لزرق قال إن سبب انهيار المعارضة أنها أوكلت إلى أحزاب انتهى عمرها الافتراضي اعتبر رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن الأحزاب التي أوكلت إليها مهمة المعارضة في ولاية حكومة أخنوش، لم تكن في مستوى الفرصة، التي قدمها وصول حكومة ليبرالية في زمن دستور يمنح صلاحيات غير مسبوقة للمعارضة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ي. ق لماذا فشلت الأحزاب في أن تكون معارضة قوية لحكومة أخنوش؟ إن فوز حزب التجمع الوطني للأحرار بالرتبة الأولى في انتخابات 8 شتنبر 2021 وتعيين رئيسه، عزيز أخنوش لرئاسة الحكومة وتشكيلها رفقة الأصالة و المعاصرة وحزب الاستقلال هو تكريس لمرحلة جديدة عنوانها حكومة ليبرالية. أنهت مرحلة التحالفات الهجينة وكشفت عن حاجة المغرب المستعجلة لتشكيل قطب معارض، قصد توفير البنية التحتية للاختيار الديمقراطي، الذي أضحى من ثوابت المملكة المغربية. وتعمل الحكومة الحالية في سياق مختلف عن سابقاتها من الناحية الدستورية والسياسية، فرئيس الحكومة يتوفر على عدد من السلط الواسعة لإدارة دفة الشأن العام بالمغرب. كما أن المناخ الجيو إستراتيجي يضغط في اتجاه المطالبة بتعميق الإصلاحات السياسية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يستفيد منه مناخ التغيير ببلادنا، إضافة إلى أن الحصول على أغلبية مريحة من مقاعد مجلس النواب يمكن من القيام بالإصلاحات التي وعد بها الناخبون، من تكريس الدولة الاجتماعية، ومحاربة اقتصاد الريع، وكل مظاهر الفساد والرشوة والمحسوبية ونهب المال العام و مواجهة الانتظارات الاجتماعية. لماذا فشلت المعارضة في مهامها مع أن دستور 2011 منحها آليات غير مسبوقة في تاريخ النسق السياسي المغربي؟ كان مأمولا من المعارضة أن تشكل من هذه اللحظة لحظة مفصلية في تأسيس قطب معارض خاصة أن الدستور، يضمن للمعارضة حرية الرأي والتعبير والاجتماع وحيزا زمنيا في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها، والاستفادة من التمويل العمومي، وفق مقتضيات القانون، والمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المترشحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان، ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب، والتوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسسية، والمساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية، للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية، والمساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور، وممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي، محليا وجهويا ووطنيا، في نطاق أحكام الدستور، ومساهمة معارضة في العمل البرلماني بكيفية فعالة وبناءة. ما المطلوب من أحزاب المعارضة لتدارك إخفاقاتها؟ على المعارضة التنسيق في ما بينها على أساس بناء قيمي، شرط وجوب إعطاء النص الدستوري مدلولا يضمن للميثاق الأسمى للأمة المغربية، وضوحا قيميا ويضمن للوطن تخطي صدمة عشرية قوى التدين السياسي، ومواصلة نضالنا في ترسيخ التقاليد و ثقافة الديمقراطية لتأهيل المجتمع للانخراط الفعلي في تكريس المشروع الديمقراطي الحداثي التنموي ، وإعادة الاعتبار للفعل الحزبي، على أساس إشراك القوى الحية داخل المجتمع. ما هو الحزب الذي أخلف موعده مع تزعم المعارضة؟ هذا الوضع المريض، عطّل قيام المعارضة بفاعلية تتولى تفعيل أدواتها الدستورية ودعائمها، كضرورة ملحة، لأنها تتيح بلوغ غايات حيوية في تعزيز قوة وتوازن المؤسسات حيث تعد بمثابة الجناح الآخر أو عنصر الاتزان المؤسساتي في مواجهة الحكومة، ذلك أن آفة المعارضة الاتحادية مثلا، هي تسول جراء عقدة الطامع في تحقيق نوازع ذاتية سواء عبر الاسترزاق بالمعارضة أو عبر استجداء المناصب. نعم، إنها عقدة لشكر، التي وقفت مانعا، فحالت دون أن تكون المعارضة المؤسساتية عامل استقرار وحيوية للدولة المغربية في مواجهة الصدمات داخليا وخارجيا. وقد صارت طموحات "اتحاديي الولاية الثالثة" خطرا على سلامة الممارسة الديمقراطية المغربية الفتية. ما هي تداعيات ذلك على مستوى الأوراش الكبرى للدولة؟ التطورات الحاصلة تظهر فراغا سياسيا عميقا، لا ولن تحمد عقباه. فالمشهد السياسي الدولي والإقليمي يعرف اضطرابا وموجة الغلاء والتضخم المتفاقمة، ما ولد الشعور الموجع باليأس والإحباط، الناجمين عن تجرع مرارات صعوبات المعيشة. وهيبة الدولة في أمس الحاجة لمعارضين وطنيين يحصنون المؤسسات، و يعملون صادقين، من أجل ملء الفراغ المهول، عبر تقديم البديل اليساري الوطني القادر على طرح معارضة وطنية، حاملة لهموم وتطلعات الجماهير الشعبية. لماذا تثار مسؤولية الاتحاد الاشتراكي في فشل المعارضة؟ إن تيار لشكر قد أفقد المعارضة بريقها، و جعلها عاجزة عن التنسيق في ما بينها. كما أن اتحاديي الولاية الثالثة، يحملون عقيدة سياسية لا ديمقراطية، وتتصف بالإنتهازية، كما يتصرفون باللاعقلانية، ذلك لأن المعارضة الواعية والمسؤولة، من المفروض فيها، أن تحمل مشروعا بديلا. في حين أن اتحاديي الولاية الثالثة قد أبانوا عن كعبهم العالي في مديح القادة وتبييض وجه الفاشستية الحزبية. حيث أنهم لا يريدون عدا فيء المناصب لذاتها، كي تخدم مصالح التوريث الحزبي الذي يهدم أسس الاختيار الديمقراطي، أو من أجل فك أزمتهم المادية. وعليه، لا تغيير بالمغرب مادام تحالف العائلوقراطية قد تحول إلى نظام "أبارتايد" حزبي يعرقل تنزيل الرؤية الملكية للإصلاح الديمقراطي، في ظل الاستمرارية. في سطور < أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية. < رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية < خبير دستوري ومتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية. < مستشار سابق لدى وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني. < حاصل على دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية بمراكش.