مهيدية “ينقب” عن الماء بالجديدة

الوالي لم يجد ضالته في مخزون سد "الداورات" وطالب مجمع الفوسفاط بإرواء ظمأ سطات وبرشيد أخرج « الإجهاد المائي» والحاجة إلى تعبئة المزيد من الموارد المائية البديلة لإرواء حاجيات أكبر جهة بالمملكة، الوالي محمد مهيدية من مكتبه، عندما شد الرحال جنوبا صوب الجديدة مرفوقا بالعديد من المديرين الجهويين، وخاصة ممن لهم علاقة بالماء الشروب، في رحلة لتخطيط استباقي يبعد العطش عن حوالي سبعة ملايين نسمة، يشكلون سكان هذه الجهة التي تستهلك كميات كبيرة من الماء الشروب وفي أنشطتها الصناعية . إنجاز : عبدالله غيتومي (الجديدة) كان مهيدية يمني النفس في رحلة الجديدة ، بحلول مطمئنة تخفف الضغط على حوض أم الربيع المجهد إلى حد كبير ، للتفرغ أكثر لحاجيات البيضاء وما يحيط بها، لكن واجهته إحصائيات صادمة، فالتساقطات المطرية إلى غاية 30 نونبر الماضي لم تتعد 38 ميلمترا بعموم الجهة، بنقص بلغ 37 في المائة عن المعدل العادي، وسجلت الجديدة 67 ميلمترا بينما البيضاء 21 ميلمترا. رحلة على متن حافلة حل مهيدية، بحر الأسبوع الماضي، بتراب إقليم الجديدة، مستقلا رفقة مديرين جهويين حافلة نقل جماعي، ولعلها إشارة قوية منه إلى ضرورة ترشيد استعمال سيارات وبنزين الدولة، فضلا عن كونها تدل على أن الوقت الحالي يفرض بالضرورة اعتبار " معضلة الماء" من الأولويات التي يتعين تظافر الجهود للحد من تداعياتها الصعبة. ومما لاشك فيه أن الوالي كان يستحضر مع مرافقيه ما ورد في الخطاب الملكي ليوم 14 أكتوبر 2022 بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، لتفعيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي في الفترة بين 2022 و2027، وأيضا ما قاله نزار بركة أمام لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بمجلس النواب، من أن الجفاف، وبخلاف تأثيره على الماء الشروب بالعالم القروي والأنشطة الفلاحية في السابق، فإنه اليوم يظهر العجز الحاصل في الأحواض المائية، وأن هناك تأثيرا حتى على مخزون الماء الشروب الموجهة إلى الحواضر، وشدد على تخطيط مائي استباقي. وضعية مائية غير مطمئنة يشرب سكان البيضاء من نقطتين أساسيتين، سد سيدي محمد بن عبدالله على نهر أبي رقراق بما مجموعه سنويا 107 ملايين متر مكعب، ومن سدي الداورات وسيدي سعيد بن معاشو على نهر أم الربيع بما مجموعه 109 ملايين متر مكعب سنويا، يحدث ذلك خلال السنوات المطرة، ومن بعض الفرشات المائية التي تعاني في الوقت الراهن " إجهادا ملحوظا" . وكان لا بد للوالي مهيدية أن يسأل عن مخزون سد الداورات الذي يعد من جيل السدود القديمة التي شيدت زمن الحماية الفرنسية في 1950 ، على غرار سدي إمفوت وبن معاشو، فجاءه الخبر صادما أن مخزون هذا السد وكل الحوض المائي أم الربيع لا يتجاوز نسبة ملء في حدود 4.5 % وهي نسبة غير مطمئنة تماما، لأن القاعدة حسب العديد من الخبراء أن انخفاض منسوب المياه في الوديان يؤدي حتما إلى انخفاض في حقينة السدود، وأن انخفاض منسوب المياه ليس وليد هذه السنة، بل هو تراكمات السنوات الأخيرة. ولم يكن سد الداورات يعطي على الواقع إشارات مطمئنة، ما جعل مهيدية يشد الرحال صوب الجرف الأصفر، الذي أضحى يعتبر أفقا إستراتيجيا مهما في التصدي للإجهاد المائي، ليس فقط في البيضاء، بل في الأقاليم التسعة المشكلة لتراب الجهة . مهيدية يطالب بتعبئة 30% إضافية لما ضاقت به أحوال البر وجه مهيدية وجهه هذه المرة صوب البحر، وبالضبط نحو الجرف الأصفر الذي كان ولا يزال جزءا من حل معضلة نقص الماء الشروب، فمنه قبل سنوات قليلة كانت توجه بواخر محملة بالماء لحل أزمة الشرب بطنجة، واليوم يعول عليه على الأقل لإرواء ظمأ الجديدة ذات 250 ألف نسمة، فقد رصد المجمع الفوسفاطي 750 مليون درهم لإنشاء محطة تحلية مياه تنتج سنويا 40 مليون متر مكعب تؤمن للجديدة 30 مليون متر مكعب، في أفق أن يصل 45 مليون متر مكعب ، في إطارالإمدادات المائية المستدامة، تصديا للتغيرات المناخية التي تقلص الموارد المائية الاعتيادية . واطلع الوالي بهذه المحطة على شروعها في تزويد الجديدة بالماء الشروب، وأنه مطلع 2024 ستفك الجديدة ارتباطها بسد الداورات، ومن الممكن توجيه حصتها منه إلى منطقة أخرى، كما أحيط علما بمد قناة طولها 200 كيلومتر ستحمل الماء من الجرف الأصفر إلى خريبكة. واغتنم الوالي المناسبة ليطلب من المجمع الشريف للفوسفاط تعبئة جهود إضافية لزيادة طاقة إنتاجه من المياه بنسبة 30 % لإرواء عطش سكان سطات وبرشيد، وهذا سيمكنه من التفرغ لحاجيات أقاليم من الجهة في حربه على معضلة " الإجهاد المائي". وتسربت أخبار من أن الاستجابة لمطلب الوالي مهيدية تتطلب دراسات تقنية وتعبئة موارد مالية إضافية، ومدة إنجاز لا تقل عن سنة من اﻵن، ويبدو أنه لم يتحمس لذلك لأن الرجل يعتبر حل المعضلة في أقصر مدة زمنية من الأولويات التي يضعها على أجندته اليومية. تأخر كبير في مشروع المهارزة الساحل زار محمد مهيدية المهارزة الساحل (25 كيلومترا جنوب البيضاء)، والتي برمجت فيها وزارة التجهيز والماء مشروع إنجاز أكبر محطة لتحلية مياه البحر، ستوفر 300 مليون متر مكعب سنويا من الماء، منها 250 مليون متر مكعب من الماء الشروب بجهة البيضاء سطات، وأيضا 50 مليون متر مكعب من مياه السقي، سيمكن من تخفيف الضغط عن الموارد الاعتيادية بحوض أم الربيع، وكان من المقرر تنفيذ المشروع بداية من 2024 لتكون المحطة إجرائية نهاية 2026 ، وكانت الضائقة المالية جعلت الوزارة تستعجل الشروع في بنائها، وكان مقررا أن تبدأ الأشغال في نونبر الماضي، حيث اتخذت الترتيبات لذلك، إذ أكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الأخيرة عاكفة على إخراج هذه المحطة إلى حيز الوجود، ومن شأن تشغيلها إتاحة الفرصة لاستعمال مياه حوض أم الربيع لسقي المساحات الفلاحية، ولرفع الضغط المائي الحالي تم الشروع في تشييد الطريق السيار المائي بإمدادات مائية من نهر سبو إلى نهر أبي رقراق. وضعية كارثية بالقطاع السقوي جرت العادة أنه كلما واجهت البلاد وضعية تتسم بندرة في المياه، تعطى الأسبقية للماء الشروب مادة حيوية، يتعين توفيرها بشكل مطمئن، وهو ما يفهم منه التضحية بالمجال السقوي، الذي يستمد هو الآخر حاجياته المائية من الأحواض ، التي أنهكتها أربع سنوات متتالية من الجفاف. ويبدو أن مهيدية استقبل أنباء غير سارة عن مخزون المياه بحقينة المركب المائي " الحنصالي"، الذي لا تتجاوز8.4 في المائة، ومخزون سد المسيرة في حدود 4.9 في المائة، وهذا مرده إلى أن التساقطات لحد الساعة ضمن دائرة " الندرة" ولم تتجاوز 38 ميلمترا على العموم، جعل القطاع السقوي لا يستفيد من أي حصة سقوية بنفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بدكالة للموسم الفلاحي الرابع على التوالي ، كما أن مستوى الفرشة المائية عرف تراجعا كبيرا . والإجهاد المائي لم يتم لمسه فقط على مستوى الماء الشروب، ولكن على توقف الدورات السقوية، وخاصة في المنطقتين السقوية السفلى والعليا، أدى إلى تراجع المساحات المخصصة لمنتوجات إستراتيجية، فمن أصل مساحة 11ألف هكتار المخصصة للشمندر السكري هذا الموسم، تم زرع فقط 6241 هكتارا فقط، تقريبا بتراجع يقدر بالنصف، وهو ما سيؤثر على الإنتاج الوطني من السكر، كما أن مساحة 628760 هكتارا المخصصة للحبوب لم تزرع منها سوى 88545 هكتارا فقط، وقس على ذلك المساحات المخصصة للقطاني والخضروات . رحلة الوالي محمد مهيدية لن تكون الأخيرة لمسؤول ترابي للجرف الأصفر ، بل هي بداية رحلات منظمة إلى هذه المنطقة التي توفر ضمانات إستراتيجية لتمنيع جهة البيضاء سطات من العطش الذي يتهددها، لأن نجاح تجربة تلبية الحاجيات الإجمالية للجديدة وأزمور، يرسل تشجيعات قوية أنه يمكن توسيع التجربة أكبر لتعبئة طاقة إضافية ، تلبي حاجيات البيضاء وسطات وبرشيد، بالطريقة نفسها التي يجري بها الآن شق أنبوب من الجرف الأصفر إلى خريبكة على مسافة 200 كيلومتر، لتوصيل الماء إلى المدينة الفوسفاطية .

مهيدية “ينقب” عن الماء بالجديدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رسالة ريـاضـيـة: موسم كل المشاكل !

تنظيم‭ ‬الحفل‭ ‬السنوي‭ "‬بصمات‭" ‬بالجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات