جمعت بين القضاء والمحاماة ووهبت تجاربها وخبراتها لفائدة المجتمع زهور الحر، المحامية حاليا، والقاضية سابقا، جمعت بين خصال مكنتها من إثبات الذات، فهي التي أينما حلت تحمل معها هموم وانشغالات الإنسان والمجتمع. زهور، كانت ضمن النساء القاضيات الرائدات في العمل الجمعوي، إذ أسست جمعية تعنى بالأسرة والطفل، وهي تزاول مهنة القضاء. كانت زهور الحر أولى القاضيات اللواتي أشهرن ورقة العمل الجمعوي، معتبرة أن الانفتاح على المجتمع هو أهم روافد التوعية والتنوير والتحسيس، إذ تعتقد أن أي عمل تشريعي وأي ورش إصلاحي، لم يواكبه إحساس عارم ومشاركة لدى المجتمع، لن يجد صدى، فالتغيير الحقيقي، يستهدف القلوب والعقول، وهو القادر على بلوغ الأهداف التي تتوخاها فلسفة التشريعات. نظمت زهور الحر، الندوات وأدارت النقاشات، وكانت في كل خرجاتها مدافعة شرسة ليس عن المرأة أو الطفل أو الرجل، بل عن الأسرة ككل، فزاوية نظرها إلى موضوعات الأحوال الشخصية، عامة وشاملة ولا تقتصر على طرف دون آخر. تبوأت الحر مكانة مهمة، وأبانت عن علو كعب في كل المجالات التي اشتغلت فيها، وهو ما دفع إلى اختيارها عضوا باللجنة الملكية التي أشرفت على تعديل مدونة الأحوال الشخصية، وترى اليوم أنه آن الأوان للنظر في العديد من النقاط التي لم يحسم فيها في 2004، والتي تركت عالقة لأسباب تعود إلى المرحلة، كما تعتبر دستور 2011، والتطورات التي عرفتها الأسرة والمجتمع في العقد الأخير، كلها حوافز للإصلاح وتطوير التشريع وجعله يتماشى مع التطلعات. لا تخفي الحر تخوفها من الانغلاق والتزمت، وهيمنة الأفكار الرجعية القديمة، أو المنسوبة خطأ إلى الدين، بل تجهر بالحق في مواجهتها وتدافع عن مواقفها بكل قوة وعزم، وفي الآن نفسه بثبات واتزان، يفرضان احترام وجهة نظرها. من أشهر ما تنادي به هو تشطير المسؤولية في ما يتعلق بنسب الأطفال المولودين من علاقات غير شرعية، وعدم استساغتها أن ينسب الوليد لأمه دون المغتصب أو حتى المتورط في العلاقة غير الشرعية ولو كانت رضائية، إذ قالت بالحرف في أحد حواراتها "لا أعتقد أن الإسلام يقف عقبة أمام نسب الطفل الناتج عن علاقة جنسية غير شرعية لأبيه، وقد وقع ذلك في عهد الصحابة حيث كان ينسب الطفل إلى أبيه بالقياس، فكيف لا نأخذ نحن في عصرنا الحالي بالخبرة العلمية التي أثبتت دقتها؟". راكمت زهور الحر خبرة من خلال ممارسة القضاء، فقد اشتغلت رئيسة غرفة بالمجلس الأعلى، (محكمة النقض حاليا)، وأستاذة بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، وتقلدت منصب رئيسة للمحكمة الابتدائية لسيدي عثمان، ثم منصب رئيسة محكمة الأسرة "الأحباس"، وهي الفترة نفسها التي أسست فيها جمعية تعنى بمساعدة الأسرة والطفل، قبل أن تتقاعد وتتفرغ للعمل الجمعوي والحقوقي، بعد أن التحقت بالمحاماة. عطاؤها لا يتوقف، إذ تشارك بأفكارها النيرة وحلولها الوازنة، في كل الملتقيات، كما خصصت لقاءات مباشرة مع المواطنين في برنامج إذاعي، وأسهمت بعطائها في ندوات ولقاءات، تفيد من خلالها بما راكمته من تجارب وخبرات ولا تبخل عن العطاء والاجتهاد، ما رقاها في 2019 لأن تعين في منصب رئيسة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، في عهد حكومة العثماني. خلال كل هذا المسار الطويل، لم تدخر زهور الحر، جهدا في الدفاع عن قضايا الأسرة والطفل، وكانت بحق المدافع الشرس عنهما والناقل الأمين لمطالبهما. المصطفى صفر