ورش يكرس دعائم الدولة الاجتماعية ويصنع جيلا جديدا من التعاقد بين الدولة والمواطن كشف عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أول أمس (الاثنين)، تفاصيل تنزيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر واصفا الإعلان عنه أمام البرلمان بلحظة تاريخية في مسار متواصل لتكريس دعائم الدولة الاجتماعية وبناء مغرب التقدم والكرامة، كما أراده جلالة الملك، مضيفا أنها ثورة اجتماعية حقيقية ستشكل جيلا جديدا من التعاقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين، ونواة صلبة لمغرب الغد، من شأنها تعزيز الإحساس بالانتماء للوطن، ورفع منسوب الثقة في المؤسسات، وفي القدرة على النجاح الجماعي، وفي ما يلي مكونات الإطار العملي والزمني والمالي لهذا الورش. إعداد: ياسين قُطيب وعبد الله الكوزي/ تصوير: (عبد المجيد بزيوات) أعدت الحكومة إطارا عمليا وزمنيا وماليا لبرنامج الدعم المباشر، بتحديد كيفيات وشروط تنزيله، مع استكمال منظومة استهداف المستفيدين منه وتأمين الاعتمادات المالية لاستدامته، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية، وتطبيقا لمقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية. ويرتكز هذا الورش على تمكين ملايين الأسر، غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، من دعم شهري مباشر يوجه من جهة، للأسر المستهدفة التي لها أبناء، منذ ولادتهم إلى غاية بلوغهم سن الواحد والعشرين (21) سنة، لحمايتهم من مخاطر الهشاشة وتنمية قدراتهم، خاصة في ما يتعلق بالتطبيب والمواظبة على الدراسة. وتستفيد من الدعم الاجتماعي المباشر الأسر التي ليس لها أطفال، أو يتجاوز سن هؤلاء 21 سنة، خاصة منها تلك التي توجد في وضعية فقر أو هشاشة، للرفع من مستواها المعيشي ودعم قدرتها الشرائية وتحصينها أمام التقلبات الظرفية. ويضم عرض الدعم الاجتماعي المباشر، الذي قدمه رئيس الحكومة أمام البرلمان، والذي يخص %60 من الأسر غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي، والمستوفية لشروط الاستهداف بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد. منح الأطفال يتعلق الأمر بمنحة شهرية عن كل طفل لم يتجاوز 21 سنة، ويمنح كل طفل منذ ولادته وإلى غاية بلوغه 5 سنوات، دعما قيمته الشهرية 200 درهم ابتداء من آخر دجنبر 2023، ويستمر طيلة سنة 2024، ثم 250 درهما شهريا سنة 2025، ليتم رفعه إلى 300 درهم شهريا ابتداء من سنة 2026. أما بالنسبة للأسر التي يتجاوز عدد أطفالها ثلاثة، وعلى غرار التعويضات الممنوحة لأجراء القطاع الخاص، فستتلقى إضافة لذلك دعما شهريا يقدر بــ 36 درهما بالنسبة للطفل الرابع والخامس والسادس. بالنسبة للطفل في سن التمدرس، فهو يحافظ على نفس الدعم ما بين سن السادسة و21 سنة. في الوقت الذي يحصل فيه الطفل الذي هو في وضعية إعاقة على 300 درهم شهريا في 2024 و400 درهم شهريا في 2026. وتعزيزا لمكتسبات فئات أطفال النساء الأرامل، المستفيدين سابقا من برنامج "دعم"، ستواصل الدولة منح 350 درهما شهريا عن كل طفل إلى غاية نهاية سنة 2024، ثم 375 درهما شهريا عن كل طفل سنة 2025، ليبلغ 400 درهم شهريا عن كل طفل ابتداء من سنة 2026. وتقلص قيمة الدعم في حالة انقطاع الطفل عن الدراسة وذلك لتكريس استدامة الآثار الايجابية لبرنامج تيسير والتشجيع على مواصلة التمدرس. منح المسنين والأرامل يخصص النوع الثاني من المنح للأسر التي ليس لها أطفال أو يتجاوز سن هؤلاء 21 سنة، خاصة منها الأسر التي تعيل أشخاصا مسنين، وتستفيد هذه الأسر من منحة جزافية تبلغ قيمتها 500 درهم شهريا ابتداء من آخر دجنبر 2023. بمعنى أن الأسرة مثلا التي لها طفل واحد، ستتوصل مباشرة بـ 500 درهم شهريا ابتداء من آخر دجنبر المقبل. والأسرة التي لها طفلان يدرسان، ستتوصل بـ 500 درهم شهريا ابتداء من آخر هذه السنة، و600 درهم في الشهر ابتداء من 2026. وبالنسبة للأرملة المستهدفة، فإن قيمة الدعم الشهري هي 500 درهم إذا كان لها طفل واحد، ستتوصل بها ابتداء من آخر هذه السنة، وإذا كان لها طفلان ستحصل على700 درهم في 2024، و800 درهم ابتداء من 2026، وإذا كان لها 3 أطفال، ستتوصل بـ 1050درهم سنة 2024، وبـ 1200 درهم ابتداء من 2026. وتجدر الإشارة إلى أنه وتفعيلا للتوجيهات الملكية، يمكن برنامج الدعم الاجتماعي من وضع شبكة للأمان الاجتماعي، حيث يبلغ الحد الأدنى للدعم لكل أسرة، كيفما كانت تركيبتها، 500 درهم شهريا. كما أن قيمة الدعم الاجتماعي المباشر لكل أسرة مستهدفة يمكن أن تصل إلى أكثر من 1000 درهم شهريا، أخذا بعين الاعتبار تركيبة كل أسرة، خاصة عدد أطفالها. منحة الولادة يتعلق الأمر بدعم جزافي يمنح لكل أسرة بمناسبة الولادتين الأولى والثانية، وتقدر هذه المنحة بــ 2000 درهم عند الولادة الأولى و1000 درهم عند الولادة الثانية. ويتطلب تنزيل هذا الورش ميزانية قدرها 25 مليار درهم سنة 2024 لتصل إلى 29 مليار درهم سنويا ابتداء من 2026، تنضاف إليها 10 ملايير درهم التي تخصصها الدولة سنويا لتعميم التغطية الصحية الإجبارية على الأسر الفقيرة والهشة، وهو ما يمثل، إجمالا، ميزانية سنوية تقارب 40 مليار درهم بحلول سنة 2026، تخصص لشقي التغطية الصحية والدعم الاجتماعي المباشر من ورش تعميم الحماية الاجتماعية. وبالنسبة لمصادر التمويل، عبأت الحكومة 20 مليار درهم في ظرف ثلاث سنوات المقبلة عن طريق الموارد الذاتية للدولة، و6 ملايير درهم من العائدات الجبائية المتعلقة بالمساهمة الاجتماعية التضامنية على الأرباح والدخول الخاصة بالمقاولات، في إطار انخراطها المسؤول في إنجاح هذا الورش الوطني، بالإضافة إلى عائدات الرسوم الضريبية المستخلصة من تفعيل المساهمة الإبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، و15 مليار درهم، عبر عقلنة وتجميع وإعادة توجيه الاعتمادات المالية المسخرة لمجموعة من برامج الدعم السابقة، وفقا للتوجيهات الملكية السامية، و9 ملايير درهم، تهم احتياطي صندوق التماسك الاجتماعي لسنة 2024، و12 مليار درهم تدريجيا، في أفق سنة 2026 وبعد مضي فصل من الشروع في صرف الإعانات المباشرة، من خلال الإصلاح التدريجي لصندوق المقاصة، طبقا لمقتضيات القانون الإطار للحماية الاجتماعية. الطبقة المتوسطة تعقد سلسلة لقاءات مع الأحزاب والمنظمات النقابية والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، ستكون مناسبة لنقاش عملية الإصلاح، كما تم تضمينها في مقتضيات المادة الثامنة من القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، على اعتبار أن ميزانية الدولة لن تتحمل تمويل الدعم الاجتماعي المباشر والإبقاء في الوقت نفسه على تحمل الكلفة الكاملة لنظام المقاصة، خاصة أنها بلغت خلال السنة الفارطة 40 مليار درهم، بعد تخصيص اعتمادات إضافية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، في حين أنها لم تكن تتجاوز 13 مليار درهم في قانون المالية للسنة نفسها. وبالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الفئات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من دجنبر 2023، ستعمد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، والذي يمثل تقليصا تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنيا ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر، بمعنى أنه تسقيف وليس تحريرا، إنصافا للأسر المستحقة فعلا للدعم. وسيفوق الدعم الممنوح مستوى القيمة التي سيتم بموجبها التقليص النسبي لدعم المقاصة، إنصافا للأسر المستحقة للدعم. وتراهن الحكومة على الإصلاح بالتدريج مع وضع الإجراءات والبرامج المصاحبة حماية للطبقة المتوسطة، إد عملت الحكومة، في إطار الحوار الاجتماعي، على الرفع من الحد الأدنى للأجر في القطاعين العام والخاص بنسبة %10 والرفع من قيمة المعاشات في القطاع الخاص بنسبة 5%، والرفع من أجر عدد من المهنيين (الأساتذة والأطباء والممرضين وأساتذة التعليم العالي)؛ وبعدما عملت على تخفيف العبء الضريبي على الدخل بالنسبة للأجور والمعاشات المتوسطة. مؤشرات التنمية ومن شأن هذه الإجراءات، وكما جاء في الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان، أن تساهم في إحداث مجموعة من الآثار الإيجابية على الأسرة بشكل خاص وعلى البلاد عامة، من خلال تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية وتقليص نسب الفقر والهشاشة والحد من الفوارق الاجتماعية، والاستثمار في الرأسمال البشري: حيث أن الاستثمار في الأطفال في سن مبكر، يضاعف من التأثيرات الإيجابية، ويساهم في تحسين وتجويــد التغذية والتعيلم والصحة العمومية ويرفع من الإنتاجية. وستساهم هذه الإجراءات في دعم الفئات الأكثر هشاشة، خاصة منها النساء، وكبار السن، وتكريس التضامن بين الأجيال، وتخفيف العبء المالي والنفسي على الأسر التي تعيل الأشخاص كبار السن. وسيتحسن الولوج إلى التعليم والصحة من خلال اشتراط تمدرس الأطفال للحصول على القيمة الكاملة للدعم الاجتماعي المباشر، وحث الأمهات على متابعة الفحوصات الطبية خلال فترة الحمل واستكمال اللقاحات والفحوصات الطبية للأطفال حديثي الولادة. وستساهم هذه الإجراءات في الحد من الفوارق المجالية وتوفير دخل منتظم للأسر التي تعيش على مداخيل الأنشطة الموسمية، مع توفير الرعاية للأطفال في وضعية إعاقة، من خلال تلبية جزء من احتياجاتهم الخاصة، واستهدافهم بشكل أفضل. الطالبي لن «يرجم» تنفس رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، والرجل الثاني في حزب التجمع الوطني للأحرار، وعضو مكتبه السياسي الصعداء، بعدما أعلن رئيس الحكومة، عن برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي سيمكن 60 في المائة من الأسر غير المشمولة حاليا بأنظمة الضمان الاجتماعي من دعم مالي شهري. وكان رشيد الطالبي العلمي، قال بصفته الحزبية خلال الحملات الانتخابية لـ 2021، إذا لم "يحصل الفقراء على الدعم، رجموني بالحجر"، وهو الأمر الذي لن يحصل، بعد إعلان أخنوش عن تفاصيل الدعم المباشر للأسر الفقيرة التي تعاني الهشاشة. وبالنظر لنوعية الفئات المستهدفة وحجم الاعتمادات المالية غير المسبوقة التي سترصد لتمويل هذه الإجراءات، وكذا النتائج الإيجابية المتوخاة، فإن الأمر يتعلق بالتأسيس لسياسة اجتماعية وطنية وتضامنية أكثر إنصافا واستدامة، كما أرادها صاحب الجلالة الملك، تستثمر في الحاضر من أجل مستقبل أفضل وتجدد رباط الثقة وتزيد من منسوب الأمل في الاستقرار الاجتماعي مستقبلا.