يتجاوز عمرها 110 سنوات وتعتبر تراثا لاماديا لصناعة التشريع توجد المطبعة الرسمية في قلب الحي الإداري بالرباط، قبالة باب القيادة بالقصر الملكي العامر، وعلى الجهة الخلفية توجد وزارات الاقتصاد والمالية، والتجارة والصناعة، والفلاحة والصيد البحري والداخلية والأمانة العامة للحكومة. تحتضن بناية قديمة بهندسة متناسقة وبسقف عال ومساحات كبيرة، المطبعة، التي تضم مطابع قديمة لم تعد صالحة للاستعمال، واعتبرت مثل أرشيف لتتبع التاريخ التقني لعمل المطبعة الرسمية، إذ في الجانب الأيمن من الباب الرسمي، توجد آلة طباعة استوردت من إنجلترا ومكتوب عليها لندن، وأخرى كانت تستعمل بالرصاص في تصفيف مواد الجريدة بالحروف اليدوية النحاسية المفككة. أحمد الأرقام/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) صدر العدد الأول من الجريدة الرسمية بتاريخ فاتح فبراير 1913، أي قبل 110 أعوام من الآن، وما زالت تطبع، تقريبا، بالتبويب نفسه، الذي صدر من خلاله العدد الأول، مع تغييرات في شكل الخط، وعدم استعمال الألوان في طباعة الجريدة الرسمية كي تحافظ على حلتها الأولى، واستبدال الدولة المغربية الشريفة المحمية، المتصدرة لصفحتها الأولى، بالمملكة المغربية. أكثر من قرن من الطبع تعتبر المطبعة الرسمية، مديرية تابعة للأمانة العامة للحكومة، تتولى مهمة طبع الجريدة الرسمية للمملكة، وتنفذ جميع أعمال الطبع لحساب الإدارات العمومية كما تحرص على سحب مشاريع القوانين الحكومية أو مراسيم القوانين التي تودع لدى مكتب أحد مجلسي البرلمان (النواب والمستشارون)، وعلى إعداد مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية ضمن سلسلة " الوثائق القانونية المغربية". وبالنظر إلى طبيعة المهام الموكولة لها، فإن المطبعة الرسمية تلعب دورا أساسيا في نشر المعلومة القانونية، من خلال الجريدة الرسمية، التي تعتبر المرجع الرئيسي لإصدار النصوص التشريعية والتنظيمية، التي يشكل مضمونها ترجمة للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة في مختلف المجالات. الخطأ ممنوع تشتمل الجريدة الرسمية على خمس نشرات، أربع تصدر باللغة العربية وهي النشرة العامة تدرج فيها القوانين، والنصوص التنظيمية، والقرارات والوثائق التي تفرض النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل نشرها في الجريدة الرسمية، ونشرة الاتفاقيات الدولية تدرج فيها نصوص الاتفاقيات الدولية، ونشرة الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية، ونشرة الإعلانات المتعلقة بالتحفيظ العقاري، بالإضافة إلى نشرة الترجمة الرسمية التي تصدر باللغة الفرنسية. وتشتغل أقسام المطبعة الرسمية التابعة للأمانة العامة للحكومة، بدون توقف، بحركة دائمة للأطر التي تراقب وتتابع وترفض أن يصدر أي عدد متضمنا لأخطاء، لأنه لا يوجد تصحيح أو مقال توضيحي، أو رد تكذيبي، فهي طبعا جريدة رسمية، يتوخى القائمون عليها الدقة العالية في العمل والاستدراك والتصحيح قبل الإصدار النهائي. ويسعى مديرو ومسؤولو مصلحة نشرات الجريدة الرسمية، وفرع المعالجة المعلوماتية للنصوص، والإنتاج والتوزيع، والتسويق والتوزيع، ومصلحة معالجة المنشورات، إلى الوقوف على طريقة تدبير عملية النشر في موعدها المحدد، وهي النشرة العامة، ونشرة الترجمة الرسمية، ونشرة الاتفاقيات الدولية، ونشرة الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية، ونشرة الإعلانات المتعلقة بالتحفيظ العقاري. ويشتغل فرع المعالجة المعلوماتية للنصوص، على معالجة ما يصفف في المراحل الأولى لإعداد الجريدة الرسمية باستخدام برنامج "الإنديزاين"، وهو برنامج معلوماتي متطور يستخدم في إعداد الصحف والنشرات والكتب، وبفضله تطور أداء المطبعة بشكل كبير. ويستوعب هذا البرنامج جميع الصيغ المرسلة إليه، ولكن رغم ذلك يتم الاعتماد على النسخة الورقية وأخذ الصور لإعادة الكتابة، فيما يعتبر الساهرون على تدبير المطبعة أن الصيغ الإلكترونية في إرسال القوانين ذات أفضلية لتسريع وتيرة العمل في الإصدار، وهو ما يسهل أيضا عملية الأرشيف. وتتوصل المطبعة الرسمية في الغالب بالنصوص القانونية في شكل ورقي، وليس في نسخة إلكترونية. وبفضل البرنامج المعلوماتي الجديد الذي تتوفر عليه المطبعة، يتم استيعاب جميع أنماط النصوص التي يتم التوصل بها، ورقية كانت أم إلكترونية. الرقمنة لا تتوصل المطبعة الرسمية في الغالب من الإدارات المعنية بالنسخة الإلكترونية، ما يتطلب وقتا إضافيا في عملية إعداد النصوص، لذلك سارع القائمون على الطبع إلى الانتقال من الخدمات التقليدية إلى الخدمات الإلكترونية، وذلك من خلال تعزيز البنية الإلكترونية ببرامج متطورة على غرار برنامج "الإنديزاين". وتتجه الأمانة العامة للحكومة نحو إضفاء الطابع الرقمي على تدبير عملها، إذ أعدت برنامجا مفتوحا سينطلق العمل به هذه السنة، من أجل تدبير الزمن التشريعي ككل، منذ بداية إنشاء النص، سواء ما بين الأمانة العامة للحكومة والبرلمان، أو الأمانة العامة والمجالس الدستورية، مثل المحكمة الدستورية، أو المجلس الأعلى للحسابات، لتسهيل العمل المشترك بينها. وستذلل الرقمنة الصعوبات التي يجدها الباحثون في الولوج إلى مجموعة من النصوص القانونية المنشورة ورقيا. كما أنها ستسهل دمج (consolidation) النصوص القانونية، حتى يجد الباحث جميع النصوص المرتبطة متضمنة في ملف واحد. وتمر نصوص القوانين التي تتوصل بها المطبعة الرسمية بمجموعة من المراحل، إذ بعد تسجيلها وتهيئتها، تتم إحالتها على قسم المعالجة المعلوماتية، ثم تجري عملية تركيب الصفحات على شكل مسودة، بعد إخضاعها للتصحيح.وإذا كانت ثمة ملاحظات بشأن النصوص المتوصل بها، يجري التواصل بشأنها مع مديرية التشريع في الأمانة العامة للحكومة، ولا يتم طبع أي عدد إلا بعد التأكد من خلو النصوص من أي عيوب أو أخطاء، والحصول على الإذن بالسحب من المديرية. وتصدر الجريدة الرسمية بوتيرة مضبوطة جدا، إذ تصدر النشرة العامة كل اثنين وخميس من كل أسبوع، وتصدر نشرة الترجمة في الخميس الأول والثالث من كل شهر، ونشرة الاتفاقيات الدولية في الثلاثاء الأول من كل شهر، بينما تصدر نشرة الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية وتلك المتعلقة بالتحفيظ كل أربعاء. ويصل العدد الإجمالي لنسخ نشرات الإعلانات التي تصدرها الجريدة الرسمية في أحيان إلى 2600 نسخة، وهو ما يبرز حجم المجهود الكبير الذي يقوم به طاقم المطبعة الرسمية، إذ تلعب الموارد البشرية، إناثا وذكورا، دورا محوريا في المطبعة، وهي الموارد التي تخضع لتكوين مستمر وتستحق عناية مادية خاصة، علما أن المطبعة تعاني خصاصا، ما يستوجب تخصيص إمكانيات مالية إضافية لتوظيف العنصر البشري في المطبعة كما في الأمانة العامة للحكومة، لتسريع وتيرة العمل بحكم الهيكلة الدقيقة التي تدبر بها الوزارة والمطبعة معا.