل الأغلبية الحكومية تشعر بالخطر وتتريث في مناقشة مقترحات التعديل الحكومي إلى حين انتهاء المؤتمر 18 والتأكد أن الأمور مرت بسلام بتجديد الثقة في بركة، وانتخاب قيادة جديدة لها الكفاءة والقدرة على العطاء لتطعيم بعض القيادات المعمرة في اللجنة التنفيذية، كي يتم إحداث فريق عمل موحد ومنسجم، أما إذا انتخب أعضاء مستفزون مختصون في حياكة المناورات، ووضع الألغام وممارسة السياسة بالمناورة، قد يعرقلون عمل بركة، وربما عمل الحكومة ككل، وبعضهم أراد قطع الطريق على قيادات ومنعها من الاستوزار . ويبقى السؤال واردا حول استمرار الاستقلال في الحكومة، أو مغادرته لها، من خلال ما سيسفرعنه المؤتمر 18 من نتائج، إذ يعول عليه الاستقلاليون لتجاوز الخلافات القائمة وبحث حلول لكل المشاكل وتجديد شرايين الحزب وبث الروح في مرجعيته المذهبية التعادلية الاقتصادية أو الطريق الثالث في تطوير الاقتصاد وتسريعه ليشمل قطاعات التصنيع الذاتي، على الخصوص الذي يعاني ضعفا بينا، إذ تعتمد البلاد على الاستيراد الذي يكلف 300 مليار درهم سنويا، وتكوين العنصر البشري، وتعميم التغطية الصحية الأساسية، وتعميم التقاعد والتقاعد التكميلي، وتجميع البرامج الاجتماعية في برنامج واحد لضمان النجاعة، والفعالية في الأداء، وتوفير البنية التحتية وتعميم الرقمنة، وإرساء اقتصاد الهيدروجين، ويعول الاستقلاليون على رابطتهم الاقتصادية التي تعرف جمودا في عملها إلا من اجتماع عقد، أخيرا، استعدادا لانعقاد المؤتمر، مثلها مثل باقي الهياكل المسيرة للحزب من مجلس وطني، ولجنة تنفيذية وروابط مهنية كثيرة. ولم يتمكن الاستقلاليون من إيجاد أرضية مشتركة بين التيارات المتحاربة في العلن وفي السر، بسبب عدم تمكنه حسم الخلافات منذ 3 سنوات، لجمود الأجهزة المسيرة للحزب وفشل عقد المؤتمر الاستثنائي في 2022، قصد إجراء تعديل يهم كيفية تشكيل المجلس الوطني المقبل، وتجاوز الخلاف حول العدد، مع إلغاء عضوية أعضاء فريق الحزب بمجلس النواب بالصفة في المجلس الوطني، وضمان تكافؤ بين تيارين لعضوية اللجنة التنفيذية، إذ حرص تيار ولد الرشيد على استمراره مهيمنا لأنه يحضر لرئاسة الحزب في المؤتمر وسيشتغل عمليا على ذلك لوجود طموح مشروع لأحد قادته، النعم ميارة. وروج أعضاء في الحزب أن اللقاءات الأخيرة للجان، طوت بصفة نهائية الخلافات حول عدد أعضاء المجلس الوطني، واللجنة التنفيذية، والنظام الأساسي للحزب، ولا يعرف حقيقة وضعية ذلك إلا وسط المؤتمر عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وتجنب وضع اللوائح المغلقة للمتحكمين في مفاصل الحزب، وتطوير المرجعية الحزبية التعادلية الاستقلالية في كل المجالات. الغلبة للقوي أحمد الأرقام دعا الاستقلاليون، الذين شاركوا بجدية في أشغال اللجان، إلى الابتعاد عن "الكولسة" و" الخشونة السياسية" والانفتاح أكثر على الأطر التي طالها التهميش، والتي يحتاج إليها الحزب حتى لا تغادر إلى أحزاب أخرى، أو تنشق وتؤسس حزبا جديدا، وتتسبب في مغادرة الاستقلال للحكومة. وعلى الاستقلاليين العودة إلى كتاب النقد الذاتي للمؤسس والزعيم علال الفاسي، إذ كتب "أن الفكر الصحيح الذي تحتاجه الأمة ويمكنه أن ينقذها من مصائبها ليس هو تفكير الشارع الذي يبنى على أصول عادية تغرف من مختلف الأوساط والهيآت التي لا نعرفها، بل يعتبر الفكر الصحيح هو فكر الطبقة المتنورة المشبعة بأرستقراطية التفكير، التي تستطيع أن تقلب الأشياء على وجوهها وتنفذ إلى أعماقها"، مضيفا أن هذا النوع من الفكر وأساليب التهييج والتجييش والغلبة للقوي عضليا وليس فكريا، سيحطم الحزب. لكن ذلك لن يتيح فرصة إضافة حزب رابع في الحكومة، والحال أن لدينا الآن أضعف معارضة، لأن قياس قوة المعارضة من عدمها رهين بأدائها، والمعارضة تكون قوية عندما تطرح مشروعا بديلا، أما المزايدات واللغة الفضفاضة فلا تصنع حكومات ظل. كان من الممكن أن تتشكل داخل البرلمان معارضة قوية، من خلال تنسيق المواقف والرؤى بين كل أطياف المعارضة، وكان من الممكن أن يلعب الاتحاد الاشتراكي، بالنظر إلى قوته العددية وتجربته الطويلة في المعارضة، دور دينامو المعارضة والقائد لها، لكنه فضل مع الأسف معارضة الاستجداء.

قطار التعديل يستعجل الاستقلال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعديل الحكومي ... ‬لزرق: لا حاجة إلى حزب رابع

ضبط فواتير مزورة بـ 4 آلاف مليار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات