افتعال حوادث سير وهمية

احتضنت القاعة رقم 2 باستئنافية الجديدة الأسبوع الماضي، عددا من الملفات الجنحية العادية منذ الساعة التاسعة صباحا، وتم البت في قضايا المتهمين المتابعين في حالة سراح، ورفعت الجلسة قبل العودة لاستئنافها وغصت بالمرتفقين الذين جاؤوا لمؤازرة أقاربهم المتابعين في حالة اعتقال. واستؤنفت الجلسة الثانية الخاصة بالبت في الجنح التلبسية، وانطلقت على الساعة الثانية عشرة والنصف، وعرفت مثول العديد من المتهمين المتابعين في قضايا تتعلق بالاتجار في المخدرات والضرب والجرح بين الجيران. واستأثرت بالاهتمام ثلاثة ملفات توبع فيها ثلاثة متهمين في حالة اعتقال، بعدما تورطوا في قضايا ما أصبح معروفا بحوادث السير الوهمية. وامتدت إلى حدود الساعة السادسة من المساء. ولج الأستاذ أحمد الصغير، رئيس الغرفة الجنحية التلبسية الاستئنافية، القاعة رقم 2 التي كانت ممتلئة بأسر وعائلات المتهمين، وشرع بعد افتتاح الجلسة، في المناداة على الملفات المعروضة أمامه. وأجل بعض الملفات بطلب من أصحابها لمنحهم مهلة لتنصيب دفاعهم، فيما استجاب لبعض المحامين المنصبين لأول مرة ومنحهم فرصة لإعداد الدفاع. النصب وإهانة الضابطة القضائية نادى رئيس الهيأة على أول متهم وهو شاب في السادسة والعشرين من عمره كما نادى على دفاع شركات التأمين وعلى دفاعه. تأكد من اسمه واسم والده وسنه قبل أن يذكره بالتهمة الموجهة إليه، وهي النصب وإهانة الضابطة القضائية بالتبليغ عن جرائم يعلم بعدم حدوثها وتقديم أدلة زائفة، متعلقة بجريمة خيالية والمشاركة في صنع عن علم شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها والمشاركة. وشرع في مناقشة قضيته، مستفسرا إياه عن علاقته بالتهمة الموجهة إليه، لكنه أنكر أي علاقة له بها. أعاد السؤال بطريقة أخرى قائلا: كيف وقعت حادثة السير الأولى؟. أجاب المتهم بأنه كان على متن سيارة خفيفة رفقة أشخاص آخرين، فاصطدم بدراجة نارية. وعمد القاضي إلى مباغتة الماثل أمامه وتدخل لطرح سؤال آخر، هل فعلا وقعت لك حادثة سير؟، ثم أضاف ولماذا توجهت عند طبيب في الطب الخاص للحصول على شهادة طبية؟. تدارك المتهم الموقف، ووجد الفرصة مواتية للحديث قائلا: "ذهبت عند الطبيب المداوم بالمستشفى الإقليمي لكنه رفض تحرير شهادة طبية، وهو ما دفعني إلى التوجه نحو طبيب خصوصي للحصول على شهادة طبية"، ثم سكت لاسترجاع أنفاسه. وتدخل القاضي من جديد، وذكره بتصريحاته أمام الضابطة القضائية، واعترافاته بأنه وقعت له حادثة سير لما كان رفقة بعض أصدقائه وأنه حصل على شهادة طبية مدة العجز بها 20 يوما، قبل أن يتراجع عن تصريحاته ويؤكد أن محاميته هي التي تكلفت بالموضوع، وهي من تحصلت على الشهادة الطبية وأدت واجب الخبير، وأكد التصريحات ذاتها بخصوص الحادثة الثانية، موضحا أنه لم يحصل على أي تعويض مادي. اعتراف أمام المحكمة اعتقل المتهم الثاني بناء على شكاية تقدمت بها شركتان للتأمين بعدما تبين لهما، بعد التدقيق والتمحيص من قبل خبرائهما، أنه من ضمن مجموعة من المتهمين، الذين وردت أسماؤهم ضمن قضايا عرضت على المحكمة، تخص افتعال حوادث سير وهمية بتواطؤ بعض الأطباء لصنع وثائق تتضمن وقائع غير صحيحة وشهادات طبية وخبرات قضائية تتضمن إقرارات كاذبة. وتم إيقافه بالبيضاء وبعد الاستماع إليه، أنكر المنسوب إليه في البداية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته، ويقر بتورطه في أربع حوادث سير وهمية، كما أكدت ممثلة شركة التأمين. وصرح أنه فعلا ساهم في افتعال هذه الحوادث باتفاق مسبق مع بعض الأشخاص، مشيرا إلى أنه تم نقل المصابين نحو المستشفى وحصلوا على شهادات طبية من عند الطبيب نفسه الموجود بالسجن بعد الحكم عليه ابتدائيا ب5 سنوات. وحصلوا باتفاق مع محاميهم على مبالغ مهمة، تراوحت ما بين 22ألف درهم و56 ألفا. ومثل المتهم الثالث أمام المحكمة بعدما تم إيقافه بطانطان وتم استقدامه إلى الجديدة والاستماع إليه حول التهمة الموجهة إليه والتي لا تخرج عما توبع به المتهم الأول الذي تورط معه في حادثة السير الأولى. واعترف بتورطه في افتعالها وحصوله على حوالي 30 ألف درهم تعويضا مدنيا. كلمة الدفاع تناول دفاع المتهمين الكلمة، بعدما اكتفى محامو شركات التأمين بتقديم مذكراتهم للقاضي، مؤكدين مطالبهم المالية. وشرع الدفاع في مرافعته بالتذكير بالجنح المسطرة في صك الاتهام والعقوبة الصادرة في حقهم وهي خمس سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهم لكل واحد منهم وتعويضات مالية تتراوح ما بين 30 مليون سنتيم و40 مليونا يؤديها واحد منهم لفائدة الشركات المطالبة بالحق المدني. واعتبر دفاع المتهمين الحكم الابتدائي مجانبا للصواب. وتوسع في شرح وتوضيح الفصول والمواد، مؤكدا أن المتهمين لا يستحقون هذه العقوبات القاسية. وركز في دفوعاته الشكلية ومرافعاته عن المتهمين الثلاثة على مبدأ الإنكار في سائر مراحل التقاضي، وشكك في مضمون محاضر الضابطة القضائية، التي تكاد تكون نسخا طبقا للأصل. واستغرب كيف تم الحكم بمبلغ زهيد لضحايا حوادث السير، فيما تم الحكم بمبالغ كبيرة ومنفوخة لفائدة شركات التأمين. وأشار إلى أن الضابطة ركزت على مسألة استخراج شهادات طبية من أطباء خواص، متسائلا، هل يوجد قانون يمنع اللجوء إلى الطب الخاص للحصول على شهادات طبية؟. وبرر اللجوء إلى الطبيب الخاص بامتناع الطبيب العام الموجود بالمستشفى العمومي عن تحرير شهادات طبية لضحايا حوادث السير. أحمد ذو الرشاد (الجديدة)

افتعال حوادث سير وهمية

القاضي للمتهم: لماذا توجهت عند طبيب في الطب الخاص للحصول على شهادة طبية؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك شبكة لدعارة الإيواء السياحي

تفويت شركات للتهرب من الضرائب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات