أبقار تتجول بكل حرية وتعرقل السير وتتسبب في حوادث أليمة يخيل للذي يزور اليوم الجديدة ويشاهد بشوارعها وأزقتها قطعانا من الأبقار وحيوانات أخرى، ضمنها بغال وحمير، أنه لربما في إحدى مدن الهند، حيث تنعم تلك الحيوانات بحرية مطلقة لا يقلق راحتها أحد. فمنذ مدة ليست بالقصيرة تشهد الجديدة رعيا جائرا حقيقيا، تنامى بشكل لافت للانتباه في الآونة الأخيرة ،هذه المرة لا يستهدف ممتلكات المياه والغابات كما هو متعارف عليه، ولكن يحيل على سلوك مجموعة من "الكسابة" بمجموعة من الأحياء الشعبية ،لم يفرطوا في المزاوجة بين أنشطة حضرية وأخرى من صميم البادية . وأمام افتقار المدينة لمراع حقيقية أطلق هؤلاء قطعانهم وحيواناتهم، ترعى بكل الحرية المطلقة في أماكن نفايات، ويتجاوز الأمر ذلك بكثير حد اعتداءات مادية على مناطق خضراء بمدارات ومساحات تندرج ضمن أملاك عمومية، ولا تسلم واجهة الفيلات من سطوة "القطعان الضالة"، ما تسبب في تعييب العديد من الممتلكات العامة والخاصة، رافق ذلك جدل كبير على قصور بلدية الجديدة في التصدي للظاهرة التي تعد عنوانا بارزا على ترييف الجديدة بشكل رهيب. ولا يقف الأمر عند حد هذه الانتهاكات الجسيمة للمجال الأخضر بالمدينة، بل يتعداه إلى تحول تلك الحيوانات "المتسيبة" إلى إحداث عرقلة واضحة بأهم شرايين السير والجولان، خاصة بشوارع جبران خليل جبران وعثمان بن عفان المؤدي إلى محطة القطار وابن باديس وأحياء النجد والسلام وبسيدي موسى وكدية بندريس وكل الطرق المنتشرة بحي المطار، ووصل الأمر حد تحول تلك الحيوانات إلى سبب رئيسي في العديد من الحوادث الخطيرة، خاصة في الفترات التي ينتشر فيها ضباب كثيف يحجب الرؤية عن مستعملي الطريق، وفي كل مرة يتمسك مالكو تلك الحيوانات بإنكار أنها لهم، وتسجل الحوادث ضد مالك مجهول، ذريعة منهم للتملص من طائلة الفصول القانونية، التي وضعها المشرع المغربي لمعاقبة المسؤولية التقصيرية في حراسة الحيوانات سواء أكانت أليفة أم متوحشة. وأمام تنامي الظاهرة سالفة الذكر والتي تصاحبها تخوفات لا حصر لها، مرتبطة بمخاطر عدم تمنيعها ضد السعار وفق رعاية بيطرية ضرورية، يلقي سكان الجديدة باللائمة على القسم الصحي البلدي، المفروض فيه بتنسيق مع الشرطة الإدارية، شن حملة للتصدي للعدد المتزايد للحيوانات بشوارع وأزقة مدينتهم، وإن كان منتخبون يتذرعون بعدم توفر المكان المناسب في المحجز البلدي لوضع الحيوانات المصادرة من المدار الحضري للمدينة، إضافة إلى أن المجلس الترابي وعلى غرار مجالس كثيرة بربوع البلاد، لم يخصص بأحد بنود ميزانيته غلافا ماليا للإنفاق على الحيوانات المحتجزة بقوة القانون. لكن ما يعاب على السلطات أيضا هو أن إبعاد الأذى عن الطريق، يظل من صلب اختصاصاتها وبالتالي فإن التطبيع مع الظاهرة أكسبها مناعة دائمة، في الوقت الذي يفرض الأمر الاستعانة بأعوان السلطة لتحديد هويات مالكي الحيوانات "السايبة" وإرغامهم على تحمل مسؤولياتهم بتوقيع التزامات وتعهدات تستغل لكل الغايات المفيدة. عبدالله غيتومي (الجديدة)