تموين السفن… مهنة تصارع الموت

يستعد ممونو السفن لتصعيد احتجاجاتهم، بعد أن وضعت قرارات تستهدف هذه المهنة التي تعيل مئات الأسر، إذ سارعت الجهات المعنية بالقطاع إلى إعداد ترسانة قانونية واجهتها "تطوير القطاع"، وباطنها استئصالها من الجذور، رغم أنها تعود إلى عقود، بل قرون خلت. وقال مهنيون القطاع، إن معيشة مئات الأسر بالمدن الساحلية ارتبطت بالموانئ. نزل خبر استعداد الوكالة الوطنية للموانئ فتح مجال تموين السفن لشركات خاصة، كالصاعقة، خاصة في آسفي التي تعيش فيها مئات الأسر من هذه المهنة المهددة بالانقراض. وتستعد الجهات الوصية لإعداد ترسانة من القوانين بمبرر "تطوير" القطاع وتأهيله بشكل عصري، ومواكبة التطور الذي تعرفه حركة الموانئ التجارية، بيد أن كل هذه المحاولات الإصلاحية، تجاهلت وضعية العشرات من الممونين ممن اشتغلوا عقودا طويلة بالقطاع، وهو ما يعرضهم للضياع.وفي هذا السياق، يقول أحد الممونين "إن الأشخاص الذين ظلوا لسنوات طويلة يكابدون من أجل الحفاظ على استمرارية حركة التموين رغم كل الصعاب، وفي كل الظروف، صاروا اليوم خارج بوصلة إصلاح القطاع، بعدما تجاهلت الجهات المسؤولة هذه الفئة".وحسب المصدر نفسه، راسلت مجموعة من مموني سفن الموانئ بالمواد الغذائية، مصالح وزارة التجهيز وكذا الوكالة الوطنية للموانئ، للمطالبة بإلغاء صفقة المناقصة العمومية التي تسعى الأخيرة إلى إجرائها، ومنح تموين الموانئ لشركات كبرى، معتبرين أن اتخاذ مثل هذه القرارات سيؤدي لا محالة إلى تشريد عشرات الأسر التي تعيش من عمليات تموين السفن التي ترسو بعدة موانئ سواء بآسفي أو الجديدة أوغيرهما من المدن.واعتبرت مصادر من بين المهنيين، أن هذه القرارات لم تشرك المهنيين وتستشرهم وتعرفة ظروف ووضعية اشتغالهم، معتبرين ذلك قرارا سيزيد من تأزيم وضعية عشرات الممنونين، الذين يعد أغلبهم من بين العاطلين أو أعضاء المقاومة وجيش التحرير، ممن تم جبر ضررهم بهذه الطريقة، لكن اليوم تعود الحكومة، في رأيهم، إلى تأزيم وضعيتهم والرمي بهم إلى عالم التشريد والضياع رفقة أسرهم.وأكد أحد الممونين في اتصال ل "الصباح"، أنهم يزاولون هذا النشاط قبل عقود خلت، ويعتبرونه مورد رزقهم الوحيد، رغم الإكراهات التي تحيط بعملهم، "لقمة العيش صعبة.. لا نجني من هذا العمل اليوم، سوى ما نقتات به، ومكاسبنا منها بالكاد تغطي مصاريف العيش"، يقول أحد الممونين قبل أن يضيف، "لا منازل ولا سيارات، لقمة العيش فحسب. نسعى إلى الحصول على لقمة العيش فقط، وهاهم يريدون أن يعرضوا أبناءنا إلى التشرد"، يقول المتحدث ذاته، وعلامات الحزن والأسى تخيم عليه.ويضيف المتحدث نفسه، الذي يعتبر واحدا من رجال المقاومة، ومن المناضلين القدماء بصفوف الاتحاد الاشتراكي، أن من يشتغلون بهذا القطاع، ليسوا ضد هيكلته وإصلاحه، ولكن ذلك في نظره، يتطلب أولا تأهيل المشتغلين في هذا القطاع، والرفع من مردوديته، وآنذاك يمكن أن نتحدث عن تأهيل القطاع وعن كناش تحملات نموذجي وعن التزامات الطرفين.وخلص المصدر إلى أن قرار إجراء مناقصة، وفقا لكناش تحملات فضفاض، لن ينتصر في آخر المطاف سوى لرؤوس الأموال الكبيرة، مقابل الحكم على كل المهنيين الحاليين بالتشرد والضياع.وطالب المهنيون، وزير التجهيز بالوفاء بالتزاماته التي جاءت على لسان أحد مسؤولي الوزارة، خلال لقاء كان قد عقده مع المهنيين، قبل مدة، بمقر الوزارة بالرباط.محمد العوال (آسفي) جلسة مع رباح لحل المشاكل يبدو أن الحرب المشتعلة بين أصحاب الشركات المتخصصة في تموين البواخر، ووكلاء السفن، مازالت لم تضع أوزارها بعد، إذ مازال كل طرف يشد الحبل بقسوة من جهته. ورفض ممونو البواخر، عبر الجمعية العالمية المغربية لمموني السفن، التي تتحدث باسمهم، خطوة تأسيس شركات من قبل وكلاء السفن بدعوى تطوير القطاع، وفي المقابل تشريد الأسر التي تقتات من تموين السفن، ولا يسعفها قصر ذات اليد في تأسيس شركات منافسة.وانطلقت شرارة احتجاجات مموني البواخر بالمحمدية، بعد قيام أحد وكلاء السفن بالمحمدية بتأسيس شركة ووضع ملف من أجل التنافس على أحد طلبات العروض، ما جعلهم يرفضون الأمر، ملحين على أن مهمة وكيل السفن تتجلى في التوسط لجل السفن العالمية، من أجل التموين، وفي حال أصبح متدخلا في التموين فستؤول إليه كل صفقات التموين، باعتباره طرفا فيها، ما اعتبره الممونون "حالة تناف". وفي هذا الصدد قال نائب رئيس الجمعية العالمية المغربية لمموني السفن، توفيق عزيز، إن بداية الموضوع تفجرت بمجرد دخول إحدى الشركات التي أسسها وكيل سفن، للحصول على صفقة التموين الأولى بالمحمدية، قبل أن تعبر جل الشركات دخول شركة وكيل السفن، على اعتبار أن الصفقة لن تكون متكافئة للشركات الأخرى. موضحا أنه سيقوم باستغلال مهمته الرئيسية كوكيل سفن ويعمل على تمرير جل الصفقات إلى شركته، لعلمه المسبق بكل حيثياتها، و نظرا لأنه يمثل السفن الراغبة في الحصول على التموين، التي تقوم بتكليفه باختيار ثلاث أو أربع شركات، من أجل إجراء سمسرة عمومية ترسو على الشركة التي تقدم أفضل العروض. وأوضح عزيز توفيق، أن الجمعية أجرت اتصالات بوزارة التجهيز والنقل والوكالة الوطنية للموانئ ومديرية الملاحة التجارية، من أجل عقد لقاء لشرح تداعيات دخول الوكلاء على خط التموين. مضيفا أن الوزارة والوكالة الوطنية، استقبلتا ممثلي الجمعية، وهو لقاء "أكد خلاله وزير التجهيز والنقل عبد العزيز رباح، ومديرة الوكالة، قرار تأجيل جل الصفقات بالموانئ المغربية، بسبب الإشكال المطروح". وكشف توفيق أن أحد الوكلاء، راسل شركات أجنبية تحل سفنها بموانئ المغرب، ليطلب منها مقارنة التموين في الموانئ المغربية ونظيرتها في جبل طارق والجزيرة الخضراء، ومقارنة التكلفة، معتبرا أنها مرتفعة جدا في المغرب.وقال توفيق إن الوزارة على علم بما قام به الوكيل، وإنها تسلمت نسخا من الرسائل التي أرسلت إلى الشركات الأجنبية، كما هو الأمر بالنسبة إلى الوكالة الوطنية للموانئ، "مازلنا ننتظر أن تتخذ ضده إجراءات ردعية، بعد فتح تحقيق سيكتشفون من خلاله عدة مخالفات" يقول توفيق. ويطالب الممونون برفض ترخيص الوزارة لأي شركة لممارسة مهنة مموني السفن، وإعادة النظر في الرخص الممنوحة لوكلاء يسيئون إلى بلادهم، مضيفا أن الجمعية تستبشر خيرا "بما سيتخذه الوزير رباح من قرارات في هذه القضية"، لكن في حال خيبت الوزارة ظنهم وآمالهم، ف"إننا سنلجأ إلى القضاء".كمال الشمسي (المحمدية)

تموين السفن… مهنة تصارع الموت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرق "حذر"... رجال لا يعرفون الكلل

158 ألف شخص يعانون العبودية العصرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات