فرق “حذر”… رجال لا يعرفون الكلل

قرب موقف صغير للسيارات مطل على ضريح سيدي عبد الرحمان بشاطئ عين الذئاب، بالكاد يحمل اليافع جسده المثقل بـ"السيلسيون"، يستوي في وقفته بجهد كبير، ثم يضع يده اليمنى على جبينه، ملقيا تحية عسكرية لجنديين ورجل الأمن مروا أمامه في طريقهم إلى المركب التجاري "موروكومول"، قبل أن يباغتهم بطلقات كلام "العز والنصر، الله يحفظكم لينا أشاف..نتوما لي كاينين..". تحية عسكرية "ثملة" لا يلقي الثلاثة بالا لحركات الشاب الصغير الذي يغمس وجهه في قطعة ثوب مبللة بمخدر، ربما بسبب المشهد المكرر لتحيته "الثملة" وإطنابه الزائد كلما لمحهم، أو ربما بسبب التعليمات الصارمة التي تقضي بعدم الحديث مع المواطنين والمارة وزوار المرافق والمؤسسات، أو حتى التعبير لهم بما يوحي أنهم يتجاوبون مع ردود أفعالهم، مهما كانت طبيعتها.يواصل الجنديان ورجل الأمن طريقهم بالانضباط نفسه، حتى يخيل إليك أن الأمر يتعلق بثلاثة رجال آليين يضع اثنان منهم رشاشين على صدريهما بالطريقة نفسها، كما لو أنهما يحضنان رضيعا يخافان عليه من "السخانة"، بينما يمسك رجل الأمن بحهازه اللاسلكي ويظهر من فتحة سترته مسدس من النوع "الممتاز".بعد مرحلة الظهور العلني التي استمرت أسبوعا تقريبا، لم يعد مدهشا مشهد جنديين بلباس عسكري يحملان رشاشين ويتوسطهما رجل أمن بلباس أزرق والثلاثة يضعون شارات "حذر" الخضراء المكتوبة على خلفية وردية، كما لم يعد غريب حركة التجوال قرب بعض المؤسسات والمرافق الحيوية.على جنبات "موركومول"، يمكن أن ترصد مؤشرات التعايش والألفة بين المواطنين وفرق "حذر"، خصوصا الجنود المتمنطقين برشاشات والذين أثار ظهورهم أول الأمر ارتباكا واضحا في صفوف المارة وأصحاب السيارات والدراجات وكثير من السياح الذين هالتهم مشاهد الإنزال العسكري في الشارع العام. العسكر يحتلون "موروكو مول" تغادر الفتاتان متجرا راقيا للملابس الداخلية، بيدهما كيسان صغيران بلون أحمر ورفقتهما امرأة أجنبية في متوسط العمر تدفع عربة رضيع، وقد بدت الدهشة عليها مجرد رؤيتها "فيلقا" من الجنود مدججا بالأسلحة يمر من أمام المتجر، قبل أن تنطق "أوه ماي كاد" (يا إلهي).تحاول الشابة ذات القامة القصيرة أن تطمئن مرافقتها بلكنة إنجليزية متقطعة، "لا تخافي إنهم مجرد جنود يقومون بعملهم..مجرد جنود فقط".التف الثلاثة إلى زقاق صغير، حيث توجد محلات متخصصة في ملابس النساء، دون أن يبدو أن المرأة الانجليزية أقتنعت برواية مضيفتها، إذ مازالت بين الحين والآخر تلتفت إلى رجلي الجيش والأمن الثلاثة الذين غابوا في زحام الأروقة، ووسط عدد كبير من الزوار والأطفال في يوم تزامن مع اليوم الثالث من العطلة المدرسية.يسير الثلاثة الهوينى في الممر الفاصل بين متحر مرجان وإحدى البوابات الجانبية لـ"موروكو مول" كأنهم يتمشون على حبات بيض، دون أن يكفوا عن حديث هامس بينهم تعلوه بيت الفينة والأخرى ابتسامات صغيرة. ويبدو من خلال الدرجات القصوى من الانضباط أن تعليمات صارمة صدرت لجميع الفرق بعدم التورط في كل ما يمكن أن يسيء إلى هذه المهمة الحساسة، وعدم تكرار أخطاء زملائهم الذين تورطوا في أفعال مخلة بقواعد السلوك العسكري صدرت في حقهم عقوبات متفاوتة نشرت وسائل الإعلام بعضها.حارس الأمن الخاص الذي يحمل جهازا لاسلكيا ويقف أمام البوابة، قال لـ "الصباح" إن زوار المتاجر تعودوا على وجودهم في هذا المكان (يقصد فريق حذر).. إنهم يقومون بمهمتهم على أكمل وجه في حفظ الأمن وحماية سلامة المواطنين وإشعارهم أنهم في أمان، كما نقوم نحن بالذود نفسه بشكل يومي، وأحيانا نتعاون مع القوات العمومية وننسق معها في توفير الحماية لهذا المكان". رياضة تحت الحراسة على امتداد شاطئ عين الذئاب من حدود "موروكومول" إلى المركب السينمائي "ميغاراما"، يبدو الشريط هادئا في هذه الساعة من زوال الاثنين الماضي. المد الطويل للبحر يحفز التوغل أكثر في الرمال المبللة لممارسة الرياضات المفضلة أو استراق لحظات رومانسية لعشاق جدد. البعض يفضل الرصيف للمشي أو الركض الخفيف بجانب أفراد عائلته، أو كلبه، خصوصا النساء اللواتي يحتمين بهذه الحيوانات، خوفا من عملية خطف، أو نشل كما حدث مرارا في هذا الشريط. مهرجان من الألوان والماركات الرياضية يصنعه عدد من المواطنين الذين يفضلون هذا الوقت من الزوال لعقد صداقة مع البحر والأمواج بعيدا عن ضوضاء حركة السير وروتين العمل وصخب المقاهي.لم تتغير طقوس شاطئ عين الذئاب، لكن مع اختلاف أساسي أن هواة الرياضة والمشي يمارسون، اليوم، تحت حراسة مشددة تضطلع بها مجموعات من فرق حذر وهي تذرع الرصيف البحري على امتداد ساعات اليوم، يرافقهم عناصر الأمن بسياراتهم ودراجات نارية وأمنيون بزي مدني لا يغادرون صغيرة أو كبيرة إلا وأحصوها وتدخلوا في الوقت المناسب لإجهاض أي محاول للمساس بأمن المواطنين والسياح وسلامتهم الجسدية. انجاز: يوسف الساكت

فرق “حذر”… رجال لا يعرفون الكلل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انتخابات حاسمة في البحرين

تموين السفن... مهنة تصارع الموت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات