المهرجان الذي تحتضنه الصويرة يجدد دماءه بالمزج الموسيقي رسخ مهرجان كناوة وموسيقى العالم نفسه، موعدا سنويا للحوار والتلاقي بين الثقافات والشعوب، من خلال أنغامها وإيقاعاتها التي تنبض برائحة الأراضي التي تفرزها. وتتميز موسيقى كناوة بقدرتها على الانفتاح والامتزاج نغميا وإيقاعيا مع مختلف الأنماط الموسيقية العالمية، وهي الخلطة والوصفة السحرية التي ضمنت للمهرجان الاستمرار عبر 24 دورة، ظل فيها يجدد نفسه من خلال الامتزاج والإقامة الدائمة في ضفاف موسيقى العالم. في هذا الخاص تأخذكم "الصباح" في جولة عبر أقوى لحظات المزج الموسيقي والإقامات الفنية للمهرجان الذي تحتضنه الصويرة في الفترةما بين 22 و24 يونيو المقبل. إعداد: عزيز المجدوب الكوالي الباكستاني مع عيساوة يحضر الفنان الباكستاني فايز علي فايز، الجمعة 23 يونيو المقبل، بمنصة مولاي الحسن بالصويرة، في حفل مزج موسيقي مشترك مع فرقة الطائفة العيساوية لفاس. وسبق لفايز علي فايز أن حضر في دورات سابقة لمهرجان كناوة، وفي كل مرة يحضر فيها يبحث عن الانفتاح على نمط موسيقي تراثي، يبعث الحياة والتجدد في موسيقاه وموسيقى الطرف الآخر. ويعد فايز علي من رواد فن "الكوالي" وواحدا من أكثر ممارسيه قدرة على الانفتاح على فنانين من أجناس أخرى وآفاق موسيقية مختلفة. ينتقل فايز بسلاسة بين فن الكوالي/ الفلامينغو والكوالي/ غوسبيل، مؤسسا لحوار فني بين الممارسات الغنائية الصوتية والطقوس الدينية لمنطقتي الهند وباكستان وباقي البلدان الأخرى المجاورة. وطبع فايز مشاركاته في مهرجان كناوة في دورات سابقة، بروح التمازج والتعايش الموسيقي مع مختلف التجارب الموسيقية التي جاورها، منها مشاركته في 2010 إلى جانب الموسيقي تيتي روبين وفرقة عيساوة المكناسية، وسيواصل هذه السنة سفره الموسيقي على متن الكوالي وعيساوة نحو عوالم روحانية تنذر بمفاجآت فنية لا تنكشف إلا في حضرة الإنصات. خلطة بنكهة أفروأمريكية ألمانية يجمع المعلم عبد السلام عليكان، إلى جانب مهمته مديرا فنيا بمهرجان كناوة، خبرة طويلة في مجال "تاكنويت"، إذ عايش عبر مختلف دورات المهرجان عشرات تجارب المزج الموسيقي بين كناوة وموسيقى العالم. خلال أمسية السبت 24 يونيو المقبل، بمنصة باب مراكش، ينضو عليكان عنه جبة المدير الفني، ويرتدي زي المعلم الكناوي في لقاء فني يجمع بين الجرأة الموسيقية والصرامة الفنية والروح المفعمة بقيم الصوفية والحكمة، من خلال حفل يجمعه بالفنان والملحن والباحث الألماني تورستن دو وينكل المختص في أنماط م وسيقية متعددة مثل الجاز وموسيقى العالم والمزج والموسيقى الالكترونية، إضافة إلى أنه عازف متمكن على آلة "الكيتار" الكهربائي والكلاسيكي والسيتار والبيانو والإيقاع. كما يحضر في هذه الأمسية اسم الفنان زهير امقاس، العازف المغربي على الآلات الإيقاعية والطبول، مستثمرا تجربته الغنية التي جاور من خلالها العديد من الفرق الموسيقية المحلية إضافة إلى تجارب دولية رفقة مجموعة "ضركا" قبل استقراره في فنلندا حيث واصل مساره الموسيقي رفقة فناني الجاز. وينخرط سليمان حكيم عازف الساكسفون في هذه التجربة، محملا بتكوينه في مجال الموسيقى الأفروأمريكية ومرافقته لكبار نجوم الموسيقى العالمية، بدءا بالملحن الأمريكي ماكس راوش وكلوثر برنار أليسون وبيرسي سليدج وألاباما غوسبيل شوير وسليف كيتا وبابا مال وستيف ماك كافن وغيرهم. تاكناويت بتاء التأنيث ظل فن تاكناويت عزفا وأداء، حكرا على الرجال، طيلة قرون، واقتصر دور النساء فيه على التفاعل مع أنغامه، والخضوع لسحرها، إلا أنه في السنوات الأخيرة اقتحمت أسماء نسائية هذا الفن وأعلنت مبدأ المناصفة فيه، ليصبحن "شقائق الرجال" في "تامعلميت". وتعد الفنانة أسماء الحمزاوي واحدة من الأسماء التي فرضت حضورها بشكل لافت في حفلات كناوة بالمهرجان أو بمختلف التظاهرات الموسيقية، وتحضر في هذه الدورة عبر حفل السبت 24 يونيو المقبل بمنصة مولاي الحسن، يجمعها مع فنانات إفريقيات في وصل جميل مع الجذور السوداء لهذا الفن العريق. وتغني فرقة "بنات تومبوكتو" التي ترأسها الحمزاوي إلى جانب مجموعة "أمازونيات إفريقيا" التي تأسست في 2014 وتضم فنانات من دول إفريقية مختلفة منهن ماماني كايتا وأومو سانغاري ومريم دومبيا من مالي، والفنانة البينينية أنجليك كيدجو. وتوظف مجموعة "أمازونيات إفريقيا" أسلوبا فنيا يجمع بين التقاليد الغنائية المحلية والموسيقى الإلكترونية والفانك والبلوز، وهو ما يتجسد في الألبومين الأخيرين اللذين أصدرتهما المجموعة بعنوان "أمازون باور" و"جمهورية أمازون". أما الفنانة أسماء الحمزاوي فقد تشربت عشق تاكناويت في سن مبكرة بفضل والدها المعلم رشيد الحمزاوي، الذي رافقته في طفولتها إلى العديد من الحفلات، قبل أن تؤسس فرقتها الخاصة في 2012، وبعد خمس سنوات ستشارك لأول مرة في مهرجان كناوة بالصويرة قبل أن تتوالى مشاركاتها في بقية الدورات. نجوم من العالم و"ولاد البلاد" يتواصل حضور نجوم العالم عبر مهرجان كناوة من خلال مجموعة من الأسماء الدولية، التي ستطل على الجمهور، منها النجم كي ماني مارلي، نجل أسطورة الريغي العالمي بوب مارلي، الذي ظل وفيا لجذوره الجامايكية ومواصلا طريق والده، رغم أنه فقده صغيرا، إلا أنه فتح عينيه على واقع أنه نجل لأسطورة مع ما يشكله ذلك من مسؤولية إضافية عليه في التميز بشخصيته وتحقيق الاستقلال الفني. كما تحضر مجموعة "كناوة ديفيزيون" رفقة نجمها كاتب أمازيغ، وهي المجموعة التي تنهل من روافد موسيقية مختلفة، منها المتوسطية والإفريقية، مؤطرة بخطاب احتجاجي بنبرة حادة، لم تفقد التجربة عمقها الإبداعي والموسيقي. ويطل الفنان الكوبي إلياديس أوشوا، بأناقته السبعينية، وموسيقاه القادمة من صميم البيئة الأمريكية اللاتينية، وتجربته الفنية التي يجر من خلالها عقودا من التجاور مع رموز الغناء العالمي، مثل بوب ديلان ومانو ديبانغو وتوماني ديابيتي وغيرهم. ويشارك في الدورة كذلك الثلاثي جبران، وهم الإخوة الفلسطينيون سمير ووسام وعدنان، بعزفهم المميز على آلة العود، حاملين معهم رياح الشرق والنكبة في موسيقاهم، والإقامة الدائمة وسط الشعر خاصة تراث الشاعر الراحل محمود درويش. أما الأسماء الفنية المغربية التي تؤثث الدورة، فهناك مجموعة "هوبا هوبا سبيريت" و"باب لبلوز" و"حصبة كروف" إضافة إلى الفنان فريد غنام وفهد بنشمسي وسناء مرحاتي والعربي إمغران، ومجموعة "ناس الحال" العيساوية، ونخبة من المعلمين الكناويين، منهم باقبو وبولحيمس ورشيد بن الطير ومحمد بومزوغ وعبد النبي المكناسي وعمر الحياة ، والفنانة الصويرية الصاعدة هند النعيرة وغيرهم. القصري والأمريكي شاو من لحظات المزج الموسيقي القوية التي تتخلل دورة المهرجان، هناك اللقاء الفني بين المعلم حميد القصري والأمريكي جليل شاو والألماني تورستين دو وينكل وعازف الإيقاع مصطفى عنتري، السبت 24 يونيو المقبل، بمنصة مولاي الحسن. وجاور الفنان الأمريكي جليل شاو وعازف الساكسفون العديد من الفرق الموسيقية العالمية مثل "روي هاينس كوارتت" و"كولورز أوف دريمز"، كما حاز العديد من الجوائز، منها جائزة "بوسطن جاز سوسييتي" (1999) وجائزة الطالب المدرس المتميز، وسبق له أن شارك في دورة 2008 بمهرجان كناوة بالصويرة، إلى جانب المعلم عبد السلام عليكان. سانسي و"إل كوميتي"... المشترك المنسي يطل المعلم خالد سانسي على جمهور المهرجان مساء الخميس 22 يونيو المقبل عبر منصة مولاي الحسن، من خلال إقامة فنية تجمعه بالفرقة الكوبية "إل كوميتي". ورغم تعود المعلم سانسي على خوض مغامرات المزج الموسيقي والإقامات الفنية، من خلال انتقاله بسلاسة بين أنماط مختلفة من الرقص المعاصر إلى الهيب هوب، إلا أن ارتباطه بفن تاكناويت ظل ثابتا. أما فرقة "إل كوميتي" فتضم مواهب شابة في مجال الموسيقى الأفروكوبية، إذ تتكون من سبعة موسيقيين يجمعون بين التلحين والتوزيع. في هذه الإقامة الفنية سيكتشف الجمهور المشترك المنسي بين الموسيقى الكناوية والأنغام والإيقاعات الكوبية، وجذورهما الضاربة في عمق الحضارة الإنسانية. بقاس... خبرة السنين اعتاد الفنان مجيد بقاس ممارسة الحوار الموسيقي مع فناني العالم، من خلال تجارب مزج متعددة، أثبت فيها أن هذا النوع من الموسيقى ليس ارتجالا غير محسوب العواقب، بل هو مغامرة إنسانية وحوار بين تيارات موسيقية مختلفة الجذور والانتماءات، تتطلب حرفية عالية وحمولة روحية كبيرة. في هذه الإقامة الفنية التي سيشارك فيها بقاس مساء السبت 24 يونيو المقبل بمنصة مولاي الحسن، سيوظف خبرته في مزج الإيقاعات والأنغام الإفريقية مع نظيرتها الشرقية والغربية، في لقائه بكل من دافيد باتروا عازف "الفيبرافون" ومينينو غاراي مبدع أسلوب "سبوكن وورد"، وعازف الإيقاع مختار صامبا وأكسيل كاميل عازف الساكسفون، ضمن لحظة فنية تجمع بين المغرب وفرنسا والسنغال والأرجنتين.