محاكمات غير عادية 1 خيانة بعد 18 سنة من الزواج هي قضايا غير عادية، ليست بسبب موضوعها أو خطورة الجرم المرتكب أو حساسيتها، وغيرها من الأسباب التي يمكن أن تطبع المحاكمة وتجعلها تخرج عن المألوف. المثير في هذه القضايا أن بطلاتها نساء، إما ضحايا أو مذنبات، تفنن في طريقة تدبيرها بنكهة خاصة اختلط فيها المكر والذكاء، لأجل الدفاع عن حقوقهن بشتى الوسائل، كما تمكن من شد الانتباه إليهن، وظلت قاعات المحاكم وذاكرة قضاة ومحامين وباقي ممتهني العدالة شاهدة عليها. كريمة مصلي بعد 18 سنة من الزواج، اكتشفت ليلى أن زوجها على علاقة بامرأة ثانية، كانت تلك المعلومة التي حصلت عليها على سبيل الصدفة بعد أن تصفحت صندوق الرسائل الخاص بهاتف زوجها، الشرارة التي أشعلت نار الغيرة التي تحولت إلى رغبة في الانتقام المزدوج منه، بعدما علمت أن الأمر لا يتعلق بعلاقة عابرة. لم تتخيل ليلى ولو للحظة أن زوجها يمكن أن يربط علاقة بامرأة ثانية، بالنظر إلى طبعه الهادئ وشكله الانطوائي، فهو لا يغادر المنزل إلا للعمل أو قضاء بعض الأغراض التي تكون على علم مسبق بها. بعد أن تفحصت الرسائل، شرعت في البحث عن العشيقة المفترضة للزوج، وكانت الصدمة بل الطامة الكبرى بعد أن اكتشفت أن الأمر لا يتعلق بعشيقة أو خليلة، بل بزوجة ثانية. جن جنونها للخبر الذي تلقته وحاولت في البداية التماسك، أمام أبنائها إلى حين البحث عن حل يمكن من خلاله الانتقام من الاثنين، على اعتبار أن أي إثارة للنقاش في الموضوع مع زوجها، لن تكون لها أي فائدة بالنسبة إليها. ظلت لأيام تبحث عن طريقة تمكنها من انتقام يشفي غليلها، ودون أن تثير أي شك، خاصة أن لا أحد يعلم من أقاربها أو محيطها بالأمر، واهتدت في الأخير إلى تلفيق اتهام فظيع لزوجها، لم يكن الأمر بالنسبة إليها سهلا، على اعتبار أن القضية تتطلب طرفا ثالثا لإنجاحها، وهي الضحية المفترضة، بعدما قررت اتهامه بهتك عرض قاصر، إذ اعتبرت ذلك ردا على كرامتها ومما طالها من غدر، بحثت كثيرا عن الضحية المفترضة. في محيط الأسرة لكن دون جدوى، لأن لا أحد يمكنه مسايرتها في الأمر وحتى إن وجدت ضحية بأجر، فالأمر سيكون محفوفا بالمخاطر. بعد أن تملك الغضب الزوجة وعدم قدرتها على مواجهة زوجها، لم تجد أمامها سوى ابنتها القاصر، والتي كانت دائما في خلاف مع والدها، بسبب ما تعتبره تزمتا منه في طريقة التعامل معها، استغلت الأم التي تجردت من إنسانيتها الوضع، وقررت أن تجعل من فلذة كبدها الضحية المفترضة، هو الأمر الذي لم تعارضه الفتاة، التي اعتبرت أنها بذلك تقدم خدمة لوالدتها وفي الوقت نفسه انتقامها هي الأخرى منه. بعد أن اتفقت الأم والفتاة على خطتهما الإجرامية للانتقام من الأب، فطنتا إلى مسألة مهمة، وهي أن الاتهام دون دليل لن يكون له جدوى، وقد ينقلب السحر على الساحر، كما أن دائرة الاتفاق لا يجب أن تخرج عنهما، وما كان من الأم إلا أن تعبث بالجهاز التناسلي لابنتها بواسطة عصا، حتى تتمكن من حبك الجريمة. لم تعارض الفتاة والدتها في مخططها، وسايرتها فيه، ليستفيق الأب على اتهام خطير من قبل ابنته التي قررت تقديم شكاية في الموضوع رفقة والدتها معززة بشهادة طبيبة تثبت تعرضها لهتك عرض، وهي الشهادة التي كانت صك الاتهام للأب، الذي ظل يردد أنه لم يقترب من ابنته، وأن الأمر مجرد شكاية كيدية، خاصة بعد أن علم أن زوجته قد عرفت بموضوع زواجه من امرأة ثانية، ورغم كل ذلك لم تتراجع لا الزوجة ولا الفتاة عن اتهامهما، لتنطلق فصول المحاكمة التي انتهت بإدانته.