نافذون فوق قانون الصفقات
شركاتهم تتحكم في مساطر طلبات العروض وتفرض شروطها على مؤسسات عمومية
وصلت سطوة بعض الشركات النافذة في معترك الصفقات العمومية، حد تهديد مؤسسات ومكاتب وطنية تتعامل معها، إذ لم تتردد إحداها في وضع شكاية لدى مكتب ضبط شركة وطنية تخيرها بين تمكينها من احتكار كل الصفقات أو مقاضاتها بذريعة شطط الإدارة، لا لشيء سوى لأنها ألغت صفقة كانت تمني النفس بحيازتها لتكرس احتكارها لكل الصفقات.
وكشفت مصادر “الصباح” أن الشركة المذكورة تفرض تفسيرا خاصا للمادة 45 من قانون الصفقات، لتمنع قرارا بإلغاء صفقات مشبوهة فتحت في عهد مديرين تم تنقيلهم في إطار حملة شفافية الصفقات، كما وقع قبل أسابيع قليلة بالمكتب الوطني للمطارات، في حين أن المادة المذكورة تمنح للإدارة بصريح العبارة الحق في إلغاء أي صفقة بمجرد توصلها بشكاية مبررة من أحد المنافسين، فما بالك بطلب عروض طعن فيه كل المشاركين.
ورغم مراكمة الأخطاء الجسيمة وتوصل الإدارة بمئات الشكايات ضد صفقات، تم تمرير مناقصات صورية لم تقو المكاتب الوطنية المعنية على اتخاذ قرارات بمقاضاة الشركات المتورطة أو حتى وضعها على اللائحة السوداء، بل أكثر من ذلك فإن إحداها تستحوذ على 5 صفقات، بقيمة 8 ملايير، من أصل 7 متعلقة بمطار محمد الخامس، وتحتكر أكثر من 90 في المائة من صفقات المطارات الأخرى.
وأوضحت محاضر صفقات تتوفر “الصباح” على نسخ منها، أن شركة واحدة تحتكر صفقات مكتب وطني لأكثر من 13 سنة، باعتماد تحايل على مقتضيات قانون المناقصة، إذ عادة ما تفوز بالصفقات بذريعة العرض الأقل ثمنا، باستعمال شركات تلعب دور أرانب سباق، على اعتبار أنها غير متخصصة في المجالات المطلوبة ولا توجد على لوائح الشركات المستوفية للشروط.
وعلمت “الصباح” أن شركة واحدة تحتكر صفقات المكتب الوطني للمطارات والمكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للماء والكهرباء والمكتب الوطني للموانئ، بالإضافة إلى صفقات وزارات الداخلية والدفاع والمالية والعدل والشغل والأسرة والصناعة التقليدية والصحة والتجهيز .
وحصلت “الصباح” على وثائق عشرات الصفقات الممنوحة للشركة المذكورة، التي شملت بالإضافة إلى معالجة الأمتعة والنظافة وخدمات الصيانات التقنية المعقدة، صفقات التزويد بالمحولات الكهربائية وصيانتها.
وبينت دراسات وخبرات أن تلك الصفقات كبدت المكتب الوطني لمطارات المغرب خسائر كبيرة، بالنظر إلى وجود فوارق مهمة بين المبالغ المدفوعة والتقديرات الأولية، تصل أحيانا إلى 20 في المائة.
ياسين قُطيب
