منذ اختياره يوما للمهاجر من قبل الملك محمد السادس، في 2003، باتت هذه المناسبة فرصة لاستحضار تضحيات هذه الفئة من المواطنين والمواطنات، وانخراطهم الفعال لصالح الوطن الأم، مهما بعدت المسافات. يحتفل بهذه المناسبة كل 10 غشت من كل سنة، إذ يبرز المغرب من خلال هذا الاحتفال، شعبا وحكومة وملكا، ارتباطه الوثيق بالمهاجرين مهما كانوا في كل أرجاء العالم، واعترافا لما قدموه للوطن، علما أن تحويلاتهم المالية السنوية للمملكة، تعتبر من بين الأكبر عالميا، مقارنة بعدد المهاجرين المقيمين بالخارج. وتعتبر هذه التحويلات، دفعة مهمة للاقتصاد الوطني، خاصة وأنها تواصلت خلال أزمة انتشار فيروس كورونا، والذي عاش خلاله العالم فترة من الركود الاقتصادي والصعوبات الاجتماعية، غير أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ظلت وفية لبلدها الأم، وواصلت دعمه اجتماعيا واقتصاديا من خلال تلك التحويلات المالية القياسية. ودأبت كل الجهات والأقاليم، خلال هذا اليوم الوطني، على تنظيم احتفالات لأفراد الجالية المقيمة بالخارج، والتي فضلت مجددا قضاء العطلة الصيفية بين الأهل والأحباب وأبناء البلد الأم، بتنظيم حفلات وتجمعات ولقاءات وندوات في كل مناطق المملكة، بحضور أبناء الوطن جميعهم، مستغلين فرصة وجودهم بين أحضان الوطن. وحسب وزارة الخارجية، فإن عدد المغاربة المقيمين بالخارج تجاوز ستة ملايين مهاجر، أنعشوا كلهم الاقتصاد الوطني، خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي عرفت تسجيل عدد تحويلات قياسيا، كما أكد ذلك مكتب الصرف. وبلغت تحويلات الجالية المقيمة بالخارج في بداية 2022، ما يفوق 30 مليار درهم، بارتفاع قياسي ناهز سبعة في المائة، علما أنها لم تتجاوز قبل انتشار جائحة كورونا، 21 مليار درهم على أبعد تقدير. واعتبرت 2021، الأفضل لحد الآن في قيمة التحويلات، إذ بلغت 93 مليار درهم، بزيادة وصلت إلى 37 في المائة، وهو رقم غير مسبوق. وتعتبر تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، أول مصدر للعملة الصعبة بالمغرب، متفوقة على مداخيل السياحة، رغم العدد الهائل للسياح الذين يزورون المغرب سنويا، إذ يؤكد ذلك الارتباط الوثيق والتاريخي لمغاربة العالم ببلدهم الأم، علما أن عددا كبيرا منهم يقضي عطلة الصيف سنويا بالمغرب، وبشكل متوال. بالمقابل، وفي سياق الاحتفال بهذه المناسبة، فإن مغاربة العالم ينتظرون أيضا ضمهم بشكل أكبر للحركة السياسية والجمعوية بالبلاد، أكثر من أي وقت مضى، كما أشار إلى ذلك تقرير النموذج التنموي الجديد، الأخير، والذي أشار أيضا إلى أن هذه الفئة، تنتظر أن يكون لها دور أكثر فعالية محليا، من خلال إشراكها في الهيآت الحكومية الاستشارية والمجالس الدستورية، منوهة أيضا بما أتى به النموذج التنموي الجديد من توصيات تخصها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الفئة تنتظر قوانين أكثر صرامة بخصوص حماية ممتلكاتها ووقف نهب "مافيا العقار" لها، لرفع منسوب الثقة لديها، ودفعها للاستثمار بشكل أكبر في بلدها الأم، دون خوف، وبحماية قانونية، ناهيك عن تبسيط المساطر القانونية والإجراءات الإدارية والقضائية. عيسى الكامحي