السوق الأسبوعي والباعة الجائلون والبنايات العشوائية من بين معيقات التنمية المحلية تتلمس البئر الجديد، التي تعد من أقدم المجالس الحضرية، خطواتها بتؤدة نحو التمدن، وتسعى إلى التخلص من تبعات البنايات العشوائية التابعة لجماعتي المهارزة الساحل والغديرة، التي تحيط بها من كل الجهات. ومن تبعات السوق الأسبوعي، الذي يعقد كل خميس وسطها، بإخراجه وإبعاده في اتجاه طريق البيضاء، لكن صعوبة انتزاع العقار التابع لمصلحة الأملاك المخزنية تقف حائلا دون ذلك. إنجاز: أحمد ذو الرشاد (الجديدة)/ تصوير (عبد اللطيف مفيق) يعتبر مركز البئر الجديد من أقدم المراكز الحضرية بإقليم الجديدة، تم تأسيسه سنة 1926 من قبل الاستعمار الفرنسي، تحت اسم (سانت هيبير). يقع على الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين البيضاء والجديدة، على بعد 45 كيلومترا من الأولي و50 من الثانية. ويعتبر من المناطق الفلاحية المهمة التي تساهم في الإنتاج الفلاحي، من حيث الحبوب والقطاني واللحوم البيضاء والحمراء والخضر. معيقات التنمية رغم أن مركز البئر الجديد يعد من بين أقدم التجمعات السكنية ورغم موقعه الإستراتيجي، إلا أنه لم ينل نصيبه من التنمية المحلية الشاملة ولم يرق بعد إلى مصاف المدن الصاعدة والمؤثرة في خريطة المملكة لعدة اعتبارات، من أهمها محاصرته من قبل جماعتين قرويتين، هما المهارزة الساحل والغديرة، إذ لا يجد المجلس الجماعي العقار المناسب لتنفيذ المشاريع التنموية الكفيلة بتطوير وتوسيع المدينة. وفي هذا الصدد أكد مسؤول بالمجلس الجماعي نفسه، أن المدار الحضري ضيق وفي حاجة إلى توسيعه، إذ تتحكم فيه هواجس سياسية انتخابية، ويخضع لوزارة الداخلية وتؤطره مذكرة وزير الداخلية الصادرة سنة 1994 تحت رقم 245، إذ يصطدم بغياب الرصيد العقاري، وهو ما يفرض العمل على توسيعه بإيجاد حلول مع الجماعتين ووزارة الداخلية نفسها. وأضاف المصدر ذاته، أن تصميم التهيئة، الذي تشرف عليه وزارة الإسكان ويؤطره قانون التعمير، يصطدم بدوره بصعوبات جمة. وتحيط بالبئر الجديد دواوير وتجمعات سكنية، تتوسع يوما عن يوم وتنمو كالفطر، وتكبر معها مشاكل سكانها الذين يضطرون إلى الذهاب إلى مركز البئر الجديد للبحث عن عمل أو لاقتناء ما هم في حاجة إليه من مأكل ومشرب، وهو ما يجعل المركز غير قادر على احتوائهم بمشاكلهم. وطالبت عدة جمعيات تنموية بضرورة توسيع المدار الحضري وضم هذه الدواوير للتحكم فيها عبر إلغاء اللوائح الانتخابية القديمة التي تعود إلى 1992 وتسجيل السكان البالغين من جديد لتنقيتها وضبط الأحياء منهم والأموات، تكريسا لمبدأ الديموقراطية. السوق الأسبوعي يشكل السوق الأسبوعي الذي يعقد في وسط البئر الجديد، أحد أهم معيقات التنمية المحلية، ويساهم في عرقلة حركة السير والجولان ويضايق عابري المدينة، كما يترك المتسوقون والرواد وراءهم أكواما من الأزبال والنفايات، عصر كل خميس. ويفكر المجلس الجماعي منذ سنوات في إحداث سوق جديد خارج المدينة. وصرح جمال مدران، رئيس المجلس الجماعي للبئر الجديد، أن المجلس الجماعي حدد قطعة أرضية تصل مساحتها إلى 8 هكتارات على بعد كيلومتر من مركز المدينة، من أجل استغلالها في إحداث سوق جديد بمواصفات عصرية، قادر على احتواء جميع الحرفيين والمهنيين والمتسوقين. وأوضح رئيس الجماعة أن المجلس الجماعي سلك كل المساطر القانونية وراسل مصلحة الأملاك المخزنية، من أجل تمكينه من هذه البقعة الأرضية لإنجاز المشروع. وأشار إلى أن العقار المستغل في عقد السوق الحالي، سيتم استغلاله في إحداث مشاريع تنموية ومرافق اجتماعية وثقافية، منها دار الثقافة ودار جديدة للشباب وملاعب للقرب وغيرها من المشاريع التي ستعود على السكان بالنفع الكثير. واقترح العامل السابق على المجلس الجماعي إحداث سوق نموذجي يختص في تسويق الدجاج البلدي الذي تشتهر به المنطقة نظرا لجودته، إلا أن غياب الإمكانيات المادية والعقار حال دون تنفيذ هذا المشروع أيضا. انتشار الباعة الجائلين من المظاهر والظواهر السلبية التي يعانيها مركز البئر الجديد، انتشار الباعة الجائلين، في بعض الشوارع الحساسة وفي ملتقى الطرق، إذ يمنعون المارة من استعمالها. وعمل المجلس الجماعي على إحداث سوق نموذجي، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بكلفة مالية قدرت بحوالي مليوني درهم، يوفر حوالي 70 محلا تجاريا. وخصص السوق العديد من المرافق والأكشاك التجارية، لاحتواء وإيواء التجار بكل فئاتهم من أصحاب الأسماك والدواجن والجزارين، كما تم تخصيص أماكن لبعض المهن كبائعي اللبن مثلا. وتأخر الشروع في استغلاله بعد زيارته من قبل عامل إقليم الجديدة بالنيابة، الذي اقترح على المجلس الجماعي إحداث حواجز (بوكس) للفصل بين مختلف المهنيين. لكن الحرفيين كان لهم رأي آخر، إذ اعتبروا السوق النموذجي صغيرا لا يستجيب لمتطلباتهم ولا يتيح لهم فرصة عرض بضائعهم بالطريقة التي اعتادوا عليها. وصرح (س.م) (بائع جائل) أن الباعة اعتادوا على بيع سلعهم بدون قيد أو شرط، في حين أن السوق الجديد سيفرض عليهم مصاريف إضافية نظير واجب الكراء والماء والكهرباء. بنية تحتية ضعيفة استفاد المجلس الجماعي للبئر الجديد من ميزانية مهمة من المجلس الجماعي لجهة البيضاء، خصصت لإعادة هيكلة ثلاثة شوارع رئيسية، وساهمت في تيسير حركة المرور والعبور داخل المدينة، منها شارع محمد الخامس الرابط بين الطريق السيار والعابر للمدينة في اتجاه الشريط الساحلي، إذ استفاد من 30 مليون درهم. وخصص المجلس الجماعي 41 مليون درهم لشارع الحسن الثاني الذي يمر وسط المدينة، رابطا شمالها بجنوبها، ثم شارع بدر شاكر السياب الذي يتقاطع معه، كما استفاد المجلس نفسه من ميزانية إضافية، قدرت في 800 مليون سنتيم خصصت لتجديد الإنارة العمومية والماء الصالح للشرب بالعديد من الأحياء ناقصة التجهيز. ومع ذلك، عبر عدد من سكان حي النضال عن استيائهم جراء إقصائهم من عملية إعادة إصلاح البنية التحتية، إذ استفادت الشوارع والأزقة المحاذية له، فيما لم يستفد حيهم. وصرح (حميد.ذ) مواطن يقطن بالحي ذاته، أن السكان يحسون بنوع من الغبن جراء اللامبالاة التي طالت حيهم، إذ لم تشمله عملية الإصلاح والترميم، مشيرا إلى معاناتهم بالصيف أو الشتاء مع انتشار أكوام من الأتربة والغبار والأوحال لا حدود لها.وأكد مسؤول أخر بالمجلس ذاته، أن المجلس الجماعي خصص غلافا ماليا يقدر في 400 مليون سنتيم لإعادة هيكلة بعض الأحياء منها حي النضال، وأنه لا يفرق بين الأحياء، إذ وضع برنامجا طموحا لإعادة هيكلة جميع الأحياء ناقصة التجهيز وإعادة تبليط جميع الشوارع والأزقة الفرعية مستقبلا، قبل نهاية 2025. قطاع الصحة... متقاعدون بدون بديل يتوفر مركز البئر الجديد على بنايات قديمة منها بناية ثانوية الإمام البخاري وبناية الدرك الملكي الأولى ومركز البريد والمركز الصحي، الذي أدخلت عليه بعض التعديلات، لكن خدماته تراجعت بعد رحيل الطبيب اللبناني رياض شحادة، الذي قضى 32 سنة بالبئر الجديد، وكان يمارس جميع المهام ويستقبل المرضى من تراب البئر الجديد ومن مناطق أخرى، خاصة من نواحي برشيد وأحد السوالم. لم يبق بالمركز الصحي سوى ثلاثة أطباء و6 قابلات، منهن واحدة متخصصة في التخطيط العائلي وممرضة وممرض واحد، إذ لا تعمل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على تعويض المتقاعدين والمغادرين والمتوفين. وصرح المدير العام للمصالح، أن العامل السابق، معاذ الجامعي، عقد اجتماعا خماسيا مع مسؤولي المجالس الجماعية للبئر الجديد وهشتوكة والمهارزة الساحل والغديرة وسيدي علي بن حمدوش، واتفق معهم على تخصيص مبالغ مالية، وخصص لها حسابا خاصا من أجل إحداث مستشفى محلي بالبئر الجديد، لكن بعد رحيله تبخر المشروع. ويضطر سكان البئر الجديد، البالغ عددهم حوالي 25 ألف نسمة والجماعات التابعة له التي تضم أكثر من 40 ألف نسمة، إلى التنقل إلى الجديدة أو البيضاء للاستفادة من الخدمات الصحية، نظرا لعدم توفر المدينة على اختصاصات طبية، كطب القلب والشرايين والعيون وطب النساء والأطفال. الثقافة والرياضة... عدم صلاحية البنايات يعرف قطاع الثقافة والرياضة بدورهما عدة صعوبات، منها عدم صلاحية البنايات التي تعود لسنوات وافتقارها للتجهيزات والمعدات الأساسية، وتواجه مسؤوليه عدة مشاكل ترتبط بعدم توفر الوعاء العقاري، إذ تم عقد شراكة بين المجلس الجماعي ووزارة الشباب والثقافة والتواصل والمجلس الجهوي والمجلس الإقليمي لبناء دار للثقافة وتم تخصيص الاعتماد المالي، لكنه سقط بعدما تعذر على المجلس توفير العقار. ويعاني قطاع الرياضة بدوره عدة إشكالات، من أهمها تأخير افتتاح القاعة المغطاة التي شرع في بنائها سنة 2015 بشراكة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وخصص لها غلاف مالي قدر في 9.700.000 درهم، بسبب التأخر في توفير التجهيزات. وخصص المجلس الجماعي 300 مليون سنتيم لإعادة إصلاح الملعب البلدي، فيما تكلفت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بتعشيبه وخصصت له مليارا و200 مليون سنتيم، علما أن الجهة ستساهم بدورها بمبلغ مالي مهم لإنهاء الأشغال به، كما أن المجلس أنشأ مسبحا وملاعب للقرب وأخرى لكرة المضرب.