المحامي والرئيس الأسبق لجمعية هيآت المحامين ناضل من أجل المهنة والحريات ما إن تذكر اسم عبد السلام البقيوي، الرئيس الأسبق لجمعية هيآت المحامين بالمغرب، حتى تنساب كل معاني الإيثار والنضال وحب الغير وليس الذات. محام كرس حياته حتى آخر لحظة للمهنة والوفاء بالالتزامات التي يضعها على عاتقه. حبه لمهنة المحاماة وللحقوق والحريات بصم تاريخ حياته. ازداد النقيب الأسبق لهيأة المحامين بطنجة في 31 ماي 1956، وعاش اليتم وهو لم يتجاوز العشر سنوات، حيث سهرت أمه الريفية، كما كان يفتخر بتسميتها، على تربيته وتعليمه وتوجيهه. وبعد إنهاء دراسته الابتدائية بمدرسة موسى بن نصير وثانوية مولاي سليمان بطنجة وحصوله على شهادة البكالوريا سنة 1975 التحق بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، حيث انخرط للتو مناضلا في حزب الاتحاد الاشتراكي ومناضلا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إبان الحظر. الريفي الذي استوطن والده مدينة طنجة، وولد فيها وبالضبط في حي بني مكادة ، كانت له انتماءات سياسية وحقوقية منذ دراسته الجامعية، وساهمت كثيرا في اختياره لمهنة المحاماة، إذ أدى اليمين القانونية في 27 يوليوز 1982، والتحق متمرنا بمكتب الأستاذ أحمد بوسلام، وقبلها عمل في محكمة الاستئناف بتطوان في إطار الخدمة المدنية، وساهمت تلك الفترة في إغناء رصيده المعرفي والقانوني وتجربته العملية، ويتأسف البقيوي كثيرا عن إلغاء تلك الخدمة المدنية التي كانت تساهم بشكل كبير في التكوين العملي للمستفيدين منها. مساره المهني بمهنة المحاماة التي كان يفتخر بالانتماء إليها ابتدأ في 1982، ومن اليوم الأول كرس حياته لخدمة المهنة وتنمية مداركه المعرفية، ولم ينقطع حضوره عن جل الأنشطة المهنية من مناظرات وندوات وموائد مستديرة ومؤتمرات، وهو ما ساعده على التدرج في السلم المهني ابتداء من كاتب لجمعية المحامين الشباب بطنجة إلى عضو مجلس هيأة المحامين، ثم نقيب لها إلى رئيس لجمعية هيآت المحامين بالمغرب. بالموازاة مع المسار المهني الحافل بالإنجازات كرس الحقوقي الجانب الثاني من وقته للنضال الحقوقي، فبمجرد حصوله على الإجازة في العلوم القانونية في 1979 انخرط في هيكلة العمل الجمعوي والحقوقي في سنوات ما كان يعرف بسنوات الجمر والرصاص، ومن الأعضاء المؤسسين للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تولى بها مسؤوليات عدة طيلة حياته، كما كان من الأعضاء المؤسسين لفرع المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف بطنجة، ومن الأعضاء المؤسسين لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إذ تم اعتقاله سنة 1997 وهو كاتب إقليمي للحزب، حين كان يوزع مناشير تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، ناهيك عن مشاركته في تأسيس العديد من جمعيات المجتمع المدني، منها جمعية ضحايا الغازات السامة بالريف. عرفت جمعية هيآت المحامين في عهده إشعاعا قل نظيره، إذ لم تهتم بالجانب المهني الصرف أو الثقافي، بل امتد اهتمامها إلى الجانب الحقوقي والسياسي والشأن الوطني، وكانت له مواقف قوية في شأن إصلاح المهنة من خلال ترؤسه للجنة إصلاح مهنة المحاماة المشتركة بين وزارة العدل والحريات وجمعية هيآت المحامين بالمغرب، سواء حينما كان رئيسا للجمعية أو في الفترة الموالية لرئاسته، إذ استطاع أن يطبعها بمواقفه الجريئة التي ظلت شاهدة على صدق الرجل وغيرته على المهنة وعلى العدالة بصفة عامة، حتى آخر يوم في حياته بعد أن وافته المنية في 2017، إثر وعكة صحية لم تمهله كثيرا. كريمة مصلي