مؤسسات دستورية خارج الشرعية

شيئا فشيئا بدأت مقتضيات الدستور الجديد تضيق الخناق على عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، خاصة ما تعلق منها بالفصل 86 الذي يوجب وضع كل القوانين التنظيمية في أجل لا يتعدى الولاية الحكومية الحالية. وبغض النظر عن الفشل الحكومي في امتحان الوفاء بمتطلبات التنزيل وبداية ترويج حزب رئيس الحكومة لإمكانية مراجعة دستورية شكلية لا تتعدى توسيع الآجال المضروبة، تسبب البطء التشريعي للحكومة في جعل أهم مؤسسات البلاد تعمل خارج الشرعية، وبعد أكثر من ألف يوم عن دخول الدستور حيز التنفيذ، ما زالت تنتظر دورها للدخول في زمن الدستور الجديد. قضاء قديم يراقب تنزيل دستور جديد من تناقضات المرحلة الانتقالية الحالية أن الهيأة التي تراقب تنزيل الدستور الجديد تنتمي إلى دستور قديم، ورغم صدور قانونها التنظيمي مازالت المحكمة العليا تعيش في جلباب المجلس الدستوري الذي أحدثه دستور1996.وينتظر أن تطول المدة قبل تعيين إعضاء المحكمة الدستورية خاصة المقاعد الستة التي ترجع سلطة التعيين فيها إلى مجلسي البرلمان، وذلك بالنظر إلى تهافت الأحزاب من أجل الحصول على ممثل لها في أعلى هيأة قضائية بالمملكة، علما أن مجلس النواب صادق قبل قرابة السنة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية. ويتضمن مشروع القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية ثلاثة أبواب وتسعة فروع، يهم الباب الأول تنظيم المحكمة الدستورية، تأليفها ومدة العضوية فيها، والوظائف التي يجوز الجمع بينها وبين عضوية المحكمة والواجبات المفروضة على أعضائها، واستبدال الأعضاء الذين انتهت عضويتهم فيها، والتعويض الممنوح لأعضائها. ويتعلق الباب الثاني بسير المحكمة، والقرارات المتعلقة بالمطابقة للدستور، والإجراءات المطبقة في الحالة المنصوص عليها في الفصل 73 من الدستور، وإجراءات نظر الدفع المنصوص عليه في الفصل 79 من الدستور، والمنازعات في انتخاب أعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين، ومراقبة صحة عمليات الاستفتاء ومراقبة مطابقة الالتزامات الدولية للدستور، وكذا التسيير الإداري للمحكمة، فيما يتضمن الباب الثالث أحكاما انتقالية. ويتمتع أعضاء المحكمة الدستورية، بموجب هذا القانون، بنظام خاص وبمجموعة من الضمانات للحفاظ على استقلاليتهم وحيادهم وتجردهم، يأتي في مقدمتها طريقة تعيينهم، حيث تتألف المحكمة الدستورية من فئتين من الأعضاء، ستة أعضاء يعينهم الملك بظهير، وستة أعضاء ينتخب نصفهم من قبل مجلس النواب والنصف الآخر ينتخب من قبل مجلس المستشارين لمدة تسع سنوات، ويتم تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المحكمة الدستورية كل ثلاث سنوات فيما يتم تعيين رئيس المحكمة الدستورية بظهير من بين الأعضاء الذين تتألف منهم. من جهة أخرى، صادق مجلس النواب بالإجماع على مشروع قانون ينسخ ويعوض الباب الثالث المتعلق بمسطرة الأمر بالأداء من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية والمادة 22 من القانون القاضي بإحداث محاكم تجارية.وترفض المعارضة أن تستأثر الأغلبية بسلطة تعيين قضاة المحكمة العليا أو أن تتحكم الحسابات السياسية في التأسيس لهيأة سترهن أحكامها تطبيقات الدستور الجديد، على اعتبار أن رئيس المحكمة الدستورية وفقا للفصل 44 من الدستور له صفة رئيس مجلس الوصاية، ما يبين أن للمحكمة الدستورية موقعا دستوريا محوريا في أهم محطات الممارسة الدستورية للمؤسسات، ويجعل على عاتق ممثلي السلطة التشريعية مسؤولية كبرى في إحداث هذه المحكمة.وينص الدستور في الفصلين 129 و130 على أن أعضاء المجلسين ينتخبون ستة أعضاء، ثلاثة لكل مجلس، قضاة في المحكمة الدستورية العليا، مشترطا أن يكون هؤلاء القضاة متوفرة فيهم أربعة شروط: تكوين عال في مجال القانون وكفاءة قضائية أو فقهية أو إدارية، وأن يكونوا قد مارسوا مهنتهم لمدة تفوق 15 سنة، ومشهودا لهم بالتجرد والنزاهة ويقدمون من طرف مكتب كل مجلس وأن يكون التصويت بالاقتراع السري وبأغلبية ثلثي الأعضاء.ويشدد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عبد اللطيف وهبي على أن بت مكتب المجلس في المرشحين يفرض سلفا تحديد المعايير من خلال توضيح المقصود بالتكوين العالي في مجال القانون، هل هي شهادة الدكتوراه أم ما دونها؟، وكذلك الشأن بالنسبة إلى المقصود بالكفاءة القضائية، هل على المرشح أن يكون مارس مهنة القضاء أو إحدى المهام المحيطة بالمجال القضائي؟، وأخيرا معنى الكفاءة الفقهية «هل يعني ذلك أن تكون له إصدارات أو آراء فقهية في المجال القانوني.كما يعتبر وهبي في مرافعة دستورية توصلت «الصباح» بنسخة منها، أن ترشيح وانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من البرلمان، مهمة معقدة ومسؤولية أخلاقية وسياسية، لأن المحكمة الدستورية لها دور مهم وخطير ليس في دورها الدستوري بين مؤسسات الدولة فحسب، ولكن كذلك في ما ينص عليه الفصل 133 من الدستور من «اختصاصها بالبت في كل دفع بعدم دستورية قانون أثناء جريان المسطرة، وهذه مراقبة بعدية ستهم الترسانة القانونية المغربية كلها وفي جميع المجالات مدنية كانت أم جنائية تجارية أو إدارية اجتماعية أو أحوالا شخصية».ياسين قُطيب

مؤسسات دستورية خارج الشرعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حقوق الإنسان... أجندة مكثفة بدون قانون منظم

الحـي الجامعـي بسطـات علـى صفيـح ساخـن

مقالات ذات صلة