حميدتي يقود قوات الدعم السريع ضد عبد الفتاح البرهان وصلت العلاقة بين جناحي المكون العسكري في السودان (الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع) إلى مستوى غير مسبوق من التوتر أدى إلى المواجهة المباشرة. وفي ما يلي لمحة عن نشأة قوات الدعم السريع وعلاقتها بالجيش السوداني. "حميدتي" وقوات الدعم السريع بدأت قوات الدعم السريع في السودان باعتبارها ميليشيا قبلية في 2003، وتطورت حتى أصبحت كيانا له صفة رسمية، ويقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي"، والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم في البلاد منذ اندلاع الثورة السودانية في 2019. وتعرف قوات الدعم السريع نفسها بأنها قوات عسكرية قومية التكوين تعمل تحت إمرة القائد العام وتهدف لإعلاء قيم الولاء لله والوطن، وتتقيد بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية، تم إنشاؤها بموجب قانون قوات الدعم السريع الذي أجازه المجلس الوطني (البرلمان) في 18 يناير 2017. وقبل أن تكتسب الصفة الرسمية، كانت قوات الدعم السريع مكونة من ميليشيات عسكرية قبلية، وهي ذاتها مليشيات "الجنجويد"، والتي قاتلت في دارفور منذ اندلاع التمرد في 2003، واستخدمها نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير لإخماد التمرد، بجانب قوات الجيش، لتصبح قوة عسكرية موازية تتكون مما يقرب 40 ألف مقاتل ومجهزة بالعتاد والأسلحة وأصبحت أحد أذرع النظام السوداني حينها القوية. وأضفى البشير الشرعية على تلك الميليشيات بإصداره مرسوما رئاسيا في 2013 بإنشاء تلك القوات بصفتها قوة تابعة للحكومة السودانية تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، للقضاء على التمرد في إقليم دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق، قبل أن تنتقل تبعيتها للقوات المسلحة بموجب قانون 2017. ووجهت إلى هذه القوات اتهامات بارتكاب العديد من الانتهاكات المسجلة، بدءا من حربها في دارفور والانتهاكات الإنسانية هناك، وحتى فض اعتصام القيادة العامة في 2019، حيث وجهت لها اتهامات باشتراكها في فض الاعتصام وقتل نحو 100 مدني، وهو ما نفاه قادة القوات باستمرار. ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قوات الدعم السريع، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أنها مكونة من 100 ألف فرد، وتمتلك قواعد عسكرية تنتشر في أنحاء السودان. أكبر الجيوش في القرن الإفريقي يقود الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن، والذي يرأس المجلس السيادي السوداني. وحسب تقارير صادرة عن منظمات دولية، يبلغ عدد القوات المسلحة في السودان حوالي 205 آلاف جندي، بينهم 100 ألف ضمن قوات عاملة، و50 ألفا قوات احتياطية، و55 ألفا قوات شبه عسكرية. وتصنف القوات الجوية التابعة للجيش، في الرتبة رقم 47 بين أضخم القوات الجوية في العالم، وتمتلك 191 طائرة حربية تضم 45 مقاتلة، و37 طائرة هجومية، و25 طائرة شحن عسكري ثابتة الأجنحة، و12 طائرة تدريب، وقوات برية تشمل قوة تضم 170 دبابة. ويضم الجيش السوداني ستة آلاف و967 مركبة عسكرية تجعله في الرتبة رقم 77 عالميا، إضافة إلى قوة تضم 20 مدفعا ذاتي الحركة تجعله في الرتبة رقم 63 عالميا، و389 مدفعا، و40 راجمة صواريخ. ويمتلك الجيش أسطولا حربيا يضم 18 وحدة بحرية تجعله في الرتبة رقم 66 عالميا، بينما تقدر ميزانية دفاعه بنحو 287 مليون دولار، وفقا لموقع "غلوبال فاير بور". واعتبرته إحصائيات صدرت في 2021، من أقوى وأكبر الجيوش في القرن الإفريقي. ويرى باحثون أن البرهان جعل ملف العلاقات السودانية الروسية وملف القاعدة العسكرية الروسية على البحر الأحمر ورقة ضغط على الغرب، يُعليها ويخفضها كلما بعد الغرب عنه أو اقترب. وبعد الحصار الغربي عليه انفتح الأخير على روسيا، خاصة بعد حرب أوكرانيا التي وقفت فيها السلطة في السودان موقفا أقرب ما يكون إلى الموقف الروسي، إذ سعى البرهان إلى استغلال ظروف الصراع الروسي الغربي لتحقيق مكاسب سياسية ومالية وخاصة في ملف تعدين واستخراج الذهب بصورة خاصة. وسارعت أمريكا في نهاية 2022 إلى فتح الجسور مع السلطة من خلال دعوتها وزير الداخلية إلى المشاركة في مؤتمر أمني تنظمه الإدارة الأمريكية، في سابقة لم تشهدها العلاقات بين البلدين خلال ثلاثة عقود خلت، كما سارعت إلى إرسال سفير أمريكي إلى السودان بعد غياب دام 25 عاما. ورأى المحللون أن سياسة أمريكا الجديدة تسترد عبرها نفوذها ومكانتها في المشهد السوداني، في ظل المتغيرات التي طرأت على السياسة الخارجية السودانية، والمتغيرات على المسرحين الإقليمي والدولي. خالد العطاوي