الوزارة تأخرت في مناقشة المستجدات وتفادي تكرار المشاكل السابقة تعاني الأسر المغربية شبح الدخول المدرسي كل سنة وتخوض معارك متنوعة لأجل كسب الرهان، لغياب أسس علمية في مجال التحضير للموسم الدراسي، من قبل المسؤولين، خاصة في التعليم الخصوصي. ولم ينعقد أي اجتماع بين ممثلي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وأولياء التلاميذ، والمسؤولين التربويين، ومالكي المؤسسات التعليمية الخاصة، قبل حلول الدخول المدرسي بأسبوع، لمناقشة المستجدات وتفادي تكرار المشاكل السابقة وسوء الفهم القائم. وتأخرت الوزارة في حسم العديد من المشاكل القائمة قبل حلول موعد الدخول المدرسي، إذ راجعت أخيرا العقد المبرم مع مؤسسات التعليم الخصوصي لضبط العلاقة مع آباء وأولياء التلاميذ، وقدمت المسودة إلى رابطة التعليم الخاص بالمغرب قصد دراستها وصياغة التعديلات التي من الممكن اعتمادها، في الوقت الذي كان يجب حل هذا المشكل مباشرة بعد انتهاء الموسم الدراسي السابق. معاناة المقررات لم يتواصل مديرو مؤسسات التعليم العمومي، مع أولياء التلاميذ قبل موعد الدخول المدرسي الرسمي على الأقل بأربعة أيام لمعرفة المستجدات، إذ تكتفي المؤسسات العمومية باستقبال التلاميذ وتحديد زمن الدراسة، ومعرفة أسماء المدرسين، فيما تعاني الأسر في بحثها عن المقررات الدراسية التي يختفي بعضها من بعض المكتبات فيعيش الآباء كابوس البحث عنها في مدن أخرى، ومنهم من يغامر باللجوء إلى التجارة الإلكترونية لاقتناء كتب معينة، قد لا يحصل عليها. ولم توزع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أي دليل علمي دقيق قصد تحسين وضعية الدخول المدرسي كي يمر بطريقة سلسة ولا تشعر الأسر بالضغط المادي والنفسي. صراع الكتبيين لم تحسم وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في الصراع المحتدم بين الكتبيين، والمدارس الخاصة، وبينها وبين أولياء التلاميذ بسبب نوعية الكتب التي تباع في الأسواق، ومن له أحقية بيعها، هل المكتبات أم المدارس الخاصة؟ ومن يطبعها، هل مطابع مغربية، أم تستورد من خارج المغرب فتكون مكلفة جدا لميزانية الأسر؟ ولم تتمكن الحكومة عموما من ضبط عملية بيع الكتب التي تعتبرها الأسر مكلفة لميزانياتها، بالنظر إلى المستوى الباهت الذي ظهر به التلاميذ طيلة سنوات، إذ اعتقد الآباء أن أبناءهم سيكونون أفضل منهم بمستوى تعليمي رفيع، لأنهم عانوا كثيرا لتوفير كل الوسائل التي تساعدهم عموما على التعلم، فوجدوا أن مستواهم ضعيف جدا. ورغم إثقال كاهل التلاميذ بمحفظة مليئة بالكتب، فإنهم لم يطوروا ملكات الدراسة خاصة في التعليم العمومي، ما يعني أن هناك خللا في المجال البيداغوجي، والتوجيهي، مقارنة بسنوات كانت تتطلب بضعة كتب و"لوحة خشبية" تعلم بواسطتها الملايين من التلاميذ. وتعاني الأسر في المدارس الخاصة من ثقل ميزانية تسجيل أبنائها، إذ يكلف الطفل الواحد في المتوسط ألفي درهم لشراء الكتب وتكاليف التسجيل السنوي، زائد محفظة 600 درهم، وملابس جديدة بينها لباس رياضي. فيما لا يكلف ذلك كثيرا بالنسبة إلى الأسر التي تدرس أبناءها في القطاع العمومي. خارطة الطريق قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إن وزارته تضع تجويد تعلمات التلاميذ على رأس أولويات خارطة الطريق الممتدة إلى 2026. وأكد بنموسى، أن التقييمات الوطنية والدولية حول مكتسبات التلاميذ تظهر وجود نقص في التحكم بالتعلمات الأساسية، إذ وعد بحل هذا الإشكال عبر مضاعفة نسبة التلاميذ الذين يتحكمون في الكفايات الأساسية بحدود 2026. ولتحقيق هذه الأهداف، أعلن بنموسى اشتغال وزارته على محاور عديدة، وعلى رأسها توفير تعليم أولي ذي جودة، وهي عملية انطلقت وتوسع مجالها ونطاقها، والتركيز على التعليم الابتدائي الذي يعتبره الأساس لاكتساب التعلمات، ثم الاستثمار في الأنشطة الموازية، باعتبارها مساهمة في تكوين التلاميذ. ولفت الوزير نفسه الانتباه إلى أن الوزارة تركز في تحقيق هذه الإستراتيجية على مقاربتين، الأولى علاجية تشمل التلاميذ الذين لهم صعوبات تعلمية متراكمة، إذ أن هذه الفئة من التلاميذ في حاجة إلى دعم استدراكي لتجاوز تعثرهم طيلة سنوات، والثانية تعتمد على مقاربة وقائية متمثلة في تحسين أساليب التدريس والتي يمكن أن تساعدهم في المستقبل. هدر مدرسي تواجه الحكومة عموما مشكلة الهدر المدرسي، إذ غادر 331 ألفا و558 تلميذا مقاعد الدراسة بصفة نهائية في 2022، وازداد معدل الهدر المدرسي في الأسلاك التعليمية. ووصل معدل الهدر المدرسي إلى 2.1 في المائة في التعليم الابتدائي، و8 في المائة في الإعدادي، و7 في المائة في التعليم الثانوي التأهيلي، وفق ما فضحه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان. والهدر المدرسي مسؤولية مشتركة بين المؤسسة التعليمية، والأسرة والمجتمع المدني ويتطلب تعبئة وطنية لمحاربته، لتفادي سقوط الأطفال ضحية الإدمان على المخدرات. وللتقليل من حدة الهدر المدرسي أفاد الوزير بأن عدد المستفيدين من المدارس الداخلية سيرتفع في المغرب في مناطق تعرف صعوبة في التنقل، وتعاني فيها الأسر من الفقر والتفكك العائلي. وتواصل وزارة التربية تقديم الدعم الاجتماعي المتعلق ببرنامج مليون محفظة، الذي يعني 4 ملايين محفظة، وبرنامج تيسير، والمخصص للأسر الفقيرة. و تؤثر الإضرابات على السير العادي للتعليم، بسبب عدم حل المشاكل القائمة وتؤثر أيضا على الأسر، إذ تستعد هيآت ممثلة لأطر الإدارة التربوية، من مديري المؤسسات التعليمية العمومية، والحراس العامين، والنظار، للانخراط في الاحتجاجات مع الدخول المدرسي، والتهديد بمقاطعة المهام المسندة إليهم. أحمد الأرقام